الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

موائد الرحمن·· سمة توحد الجميع في رمضان

موائد الرحمن·· سمة توحد الجميع في رمضان
4 سبتمبر 2008 02:07
يباشر مصطفى علم الدين مراد الاستعداد لاستقبال الصائمين في الخيمة الرمضانية، قبل ساعة من رفع أذان المغرب· يجمع الشباب المتطوعين، يلقي إليهم تعليماته ''اليومية'' لإنجاح الإفطار، ثم يتعاون الجميع لفرش السجاد، وترتيب الوجبات وتحضير التمر والماء البارد· واعتاد ''العم أبو أحمد'' القيام بهذا الواجب منذ 23 عاما، هي سنوات اغترابه عن بلده مصر، سبع منها قضاها سائقا في شركة تأمين بأبوظبي· ولا يقف واجب ''أبو أحمد'' عند استقبال الصائمين، بل يتعداه إلى الإسهام في إصلاح ذات البين بين الصائمين والمتطوعين، خلال ساعات التوتر والغضب التي تلازم الرمق الأخير من نهار رمضان· وتنتصب مئات الخيام الرمضانية في شتى أنحاء الدولة خلال أيام الشهر الكريم، وتقدم ''موائد الرحمن'' للآلاف من المقيمين والمواطنين· وفور فتح باب الخيمة، يتهافت نحو مائتي صائم غالبيتهم من الهنود والباكستانيين، ويشاركهم بعض العرب والمواطنين ممن تقطعت بهم السبل، ويتزاحمون لحجز مكان لهم حول صحون الطعام المرتبة بشكل طولي في المكان· ويتصدى ''أبو أحمد'' لدور الترجمة بين المتطوعين والصائمين من غير العرب، فسنوات الاغتراب الطويلة أثرت تجربته، ومكنته من التعامل مع سائر الجنسيات، بعكس المتطوعين الصغار· يعلق أبو أحمد ''أنا لست كبيرهم، نحن جميعا خدام لعباد الله''، ثم يتابع نشاطه بتوزيع الوجبات، وتنبيه الصائمين بأن الأذان لم يرفع بعد· وما إن تصدح المآذن بـ''الله أكبر''، معلنة وقت الإفطار، حتى يتحلق الصائمون، من عمال وسائقين وموظفين، حول صحون كبيرة من المندي المكلل بلحم الدجاج، أو صحون الأرز بالفاصوليا، لا فرق بين عربي وآسيوي، وينهمك الجميع بالأكل، إلا ''أبو أحمد'' ورفاقه المتطوعون الذين يلبون نداء محتاج لكوب من الماء، أو يقدمون وجبة لمن تأخر عن الانضمام إلى جمع الصائمين· يقول محمد، وهو موظف في قطاع التأمين، إنه يستمتع أيما استمتاع بخدمة ''ضيوف الرحمن'' من الصائمين، ''ولا يطلب الأجر إلا من صاحب الأجر''· ويلتف عدد من الأشخاص متبايني الأزياء واللغات حول صحن من الأرز، لا يوحدهم سوى الصيام· يقول محمد التهامي خلال تناوله إفطاره ''اللهم أطعم من أطعمنا''، ثم يبدي محمد، الذي يعمل مشرفا لحافلة مدرسية، رضاه عن مستوى الطعام والخدمة التي تقدمها الخيمة الرمضانية التابعة لهيئة الهلال الأحمر، والتي يشارك فيها للمرة الثانية· وما إن تبدأ الأيدي بالكف عن الأكل، ينادي أبو أحمد ''الصلاة الصلاة''، ليهرع جميع من في الخيمة إلى الجامع القريب، للوضوء وأداء فرض صلاة المغرب، لتبدأ بعدها المهمة الثانية لـ''أبو أحمد''، المتمثلة بتنظيف المكان وترتيبه، وتوزيع الأكل الفائض على من يطلبه· يقول أبو أحمد ''هناك من يكون لديه عائلة كبيرة، يأتي هنا ليحظى ببعض الطعام يسد به رمقهم''· ويقف سميع الله، وهو سائق سيارة أجرة يبلغ من العمر 40 عاما، في صف الانتظار ليحظى بعدة وجبات يعود بها إلى منزله· يقول ''أسكن مع عشرة أشخاص في بيت واحد، وأود أن أشارك معهم وجبة الإفطار''· ويشكر سراج الدين، وهو عامل خرسانة من بنجلاديش، المتبرعين والهيئات المشرفة على الخيم الرمضانية، لكنه يتمنى وجود مكيفات تخفف من حرارة الجو على الصائمين· وأنشأت هيئة الهلال الأحمر 75 خيمة رمضانية تقدم أكثر من 20 ألف وجبة يوميا، ويتوقع أن تبلغ 678 ألف وجبة خلال الشهر الفضيل· كما أنشأت مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان الخيرية 75 خيمة رمضانية أخرى، تقدم موائد الرحمن لما يزيد عن 34 ألف صائم يوميا في الدولة، حيث يتوقع أن يبلغ المجموع نحو مليون و24 ألفا و500 وجبة رمضانية خلال الشهر المبارك· كما شيدت جهات رسمية وخاصة أخرى خيما رمضانية لخدمة الصائمين في عدة مناطق في الدولة· يقول أحمد علي الجلم، من مطعم روابي الشام، إن المطعم يزود عدة خيم رمضانية في أبوظبي والشهامة وبني ياس بوجبات متنوعة· ولا يرجو ''أبو أحمد''، الذي يتقاضى راتبا قدره 1500 درهم شهريا، أي أجر لقاء خدمته ''ضيوف الرحمن''· ''فالأجر كله عند الله''، ويقول وهو يهم بمغادرة الخيمة إنه لا يتمنى سوى التوفيق لابنه أحمد وابنته سمية اللذين يعيشان في مصر بعيدا عنه·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©