الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاونكتاد ترسم صورة قاتمة للاقتصاد العالمي وتتوقع تراجع النمو إلى 3%

الاونكتاد ترسم صورة قاتمة للاقتصاد العالمي وتتوقع تراجع النمو إلى 3%
4 سبتمبر 2008 00:30
رسم تقرير دولي صدر أمس عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ''أونكتاد'' صورة قاتمة لآفاق الاقتصاد العالمي خلال العام المقبل، بعد تراجع معدلات النمو من 4% في العام الماضي إلى 3% خلال ·2008 وحذر تقرير التجارة والتنمية للعام 2008 من أن حالة عدم الاستقرار التي تسود الأسواق المالية وأسواق الصرف والسلع الأساسية الدولية مقرونة بالشكوك التي تكتنف اتجاه السياسة النقدية في بعض البلدان المتقدمة الكبرى قد تزيد من قتامة الاقتصاد العالمي وتطرح مخاطر هائلة أمام العالم النامي· ويقول الخبراء الاقتصاديون الذين وضعوا التقرير إن الأزمة العالمية الجارية واحتمال تشديد السياسات النقدية في عدد من البلدان ينذران بصعوبات كبرى قد تعترض الاقتصاد العالمي في الفترة المتبقية من عام 2008 وفي عام ·2009 ويطرح انفجار بعض الفقاعات المضاربية وتقلب أسعار السلع الأساسية تحديات هائلة أمام واضعي السياسات، لاسيما السياسة النقدية، إذ لابد من تلافي حدوث كساد عالمي في وقت لايزال التضخم الكلي - أي التضخم الذي يأخذ في الحسبان زيادة أسعار الأغذية والطاقة - بالغ الارتفاع، وقد يتفاقم الوضع إذا ما تعرضت عملات البلدان ذات العجز الضخم في الحساب الجاري لضغوط لخفض قيمتها، بحسب الخبراء· ويتوقع تقرير التجارة والتنمية الذي حصلت ''الاتحاد'' على نسخة منه أن ينمو الناتج العالمي بنحو 3% في عام ،2008 أي أقل بنقطة مئوية واحدة تقريباً مما كان عليه في عام ،2007 ومن المرجح أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي في البلدان المتقدمة نحو 1,5% والتوقعات القصيرة الأجل أفضل بالنسبة للعالم النامي، حيث يمكن أن يتجاوز النمو 6% نتيجة للديناميكية المستقرة نسبياً للطلب المحلي في عدد من الاقتصادات النامية الكبيرة، إلا أن الآثار التبعية للكساد في العالم المتقدم والسياسات النقدية المفرطة التقييد في البلدان ذات التضخم الكلي المرتفع قد تؤدي إلى زيادة تباطؤ النمو في البلدان النامية· وتشير التوقعات بالنسبة لعدد كبير من البلدان النامية إلى بقاء الأسعار عند مستوى أعلى مما كانت عليه في السنوات العشرين الماضية، إلا أن العوامل الدورية وسحب الأموال المضاربة وتأخر الاستجابات الامدادية يمكن أن تحدث هبوطاً لا يستهان به· ويقول الأمين العام للأونكتاد سوباتشاي بانيتشياكدي، في الاستعراض العام للتقرير: ''مثلما حفزت المضاربة حركة الأسعار نحو الأعلى كذلك يمكنها أن تحفز أي حركة نحو الأسفل''· ويبين تقرير التجارة والتنمية لعام ،2008 أن العالم النامي المفتقد إلى رأس المال أصبح، في الآونة الأخيرة يصدر رأس المال إلى البلدان المتقدمة أكثر مما يتلقاه منها، وهذا ''لغز'' يتحدى النظرية الاقتصادية السائدة، إلا أنه يكشف، بعد التحليل، عن نهج جديد وقوي لتمويل التنمية، ومما يزيد هذا اللغز تحييراً أن كثيراً من تلك البلدان المصدرة لرأس المال ما برحت تحقق معدلات استثمار ونمو أعلى مما تحققه البلدان المعتمدة على النموذج الاقتصادي الموحد القائم على مبدأ الاستيراد الصافي لرأس المال· ويشكك تقرير التجارة والتنمية، في الإطار النظري التقليدي ويقترح