الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين... غياب عن مونديال جنوب أفريقيا!

20 يونيو 2010 23:26
كما نعلم فإن الصين هي الدولة الأعلى كثافة سكانية في العالم، ولها جيش جرار وسجل عالمي معروف للاعبي ألعاب القوى والجمباز والسياحة، إضافة إلى ما تعرف به من ضخامة جمهورها الرياضي. وفي أولمبياد بكين لعام 2008 حصدت الصين ميداليات ذهبية تفوق عدد ما حصدته أي دولة منافسة غيرها في ألعاب القوى. فكيف لها أن عجزت عن التأهل للمنافسة في مونديال العام الحالي لكرة القدم، التي تقام في جنوب أفريقيا؟ يجيب عن هذا السؤال المشجع الرياضي الصيني "جوا وي" البالغ من العمر 23 عاماً بقوله: نحن أمة يبلغ تعداد سكانها 1.3 مليار نسمة. فكيف لا نجد بين كل هذه الكثافة السكانية الهائلة 11 لاعباً جيدين يمثلون بلادنا في مونديال كرة القدم المقام حالياً في جنوب أفريقيا؟ ففي كل أربع سنوات، يتنافس أفضل 32 فريقا عالميا لكرة القدم في المباريات التي تحظى بأعلى مشاهدة تلفزيونية دولية على الإطلاق. ولكن المشكلة أن الصين غائبة عن هذه المنافسات. ومما يزيد الوضع سوءاً أن جارتيها القريبتين كوريا الجنوبية واليابان حاضرتان في هذه المنافسات. ليس ذلك فحسب بل حتى كوريا الشمالية المستضعفة استطاعت أن تجد طريقها إلى المشاركة وتتنافس مع الفريق البرازيلي على رغم خسارتها للمباراة التي جمعت بينها والبرازيل بفارق هدفين لواحد، وهي نتيجة مشرفة لدولة مثل كوريا الشمالية. والحقيقة أن غياب الصين عن "مونديال" جنوب أفريقيا تحول إلى سؤال له علاقة بالبحث العميق عن الذات في بكين. وما أكثر المبررات والأعذار التي قيلت عن هذا الغياب. فقد رده البعض إلى فساد المنافسات الرياضية المحلية في مجال كرة القدم، إضافة إلى عدم تركيز الجهود في تنمية هذه الرياضة منذ وقت مبكر بين الأطفال والناشئين. وهناك من يرى أن تقاليد رياضة كرة القدم ليست لها جذور راسخة في التراث الرياضي الصيني مثلما هي في المجتمعات الغربية. وفسر فريق ثالث غياب الصين عن مونديال جنوب أفريقيا إلى التضارب القائم بين السلطات الرياضية الحكومية من جهة، والنشاط التجاري في هذا المجال. وهناك من يعتقد أن بنية الجسم الصيني نفسها ليست ملائمة لبعض الرياضات مثل كرة القدم. والمعلوم تقليدياً أن بعض الرياضات، مثل تنس الطاولة، هي التي تمكن الآسيويون عموماً من إحراز نجاح دولي كبير فيها. ومهما تكن المبررات، فإنه يصعب جداً إدعاء عدم اكتراث الصينيين لكرة القدم. فقد بلغ عدد المشاهدين الصينيين الذين تابعوا مباراة السبت قبل الماضي بين كوريا الجنوبية واليونان، نحو 24 مليون مشاهد. وبالنسبة لدولة شديدة الاعتزاز بوطنيتها مثل الصين، فإن من الغريب جداً أن تتحول علاقتها بكرة القدم –وهي الرياضة الأكثر شعبية عالمياً- إلى مجرد مزحة. يذكر بهذه المناسبة أن الزعيم الصيني دينج زياوبنج كان قد قال في عقد الخمسينيات: كرة القدم هي لعبتي الرياضية المفضلة. لكني أشعر وكأني أختنق كلما رأيت الفريق الصيني يمارس هذه الرياضة. وبالمقارنة مع الحماس الذي تبديه الدول الرأسمالية الغربية، ودولة شمولية مثل كوريا الشمالية لهذه اللعبة، تبدو الصين وكأنها باتت عالقة بين أيديولوجيتين متنافستين فيما بينهما. وعلى حد رأي "هي جو" الصحفي الرياضي سابقاً بإحدى الصحف الحكومية، فإن عدم نجاح الصين في مجال كرة القدم يعود إلى تضارب نهجها المطبق في تطوير هذه الرياضة. فالمعروف عن اتحاد كرة القدم الصيني أنه مؤسسة تجارية تشرف على مختلف الفرق الوطنية المحترفة. ولكن الاتحاد نفسه يتمتع بعضوية الإدارة الرياضية الحكومية العامة. والمؤسف أن هذين النظامين -التجاري والحكومي- يتضاربان ويعملان ضد بعضهما البعض. والنتيجة الوحيدة المتوقعة لهذا التعارض، هو التشويش وعدم النظام كما يقول الكاتب الرياضي "هي جو". وأضاف قائلاً: إن في بلادنا الكثير من الموارد البشرية والمادية والإمكانات. وإذا تمسكنا بنهج واحد فحسب لتطوير هذه الرياضة، فسوف ننجح في مجال كرة القدم دون شك. وبالمقارنة بكرة القدم للرجال، فقد استطاع الفريق النسائي الصيني للرياضة نفسها أن يحقق نجاحاً أكبر. وهي رياضة ناشئة هنا مثلما هو الحال حتى في الدول الغربية نفسها. واستطاعت كرة القدم النسائية في الصين أن تنمو على قدم المساواة مع نظيراتها في الدول التي عرفت تقليدياً بسمعتها الرياضية مثل البرازيل والأرجنتين وإيطاليا. وفي عام 1999، كان فريق النساء الصينيات لكرة القدم قد خاض منافسات التأهل لمونديال كرة القدم بالولايات المتحدة الأميركية. وحازت لاعبة الفريق "صن ون" على تصويت "الفيفا" لصالح ترشيحها للقب لاعبة القرن لكرة القدم في عام 2002. وبالفعل فازت بذلك اللقب بالمناصفة مع نظيرتها الأميركية ميشيل أكرز. غير أن فريق النساء الصينيات لكرة القدم لم يوفق في الوصول إلى مونديال كرة القدم العالمي للسيدات لعام 2011. وفي الجانب الرجالي من اللعبة، فإن هناك من يرد فشل اللعبة إلى انتشار ممارسات الفساد في تنظيمها وإدارتها. ذلك أن وكالة الأنباء الصينية الحكومية، سجلت هذه الممارسات في المرتبة الخامسة من قائمة أعلى عشر فضائح في عام 2009. في الوقت نفسه وجهت الاتهامات إلى عدد من كبار المسؤولين والمدربين المسؤولين عن تنظيم الدوري المحلي لكرة القدم. وشملت قائمة الاتهامات بيع المباريات والمقامرة الرياضية وغيرها. واعتقل حوالي 20 من المسؤولين على الأقل، بمن فيهم "نان يونج" نائب رئيس الاتحاد الصيني لكرة القدم. غير أن هذه الحملة الحكومية الهادفة إلى كبح ممارسات الفساد في تنظيم وإدارة اللعبة، يفتح نافذة جديدة للأمل والتفاؤل لعشاق كرة القدم الصينيين الذين يتطلعون إلى رؤية فريقهم الوطني بين الفرق العالمية المتنافسة في المونديال الكروي. جوشوا فرانك - بكين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. أنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©