السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قمة الملايين!

20 يونيو 2010 23:27
في آخر التصريحات الصادرة عن المسؤولين في الحكومة الكندية، أن تكاليف القمتين اللتين ستحتضنهما البلاد (قمة الثماني وقمة الـ20 دولة التي أصبحت أربع وعشرين دولة) ستصل مئات الملايين من الدولارات. وقد تفضل رئيس الوزراء الكندي باعتبار أن بلده هو المضيف، ووجه الدعوة لكل من رئيسي إثيوبيا وملاوي من إفريقيا التي كان تمثيلها في قمة العشرين قاصراً على جنوب إفريقيا، فارتفعت تكاليف استضافة القمة بعشرات ملايين الدولارات. إن رئيس وزراء حكومة المحافظين، ستيفن هاربر، أراد بالدعوة إلى انعقاد القمتين في بلده أن يهيئ المسرح العالمي للاستجابة لترشيح كندا لعضوية مجلس الأمن غير الدائمة، والتي ستقررها الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورة انعقادها القادمة من ناحية. ومن ناحية أخرى أراد أن يبعث رسالة إلى شعبه وخصومه السياسيين الذين ظلوا لسنوات مضت يكيلون الاتهامات الجارحة لسياساته الخارجية التي أفقدت كندا مكانتها وسمعتها، وبخاصة في العالم النامي ومنه الدول الإفريقية. لكن عودة إلى "حكاية" ملايين الدولارات (حسب آخر التقديرات الرسمية لتكاليف القمة)، فإن التقارير الأولية لميزانية القمة التي تلتزم بها الدولة المضيفة، تحدثت في البداية عن عشرات الملايين... لكن كلما مرت الأيام بدأت الأخبار تتوالى والإشارات والرسائل الإعلامية الصادرة عن الدوائر الرسمية بأن تكاليف القمتين ربما تجاوزت ذلك، وقد تصل فوق المتوقع بكثير. ثم مع بداية العمل التنفيذي لتهيئة المنتجع الصيفي المطل على بحيرة "موساكا" وعلى بعد حوالى 800 كليومتر من تورينتو، لاستضافة اجتماع رؤساء الدول الثماني ووفودها، تسرب خبر ارتفاع تكاليف القمتين حتى تجاوز جميع الأرقام السابقة! وقامت قيامة الكنديين وما تزال، وبدأت موجة من الاحتجاج والاعتراض السياسي على "سفه" المحافظين وتبديدهم أموال دافعي الضرائب الكنديين من أجل تجميل وجه حكومة هاربر الذي يطمح إلى أن "يدخل التاريخ"، فحرص على أن تكون رسالة كندا في هذه القمة مخصصة للأمهات والأطفال في دول العالم الثالث (من أجل تحسين الأوضاع الصحية للأمهات والأطفال في الدول النامية)، في إفريقيا وآسيا. وإلى جانب ذلك يتوقع أن تدعو القمتان لمراجعة ما تم تنفيذه من توصيات القمم السابقة والتي أكدت على الالتزام الصريح من جانب الدول الغنية بمكافحة الفقر والأوبئة والأمراض القاتلة (الملاريا والإيدز) في إفريقيا، ذلك الالتزام الصادر في دورة انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في مستهل القرن الحالي. لكن عندما عُرفت تفاصيل بنود الصرف، واتضح أن عشرات الملايين ستصرف على أمن وتأمين القمتين اللتين لن تتجاوز ساعات انعقادهما اثنتين وسبعين ساعة... تبين أن الاستعدادات الأمنية مبالغٌ فيها لدرجة تثير الغضب والاستفزاز حتى عند بعض أعضاء وأنصار حزب المحافظين، وكذلك الإنفاق البذخي غير المسؤول ومثاله إنشاء بحيرة اصطناعية صغيرة في المركز الإعلامي الذي يعمل فيه الإعلاميون الأجانب في مدينة تورنتو التي ستستضيف قمة العشرين مباشرة بعدما تنفض قمة الثماني. وأصبحت القمة التي كانت تعني للرئيس الكندي الكثير في مستقبله السياسي، وكذلك الانتخابات الفدرالية القادمة قريباً، أصبحت هاجساً مرعباً وأصبحت قصة البحيرة الاصطناعية موضع سخرية بين الإعلاميين الكنديين والأجانب، حتى سموها "بحيرة هاربر" إمعاناً في السخرية! والحقيقة أن القمم العالمية حول الفقر لم تعد تعني شيئاً للشعوب الغنية التي يشارك قادتها فيها، ولا للشعوب الفقيرة التي هي موضوع هذه القمم، فمحصلة القمم السابقة لم تكن أكثر من وعود بمساعدة دول العالم الثالث لتجاوز معضلات الفقر والمرض والجهل المزمنة... والتي في الغالب هي من مخلفات مرحلة الاستعمار الأوروبي. وفي رأي كثير من المتابعين لهذه القمم فإن القمة الحالية لن تعدو أن تكون "مظاهرة رسمية" يمارس فيها الكبار بعض الألعاب السياسية ليتلهى بها الصغار الفقراء عبر شاشات التلفزيون! عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©