نهجاً جديداً لتمويل التنمية يركز أقل على استيراد رأس المال وعلى زيادة مدخرات الأسر المعيشية، بينما يركز أكثر على تمويل الاستثمار من أرباح الشركات ومن ائتمانات المصارف المحلية· ويفيد التقرير بأن اتباع البلدان النامية هذا النهج يساعدها في حالات عديدة على تفادي الاعتماد على تدفقات رأس المال الأجنبي الوافدة إليها بتطبيق سياسات اقتصادية كلية مناسبة وأسعار صرف ملائمة، ويبين التقرير أنه يلزم، مع ذلك زيادة المساعدة الانمائية الرسمية زيادة كبيرة لتمكين البلدان الفقيرة المعتمدة على السلع الأساسية من بلوغ الأهداف الانمائية التي حددتها الأمم المتحدة· ودعا التقرير إلى تشديد الأنظمة ''التحوطية'' للحد من التقلبات وما ينجم عنها من آثار سلبية في الإيرادات، ومن عمليات إنقاذ مكلفة يتولاها القطاع العام· غير أن الخطوات الأخيرة التي اتخذتها مصارف مركزية كبرى لتوفير السيولة للمؤسسات المالية المتضررة من الاضطرابات الأخيرة تعد خطوات مناسبة بسبب المخاطر البنيوية التي تهدد النظام المالي العالمي، إذ لم تتخذ مثل هذه الإجراءات، ويخشى ''الأونكتاد'' من أن تؤدي أوجه الاختلاف في السياسات النقدية إلى تجدد المضاربة المزعزعة للاستقرار في أسواق أسعار الصرف، على الرغم من تقلص الاختلالات في الحسابات الجارية إلى حد ما في مختلف أرجاء العالم· ويدعو التقرير إلى تدخل منسق من جميع الأطراف المعنية في حالة كهذه، كما يلاحظ التقرير أن تصويباً غير انكماشي للاختلالات العالمية يتطلب حفزاً قوياً للإنفاق الداخلي والواردات في الاقتصادات الكبيرة التي تحقق فائضاً، وبخاصة في ألمانيا واليابان، كما يتطلب زيادة موزونة لقيمة العملة الصينية، وإذ يرى خبراء الأونكتاد الاقتصاديون ''احتمالاً قوياً لتراجع الاقتصاد العالمي تراجعاً حاداً ومديداً'' فإنهم يأسفون لعجز واضعي السياسات عن مجابهة هذا التحدي· ومن ناحية أخرى، يشير التقرير إلى أن احتمال حدوث تضخم نتيجة ارتفاع أسعار السلع الأولية احتمال مبالغ فيه كثيراً، كما أن احتمال حدوث حلقة تصاعد الأجور والأسعار أقل كثيراً اليوم منه في السبعينات من القرن الماضي عندما ارتفعت أسعار النفط، وذلك لأن تكاليف اليد العاملة في الوحدة، وهي عامل أساسي من عوامل التضخم، لم تزد إلا زيادة طفيفة في معظم البلدان ويحذر التقرير من أن ''تدابير تشديد السياسة النقدية ستزيد من حدة التباطؤ العالمي''· ويرى التقرير أن التقلبات الأخيرة في أسعار السلع الأساسية لا يمكن تفسيرها ما لم يؤخذ في الحسبان دور المضاربة، ويجب الحكومات اتخاذ تدابير جديدة ترمي إلى تحقيق مزيد من الاستقرار في أسعار السلع الأساسية، ويوصي التقرير أيضاً باعتماد أدوات للاستجابة السريعة من أجل تخفيف أثر التقلبات الحادة في أسعار السلع الأساسية: ''يمكن أن يشكل اتخاذ تدابير تنظيمية أشد صرامة تساعد على احتواء المضاربة في أسواق السلع الأساسية خطوة هامة، ذلك أن المضاربة في أسواق السلع الأساسية تؤدي عادة إلى تفاقم الاتجاهات السعرية الناشئة عن التغيرات في العوامل الاقتصادية الأساسية''· ويرى التقرير، أن زيادة التنويع والتنمية الصناعية خير استراتيجية طويلة الأجل للحد من التأثر بصدمات أسعار السلع الأساسية، ويتطلب هذا التحول مزيداً من الاستثمار في القدرات الإنتاجية الجديدة - القدرة على تصنيع سلع أكثر تنوعاً وتطوراً - وفي البنية التحتية· ويلاحظ التقرير أن تمويل مثل هذا