الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التكنولوجيا الحديثة تتجه إلى تطوير طائرات دون ضجيج

التكنولوجيا الحديثة تتجه إلى تطوير طائرات دون ضجيج
14 ابريل 2012
يبدو أن التطور التكنولوجي الذي نعيشه في أيامنا الحالية هذه، تجاوزت مراحله وبعشرات المرات، جميع المراحل التي أعتقد أنه قد وصل إليها وأصابها، وإذا كنا بالأمس قادرين على معرفة الخطوط الحمراء التي لا يسمح بتجاوزها، فاليوم باتت مثل هذه الخطوط «الخطيرة»، أمراً ليس بمقدورنا التحكم فيه أو حتى الوصول إليه، لتعطيله أو التخفيف من حدته، فتكنولوجيا اليوم التي جاءت على كل صغيرة وكبيرة في أمور حياتنا، تسير اليوم بخطوات ثابتة وسريعة، لم نعد قادرين على اللحاق بها، ولم يعد حتى مخترعيها قادرون على إيقافها أو صد مدها القوي، الذي أصابنا نحن المستهلكين بشكل مباشر، وجعلنا نعيش في دوامة إلكترونية، تتلوها دوامة تقنية، تليها أخرى تكنولوجية... وهكذا. أصبحت العلوم التكنولوجية اليوم، من الكثرة بحيث أصبح من الصعب إدراكها، أو معرفتها جميعا، وباتت التخصصات في هذه العلوم تنافس التخصصات في المجالات الأخرى المختلفة، ونظراً لسرعة التطور التكنولوجي الذي نشهده اليوم، أصبحت هذه التكنولوجيا تبحث عن البدائل العديدة والمختلفة في جميع مناحي الحياة المختلفة، لتتمكن من الاستمرار في التطور، ولتتمكن من متابعة تقديمها لكل ما هو جديد ومهم، يفيد البشر في المرتبة الأولى ويفيد عالمنا وأرضنا في المرتبة الثانية. علم البيونيك يمكننا اعتبار المُصطلح «بيونيك/ Bionics» بأنه يتألف من كلمتين الأولى «بيو» والمأخوذة من بيولوجيا أو علم الأحياء، والثانية «نيك» المأخوذة من النصف الأخير لكلمة تكنيك أي «التقنية»، وذلك بحسب ما جاء في مجلة دايل أب. وهذا يلخص علم «البيونيك» المرتكز على اقتباس تطبيقات صناعية من مُراقبة الكائنات الحيّة، والظواهر الحيوية المختلفة، فخلاصة ما يقوم به المُهندسون اليوم هي إنجازهم دراسات علمية تستفيد وتُحاكي خلق السموات والأرض مستعينين بالفلاسفة وعُلماء الطبيعة والمصممين ليقوموا بتطوير التطبيقات التقنيّة والصناعيّة كالطائرات، السيّارات، الرادارات، وغير ذلك. وبمعنى آخر هو العلمٌ الذي يقوم على محاكاة الباحثين للطبيعة في مجال التكنولوجيا، والذي يدرس إمكانية تطبيق العمليات البيولوجية في «التكنيك» أي التقنية، وعلم الفضاء، وببساطة هو فرع من فروع الهندسة يحاول فيه المهندسون تقليد الطبيعة. طائر البومة اهتم العديد من العلماء خصوصاً المهتمين بعلم «البيونيك»، بالعديد من الطيور التي تعيش في وقتنا الحالي، ولعل أهم هذه الطيور، التي تناوب على دراستها العشرات من العلماء، وهي التي يمكن تعلم الكثير منها ومحاكاتها هو طائر البومة، إذ يحظى هذا الطائر باهتمام الباحثين في مجال هندسة الطيران والسيارات والكاميرات. وركزت الوكالة الألمانية «دي دبليو» المتخصصة في علوم التكنولوجيا على هذا الطائر من خلال التقرير الأخير الذي نشرته بخصوص، محاولة تعلم العلماء كيفية طيران هذا الطائر، ومحاولة تطبيق آلية الطيران هذه على طائرات مصنعة من قبل البشر، حيث لاحظ الباحثون أن صوت البومة يُسمع بوضوح في