الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

جديد سمير برقاوي

جديد سمير برقاوي
3 سبتمبر 2008 02:12
صدرت عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في الأردن المجموعة القصصية الثانية للكاتب الأردني سمير البرقاوي وحملت عنوان ''الدقائق الخمس الأخيرة من عمر الكون''، والبرقاوي من الأصوات التي تحسب على جيل التسعينيات القصصي، فقد أصدر مجموعته الأولى (ذاكرة الرماد) عام 1992 ولكن اسمه ظل مغمورا بعض الشيء لأسباب ترجع إلى الواقع الثقافي العام الذي لا يفرز على نحو سليم، ولا تتوفر فيه آليات كافية للتعريف بالأصوات الجديدة، كما أن الكاتب لم يبذل جهدا في التعريف بنفسه وأدبه، بل فضّل أن يظل بعيدا عن البؤر والمراكز الثقافية الفاعلة على الأقل في الجانب الإعلامي الذي يعرف بالأدباء ويسهم في تقديمهم إلى المهتمين وإلى الجمهور العام· ومع كل ذلك فإن من يتابعون حركة القصة في الأردن يعرفون اسم سمير البرقاوي ويقدرون كتابته وتجربته، فمجموعته الأولى مجموعة جيدة تدل على كاتب واع متمكن من أدواته، ولكنها لم تروّج ولم تنشر في طبعة مناسبة ليعرفها المهتمون والقراء· ونأمل لمجموعته الثانية حظا أوفر من الذيوع والانتشار، خصوصا وأنها خطوة مكملة ومتقدمة على مجموعته الأولى· وإذا كان البرقاوي يعتني إلى حد كبير بقصته من الناحية الجمالية، فإن هذه الدقة لا تخفي مقدار الغضب والاحتجاج الذي ينطلق منهما في مجمل كتابته، وهو ما يظهر في قصصه في المجموعة الأولى والمجموعة الجديدة، إنه يسير فيما أسّس له وانطلق منه، ذلك أن القصة عنده تنهض بوظيفة الاحتجاج والاعتراض على مسار الواقع والعالم الراهن، وهي أيضا سبيل من سبل التنوير وكشف عيوب عالمنا، العالم الذي سماه غسان كنفاني: عالم ليس لنا· والبرقاوي من هذه المدرسة الكنفانية التي تقرّ بقيمة الفن وشروطه في الكتابة، ولكنها لا تبتعد بالأدب عن هموم الناس ومشكلاتهم ولا تدخل في دهاليز الذات وتعاريجها إلا بمقدار ما يضيء هذا الدخول صلة الإنسان بالعالم الراهن ومشكلاته وهمومه· وثمة أمارات كثيرة على مبلغ تأثيرات كنفاني، منها الإشارة إلى عبارة كنفاني التي ذكرناها في إحدى قصصه، والانطلاق من دلالتها العميقة في عدد من القصص التي تركز على اغتراب الإنسان الحقيقي وسط عالم مزور هيمن عليه الأفّاكون واللصوص· ومنها العودة إلى رمزية النبات وبلاغته في قصة (الغاردينيا) فقد بدا أن النبتة ذبلت وماتت وقت انشغال صاحبها بأخبار الحرب، ولكنها عادت لتبرعم من جديد رغم أن كل الزائرين علقوا على وجودها الجاف ونصحوا الرجل بالتخلص منها فنقلها من المكتبة إلى الشرفة، حتى فوجئ بها تطلق براعمها من جديد· وهي تذكرنا برمزيتها على تجدد الحياة والثورة والأمل بعرق الدالية الذي بدأ جافا في أول قصة (أم سعد) عند كنفاني، واستنكر الراوي جفافه ولم ير فيه إلا قطعة جافة من الحطب، ولكن العرق برعم في نهاية القصة رمزا للحياة الجديدة الطالعة·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©