الاستثمار أسهل في مراحل الازدهار مثل المرحلة الحالية، ولكن التقرير يشير إلى أن قسطاً كبيراً من المكاسب الهائلة المتأنية من ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري والمنتجات التعدينية ذهب إلى الخارج كأرباح للشركات الأجنبية، وهذا يعني حسبما يقول التقرير أن هذه المكاسب إما فقدت كرؤوس أموال محتملة للبلدان التي نشأت فيها وإما أعادت الشركات الأجنبية استثمارها غالباً في نفس الأنشطة الاستخراجية، على نحو يديم الاعتماد على السلع الأساسية بدلاً من تقليصه· السياسات النقدية والمالية أفاد التقرير أن البلدان النامية استفادت في السنوات الأخيرة من الأسعار المرتفعة للسلع الأساسية التي ما انفكت تبيعها في الأسواق العالمية منذ فترة طويلة، لكنه أشار إلى أن هذه البلدان يجب أن تواصل التركيز على التنوع الاقتصادي والتصنيع المستدام· وركز التقرير على مضامين رئيسية منها أن زيادة الاستثمار أمر مطلوب لإيجاد ''قدرة إنتاجية'' جديدة في هذه البلدان، أي القدرة على تصنيع منتجات أكثر تنوعاً وتطوراً، وأن هناك إمكانية متزايدة لتمويل هذا الاستثمار من موارد محلية إذا ما صممت النظم النقدية والمالية لتشجيعه· وحث التقرير البلدان النامية، في سياق سعيها لرفع مستوى الاستثمارات الكفيلة على أن لا تعتمد على ازدياد المدخرات الأسرية المحلية والتدفقات الرأسمالية الوافدة، وبدلاً من ذلك، يجب رسم السياسات النقدية للبلد ووضع نظمه المالية المحلية بحيث يتسنى للشركات الخاصة الوصول إلى تمويل موثوق وميسور التكلفة تسخره لاستثماراتها، بما يعزز القدرات الإنتاجية والكفاءة والتنوع· ومن هذا المنطلق، يدحض التقرير النظريات السائدة في مجال تمويل التنمية، التي تعتبر الاستثمار في البلدان النامية استثماراً يتأتى من أوعية ادخارية تتيحها أساساً مدخرات الأسر وتكملها الواردات الرأسمالية (المدخرات الأجنبية)· وورد في التقرير أن التمويل الذاتي من الأرباح المستبقاة هو أهم مصدر من مصادر الاستثمار المحلية وأكثرها موثوقية، ويأتي الائتمان المصرفي كثاني أهم مصدر من مصادر تمويل المؤسسات التجارية، ولاسيما المشاريع التجارية والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم· ويرى الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) سوباتشاي بانيشياكدي، أنه ''من الأهمية بمكان إعادة استثمار جزء كبير من إيرادات الشركات في القدرات الإنتاجية، كما أن تمويل الاستثمارات من الأرباح المستبقاة يمكن أن يتعزز بمجموعة من الحوافز الضريبية، مثل المعاملة الضريبية التفضيلية للأرباح المعاد استثمارها أو الأرباح المستبقاة، أو بدلات استهلاك الأصول· ويشدد التقرير على أن قدرة النظم المصرفية على إتاحة الائتمان بالاعتماد على السيولة التي تقدمها المصارف المركزية ينبغي أن تؤازر بترتيبات مؤسسية قوية وأدوات سياساته إضافية للحفاظ على استقرار الأسعار، وبصفة خاصة، يدعو التقرير إلى اتباع سياسة عامة فيما يتعلق بالدخل تحول دون الزيادات المفرطة في الأجور الرسمية، وإلى سياسة مالية مرنة· وأشار التقرير إلى ان هذا الأسلوبا كان ناجحاً في الاقتصادات الحديثة العهد بالتصنيع في شرق آسيا، حيث ظلت أسعار الفائدة الحقيقية أقل بكثير في هذه البلدان منها في معظم بلدان أميركا اللاتينية وأفريقيا، التي كانت سياساتها النقدية تميل إلى التركيز بصورة تكاد تكون مطلقة على تفادي التضخم