السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موارد المياه الأفغانية: إهدار وغياب للإدارة

موارد المياه الأفغانية: إهدار وغياب للإدارة
20 يونيو 2010 23:26
لثلاث سنوات متتالية، يقف"زبير أحرار" في فصل الربيع عاجزا، وهو يرى مياه الفيضان تجتاح في كل مرة حوالي 1500 متر من أرضه، أي خمس مساحــة ملكيتـه الزراعية. ويقدر "أحرار"، وهو مصمم سدود تحـول إلى مزارع، أن بناء سد للتحكم في مياه الفيضان، وحماية أرضه، وأراضي المئات من المزارعين في القرى المجاورة، من التآكل التدريجي، سوف يحتاج إلى ما لا يقل عن مليون دولار أميركي. لجأ "أحرار" إلى وزارة الري الإقليمية التماسا للعون، لكن المسؤولين قالوا له إنهم يستثمرون في أماكن أخرى، وأن عليه حل المشكلة بنفسه. ونظرا لعدم قدرته على توفير المبلغ اللازم لبناء السد، فإن "إحرار" وجيرانه من المزارعين لم يعد أمامهم من خيار سوى السعي للحصول على عون خارجي أو ترك أراضيهم. تركت الحروب التي تواصلت في أفغانستان على مدى ثلاثين عاما قنوات الري بها في حالة يرثى لها بعد انسداد وتآكل معظمها. وقد جعل هذا الفلاحين يشعرون بوطأة الإهمال الذي استمر عقودا. فبالإضافة للتآكل، يفتقر المزارعون أيضا للموارد المطلوبة لبناء القنوات القادرة على ري مساحات واسعة من الأراضي في بلد يعتمد ثلاثة أرباع سكانه على الزراعة. ولكي تتطور أفغانستان، يتعين عليها أن تجدد بنيتها المائية، بيد أن القيام بذلك يمكن أن يكون سببا في إثارة التوتر مع الدول المجاورة، التي أصبحت تعتمد على المياه الفائضة المتدفقة من أفغانستان. هذه النقطة يعلق عليها "الآن كيلي"، نائب "مدير بنك التنمية الآسيوية" في أفغانستان، الذي خصص مبلغ 400 مليون دولار كمنحة لتطوير مشروعات الري في البلاد حيث يقول: "المؤكد أن الزراعة تعد محركا اقتصاديا مهما في هذه المرحلة... وتطوير نظام الري مسألة جوهرية بالنسبة لتطوير ونمو القطاع الزراعي، وبدون ذلك سوف يستمر نظام الري في التدهور، ويستمر بالتالي الفقر المدقع الذي ينتشر على نطاق واسع في البلاد". وأفغانستان لا تواجه نقصاً في المياه، وإنما تواجه مشكلة في نقل تلك المياه إلى المناطق التي تحتاجها. فثلثا مياه أفغانستان تضيع وتتدفق نحو إيران، وباكستان، وتركمانستان وغيرها من الدول المجاورة. وتقدر الحكومة الأفغانية أن هناك حاجة لما يزيد عن 2 مليار دولار لإعادة تأهيل أهم أنظمة الري بالبلاد. ويقول "خليل انتظاري"، مدير دائرة الري في "هيرات" التابعة لوزارة الزراعة، إن الفلاحين أناس فقراء "لا يستطيعون شراء بعض الماكينات اللازمة لحفر القنوات... وإذا لم نحل المشكلة من جانبنا فستستمر في التفاقم على نحو تدريجي، وسيستمر المزارعون في هجر أراضيهم". وقد بدأت بالفعل واحدة من أكبر المحاولات لمعالجة تلك المشكلة في ولاية "هيرات"، في موقع على الحدود مع إيران، حيث تمول الهند بناء سد بتكلفة 180 مليون دولار. وهذا السد المسمى "سد السلام" سوف ينظم جريان مياه النهر المقام عليه خلال موسم الفيضان، وتقليل كمية المياه التي تتدفق من نهر "هاري رود" إلى إيران وتركمانستان من 300 مليون متر مكعب في العام، إلى 87 مليون متر مكعب فقط. ويقول "فيصل أحمد ذاكري"، مدير قسم إدارة المياه بوزارة الطاقة والماء في "هيرات"، موضحاً أهمية ذلك السد، "لم نكن قادرين في أي وقت على إنقاذ مياهنا أو التحكم فيها أو أن يكون لدينا أي نظام جيد لإدارة المياه، يعمل على توجيهها نحو الأراضي التي تحتاجها". وعندما يكتمل بناء هذا السد في سبتمبر 2011 فالمتوقع أن يؤدي هو ومشروع القنوات التي ستقام بعد ذلك إلى زيادة كمية الأراضي الزراعية، التي يستطيع الفلاحون زراعتها، بما يزيد عن الضعف لتصل 80 ألف هكتار. ويقدر "ذاكري" أيضا أن السد سوف يؤدي إلى زيادة أعداد العاملين في المجال الزراعي بنسبة 20 في المئة، وإلى رفع الأجور المحلية من 3 إلى 7 دولارات يوميا. وفي الوقت الذي تحسن فيه أفغانستان نظام الإمداد بالمياه لديها، فإنها سوف تضطر أيضا إلى معالجة التداعيات السياسية، الناتجة عن حرمان إيران وغيرها من الدول المجاورة من كميات المياه التي كانت تتدفق إليها في السابق، بسبب عدم وجود سد لاحتجاز مياه الفيضان. ففي الوقت الذي ظل نظام السدود والقنوات في أفغانستان راكداً لما يزيد عن ثلاثين عاماً، شهدت البلاد خلالها حروباً وصراعات لا تحصى... فإن الدول المجاورة عملت على إنشاء عشرات السدود وقنوات الري، وغيرها من مشروعات البنية الأساسية المائية لاستغلال المياه المتدفقة إليها من أفغانستان والاستفادة بها. وحول هذه النقطة، يقول "ماتيو كنج"، الأستاذ المساعد في "معهد إيست ويست" الذي يتخذ من"بروكسل" مقرا له، والذي شارك في الآونة الأخيرة في كتابة مقال حول إدارة المياه في أفغانستان، إن "جميع المشروعات المائية التي ستنفذها أفغانستان سوف تكون لها آثار خطيرة على دول المصب". ويقول "كنج" أيضا إنه "إذا ما أنشأت أفغانستان سدودا أو نفذت مشروعات بنية تحتية مائية أخرى يترتب عليها المزيد من تقليص كميات المياه المتدفقة للدول المجاورة دون التوصل لاتفاقيات مع تلك الدول، فإن ذلك يمكن أن يؤدي في حالات قصوى إلى صراع مسلح". والمفاوضات التي تؤدي للتوصل لمثل تلك الاتفاقيات قد تكون صعبة في اللحظة الحالية التي تمر بها أفغانستان، وهو ما يرجع لحقيقة أنه في وسط الصراع، وإعادة البناء، يصبح من الصعب التأكد بشكل دقيق من كمية المياه التي تحتاجها أفغانستان أو حتى كمية المياه التي تمتلكها. والحكومة الأفغانية يمكن أن تخسر الكثير إذا ما قررت الدخول في مفاوضات بشأن تلك الاتفاقيات في الظروف الراهنة، كما يقول "كنج". توم بيتر هيرات ـ أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©