الليل، لكنْ، لا يُسمع صوتُ جناحيها حين تطير وتنقض على فريستها، بينما يُسمع صوت أجنحة الحمام والطيور الأخرى بوضوح. لكن! الأمر سيان بالنسبة للحمام إن سمع أحد صوت رفرفة جناحيه حين يطير أم لا، أما البومة فسماع صوتها وهي تطير يشكل بالنسبة إليها مسألة حياة أو موت؛ لأن الفريسة قد تهرب وتختبئ إذا سمعت صوت جناحيها. ويعلل عالم الأحياء توماس باخمان ذلك قائلاً: «تصطاد البومة في الليل، حيث تكون المعلومات المرئية محدودة. لذلك تخصصت البومة بتحديد مكان فريستها عبر حاسة السمع، وهذا ممكن فقط إذا طارت بشكل غير مسموع». أسئلة محيرة كيف تتمكن البومة من فعل ذلك؟ وهل يمكن لصناعة الطائرات الاستفادة من هذه الخاصية؟ درس توماس باخمان ديناميكا الهواء لجناحي البومة حين تطير في جامعتي داجمشتادت وآخن بألمانيا، وقد لاحظ أن وزن بومة الحجاب يساوي وزن الحمامة، إلا أن جناحيها أطولُ بكثير من جناحي الحمامة وأكثرُ انحناءً، ويقول إن هذا يتيح للطائر الارتفاع بشكل أفضل في الجو حتى مع سرعة بطيئة. في حين يتوجب على الطيور الأخرى الرفرفة بأجنحتها أكثر كي تبقى في الجو. ويضيف «هكذا يقل احتكاك الريش ببعضه البعض، فلا يُسمع لأجنحة البومة ضوضاء تقريباً». ولا يقتصر الأمر على طول الجناحين وشكلهما المنحني، بل إن ريش البومة يختلف عن ريش الحمامة والطيور الأخرى، فمقدمة ريشة الجناح تكون معقوفة قليلاً وسطح الريشة أملس جدا، ويقول توماس باخمان، إن هذا «يؤثر على انسياب الجناح بشكل يجعل تيار الهواء يلتصق بالجناح ويقلل من الاضطرابات أثناء الطيران». إذن، كوْنُ الريش معقوفاً في المقدمة والسطح الأملس يحولان دون حدوث اضطرابات. وهذا يساعد على تدفق التيار الهوائي وانسيابه والذي يؤدي توقفُهُ إلى سقوط الطائرات. طبعاً لا يمكن نسخ ُهذه الخصائص لجناح البومة وتطبيقها على جناح الطائرة؛ لأن سرعة البومة، حين تصطاد، تبلغ عشرةَ إلى خمسة عشرَ كيلومترا في الثانية فقط، لكن يمكن الاستفادة من المبادئ الفيزيائية لإنتاج المراوح وألواح لطواحين الهواء وتوربينات هادئة لا تحدث ضجيجا. الطائرات تحاكي الطيور لقد استفادت صناعة الطيران من أجنحة الطيور الأخرى من خلال ما يسمى بالجنيحات الصغيرة التي تقلل الدوامات الهوائية. هذه الدوامات تبقى لعدة كيلومترات خلف الطائرة وتسبب اضطرابات شديدة في الجو وتقلل بالتالي من سرعة الطائرات. وقد نسخ المهندسون هذه الجنيحات الموجودة فوق جناح الطائرة من أجنحة الطيور الكبيرة مثل النسر والعقاب واللقلق. وعندما يطير أحد هذه الطيور «تنشأ في مقدمة الريشة دوامة هوائية صغيرة وهذا يقلل من مقاومة الجناح»، كما يقول باخمان. السيارات تحاكي الطيور يسعى مهندسو السيارات، إضافة إلى مهندسي الطائرات والكاميرات، للاستفادة من البومة. فالدهن الذي تفرزه غدة الزَنكى أو غدة العُصعوص، لدى البومة، يمتاز بسيولته وبجودته كزيت للتشحيم. وقد نجح العلماء الألمان بالتعرف على الشيفرة الجينية لهذا الزيت، وقد يأتي اليوم الذي ينجحون فيه بتعديل أحد النباتات وراثيا وجعله ينتج زيتا يشبه دهن غدة الزنكى لدى البومة واستخدامه لتشحيم السيارات.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©