وقد نجم عن ذلك مستويات استثمار منخفضة ونمو بطىء· ويخلص تقرير التجارة والتنمية لعام 2008 إلى أن العديد من البلدان النامية قد أحرزت تقدماً اقتصادياً كبيراً في السنوات الأخيرة غير أن تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية التي حددتها الأمم المتحدة والتي تشمل خفض مستوى الفقر المدقع بمقدار النصف بحلول عام 2013 سوف يتطلب زيادة تدفقات المساعدة الانمائية الرسمية إلى البلدان الفقيرة بما لا يقل عن 50 مليار دولار أميركي في السنة· ويصدر تقرير التجارة والتنمية لعام 2008 تحت عنوان فرعي هو ''أسعار السلع الأساسية وتدفقات رأس المال وتمويل الاستثمار''، وهو يلاحظ أن البلدان النامية كمجموعة قد حققت في كل سنة من سنوات الألفية الجديدة فائضاً في الحسابات الجارية وذلك بفضل أداء عدد من المصدرين السريعي النمو للمنتجات المصنعة وعدة مصدرين للنفط والمعادن، وهذا يعني أن البلدان النامية كمجموعة قد أصبحت مصدرة صافية لرؤوس الأموال إلى الشمال· ويوصي التقرير الحكومات بأن تبني على ما سجل مؤخراً من تحسن في إدارة الديون وفي المؤشرات الاقتصادية وأن تعجل بعمليات الاستثمار والنمو والتغيير الهيكلي مع الحفاظ على أوضاع يمكن فيها تحمل أعباء الديون، وتعتبر احتمالات توفر القدرة على تحمل أعباء الديون الاحتمالات الأقوى عندما لا يستخدم تمويل الديون إلا لتنفيذ المشاريع التي تكون عوائدها أعلى من تكاليف أسعار الفائدة على القروض، كما أن القروض المقوّمة بالعملات الأجنبية ينبغي أن تقتصر، من حيث المبدأ على تلك المشاريع التي يمكن أن تؤدي بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى توفير العملة الأجنبية اللازمة لخدمة الديون· ويقترح ''الأونكتاد'' لذلك أن تكون إستراتيجيات الديون الخارجية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالجهود المتجددة الرامية إلى تدعيم النظم المالية المحلية، كما ينبغي أن تكون هذه الإستراتيجيات مرتبطة بالسياسات الاقتصادية الكلية وسياسات أسعار الصرف التي تهدف إلى منع المغالاة في تقدير قيمة العملة والعجز في الحساب الجاري· ويلاحظ التقرير أن العديد من البلدان النامية الفقيرة لاتزال، رغم ما أحرزته من تقدم تعتمد على التدفقات الرأسمالية الأجنبية الوافدة إليها، ليس من أجل تحقيق الأهداف الانمائية للألفية فحسب، وإنما أيضاً لزيادة الاستثمار المحلي بغية تحقيق نمو أسرع ودعم النفقات الاجتماعية، وإحراز التغيير الهيكلي، إلى ما بعد عام 2015 وتظل المساعدة الإنمائية الرسمية بالغة الأهمية، وبخاصة بالنسبة للاقتصادات الفقيرة التي تعتمد على السلع الأساسية واليت عادة ما تعول على القروض والمنح الرسمية المقدمة من الجهات المانحة الثنائية والمتعددة الأطراف· ويخلص التقرير إلى أنه ينبغي زيادة المساعدة الإنمائية الرسمية ليس بمقدار يتراوح بين 50 و60 مليار دولار فوق مستواها الحالي من أجل تلبية الأهداف الإنمائية للألفية بحلول عام 2015 فحسب، وإنما بمقدار أكبر بكثير من أجل تلبية الاحتياجات التمويلية والاستثمارات الإنتاجية الضرورية لضمان الاستمرار في الحد من الفقر إلى ما بعد ذلك التاريخ، كما أن هناك تحديات جديدة أمام الشراكة الإنمائية العالية تنشأ أيضاً مع الحاجة إلى التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره على البلدان الفقيرة·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©