الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ماء طاجيكستان وطموح دوشنبه السياسي

ماء طاجيكستان وطموح دوشنبه السياسي
3 سبتمبر 2008 02:09
يحتوي النقش الكتابي، المحفور على الجزء العلوي من النفق الواقع، أسفل سد ''نوريك'' الهائل -يقوم في جنوب وسط طاجيكستان- على جملة قصيرة ودالة في الوقت ذاته تقول '' الماء أصل الحياة'' وتأتي مياه نهر ''فاخش'' الباردة المتدفقة بقوة أمام السد، كي تجعل الرائي يتخيل أنها تشكل علامة تنقيط بصرية تؤكد مضمون الجملة السابقة· في ''طاجيكستان'' التي توفر زهاء 60 في المائة من مجموع المياه الموجودة في آسيا الوسطى، لا تعتبر هذه الجملة مجرد جملة مكررة لا معنى لها، لأن الماء في الحقيقة هو مصدر حياة تلك الدولة الجبلية التي تفتقر إلى الصناعة والثروات الطبيعية، التي تنعم بها جمهوريات آسيا الوسطى السوفييتية السابقة؛ لهذا السبب تحديدا يرهـــن الرئيس الطاجيكي ''إمــام علي رحمانوف'' آمال بلاده الاقتصادية، وربما مستقبلها السياسي، على تنمية إمكانيات بلاده في توليد الطاقة الكهربائية من الميــاه· كما أن هناك في الوقت الراهن ثلاثة مشروعات لبناء سدود قيد الإنشاء أو قيد النظر من أهمها سد ''روجن'' الهائل الذي سيقام على نفس النهر في موقع يبعد مسافة طويلة عن السد الحالي؛ ويقول المسؤولون ''الطاجيك'' إن لديهم آمالا في بناء ما يزيد عن 20 محطة وسدا لتوليد الطاقة الكهربائية؛ غير أن ثمة عددا من العقبات الكأداء، التي ينبغي تجاوزها، حتى تتمكن طاجيكستان من بلورة خططها المستقبلية الطموحة في مجال توليد الطاقة الكهربائية من مصادر المياه؛ أولها أن هذا البلد يقع في منطقة زلزالية، وهو ما يحتم بناء السدود بطريقة تجعلها قادرة على تحمل الهزات الأرضية الرئيسية الناتجة عن النشاط الزلزالي؛ ومن المتوقع أن يُجرِي المسؤولون دراسات تعرف بدراسات التأثير البيئي، لتحديد ما إذا كانت هناك أي مجموعة نباتية أو حيوانية سوف تتعرض للتهديد جراء بناء تلك السدود· من ضمن العقبات التي يتعين التغلب عليها أيضا، أن الحكومة الطاجيكية غارقة بالفعل في الديون وليس أمامها سوى السعي للحصول على استثمارات أجنبية لبناء السدود المطلوبة؛ ويشار في هذا السياق، إلى أن الصين قد وافقت الأسبوع الماضي على بناء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية بقيمة 300 مليون دولار تتراوح طاقتها مابين 160 إلى 220 ميجاوات؛ غير أن المسؤولين الطاجيك يقولون إنهم يحتاجون إلى استثمارات أكبر من ذلك بكثير وأن سد ''روجن'' وحده سيتكلف ما يقرب من 3,2 مليار جنيه؛ يضاف إلى ذلك أن السياسات المائية المعقدة في المنطقة، حيث تختلف أهداف واحتياجات دول المنبع والمصب اختلافا بينا، معرضة للتفاقم· وعلى الرغم من أن ''طاجيكستان'' تبدو في الوقت الراهن وكأنها قادرة على تدبر أمرها، إلا أن الحقيقة هي أنه قد تتحول لدولة فاشلة، كما يقول بعض الخبراء والدبلوماسيين الغربيين الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم نظرا لحساسية الموضوع؛ فالبلد لم يفق بعد من تداعيات الحرب الأهلية المدمرة التي تعرض لها منذ عقد تقريبا: فخزائن الدولة خاوية، والحكومة غير قادرة على الوفاء بالاحتياجات الأساسية للشعب، كما يذهب إلى ذلك الكثيرون؛ وتأمل حكومة ''رحمانوف'' أن تؤدي مشروعات السدود التي تزمع إنشاءها، إلى حل كافة مشكلات الطاقة التي تعاني منها، فتلك المشروعات لن توفر كافة احتياجاتها من الطاقة فحســب، ولكن ستتيح لها أيضا إمكانية تصدر الفائض منها إلى الدول المجاورة التي تحتاج إليها بصورة ماســة· يعلق ''جون مورجان'' -المسؤول بالوكالة المسؤولة عن برامج المساعدات الأميركية للدول الأجنبية وخبير الطاقة- على ذلك بقوله: ''إنها لفكرة طيبة، فالطاقة الكهربائية المولدة من الماء هي واحدة من المصادر القليلة التي يمكن لطاجيكستان استغلالها، علاوة على ذلك، يمكن لخطوط الكهرباء أن تمتد من هنا إلى أفغانستان وباكستان وهما دولتان تعانيان من الاحتياج الماس للطاقة، كما يمكن أيضا أن تمتد إلى بقية دول آسيا الوسطى''· ولكن المستثمرين الأجانب والمانحين الدوليين يبدون تخوفا من الاستثمار، أو منح القروض إلى طاجيكستان، وهو ما يرجع إلى الخلل الوظيفي والفساد المتفشيين في هذا البلد، واللذين كشف عنهما تقرير لصندوق النقد الدولي صدر حديثا، جاء فيه أن طاجيكستان قد قدمت بيانات مالية خاطئة إلى البنك في ست حالات على مدار العقد الماضي· وقد دفع إحجام المستثمرين والمانحين الدوليين عن مد يد المساعدة إلى طاجيكستان، رئيسها'' رحمانوف'' إلى مناشدة الموظفين الطاجيك التخلي عن رواتب شهر-ما يعادل 10 ملايين دولار- من رواتبهم من أجل تمويل المرحلة الإنشائية الأولى في السد· يتعين بالإضافة لذلك حل كافة المسائل والقضايا المعلقة بين دول المنطقة والمتعلقة بنسب توزيع المياه المخصصة لكل دولة؛ وهذه المشكلة شديدة التعقيد في هذه المنطقة، وتصل لدرجة التهديد بنشوب حرب؛ فدول المصب مثل أوزبكستان، على وجه الخصوص، تعارض الخطط الطاجيكية لبناء السدود من أجل توليد الطاقة الكهربائية، ووصلت الخلافات بين الدولتين حول هذا الأمر إلى درجة دفعت بعض الدبلوماسيين الغربيين العاملين في المنطقة إلى القول، بأن هناك حربا باردة غير معلنة بين البلدين· يحاول أحد الدبلوماسيين الغربيين العاملين في العاصمة ''دوشمبيه'' تفسير هذا الوضع بصورة مختصرة بقوله: ''المشكلة هنا هي أن الأوزبك يعتقدون أنه كلما زاد عدد السدود التي يبنيها الطاجيك على النهر، فإن ذلك سيزيد من سيطرتهم على المياه ويقلل من الكميات التي تحتاجها بلدهم بصورة ماسة''· ديفيد إل· ستيرن- طاجيكستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©