الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد المسكري: الإبحار في الكتب والتفرغ للعبادة أهم مزايا التقاعد

محمد المسكري: الإبحار في الكتب والتفرغ للعبادة أهم مزايا التقاعد
15 نوفمبر 2009 23:34
«يا ضيفنا لو زرتنا وجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل» بهذه المقولة الجميلة المعبرة، والمصحوبة بابتسامة عريضة تزين وجهه البشوش، استقبلنا الوالد محمد بن علي المسكري، في منزله داخل مدينة خليفة الواقعة على مسيرة 15 دقيقة بالسيارة من أبوظبي. بما يشير إلى أن سنوات انقطاعه عن العمل إثر تقاعده لم تغير من رحابة صدره وحسن مزاجه وطباعه، فهو لم يدخل إلى الوحدة والعزلة والكآبة، بل انصرف إلى تعميق هواياته الجميلة. المنزل الكبير عن سنوات التقاعد وكيف يقضيها وماذا أنجز خلالها، يقول المسكري: «بعد عملي مدة 34 عاما متواصلة؛ موظفا في بلدية أبوظبي، وعند اقتراب موعد إحالتي إلى التقاعد أخذت أخطط لبناء منزل كبير يتسع للعائلة التي تضاعف عدد أفرادها عبر السنين، وبالفعل أتممت بناء المنزل، وانتقلت للسكن فيه في ذات العام الذي أحلت فيه إلى التقاعد وهو عام 2003. كما سعيت إلى استغلال الأوقات الطويلة التي أقضيها في المنزل بأفضل ما يكون، حيث أصبح لدي متسع من الوقت لقراءة الكتب بأنواعها المختلفة، سيما الكتب التراثية، مثل: كتب الفقه والتفسير، وكذا كتب البلاغة والأدب والشعر». ثمة علاقة خاصة تربط المسكري بعالم الأدب والكتب، دفعته لتأليف مجموعة كتب، يقول في ذلك: «قمت بتأليف خمسة كتب في مناحي الأدب المختلفة وهي (مصابيح الدجى- نزهة الفضلاء- الجليس الصالح- الدين النصيحة- الجوهرة الثمينة) إضافة إلى كتاب أرصد فيه التطورات الذي طرأت على العلاقات الزوجية تحت اسم «الزواج بين الماضي والحاضر». خير جليس كان المسكري يقوم بطباعة هذه المؤلفات على نفقته الخاصة، وتوزيعها دون أي مقابل، يقول موضحا السبب: «كانت رغبتي في المساهمة في نشر الثقافة وإدراكا مني في أهميتهما، سببا تصغر إلى جواره أي مال أنفقه في سبيل توصيل ما أؤمن به من تعظيم لقيم العلم والفكر». ويوضح أن هناك مجموعة من الكتب والمجلدات المنسوخة بخط اليد التي يزيد عمرها على مائة عام، مثلت له خير جليس في ساعات اليوم، التي صارت أطول بعد الإحالة إلى التقاعد، يشير إلى أهم هذه المؤلفات، ويقول: «قرأت العديد من الكتب مثل «السيرة» لمؤلفه أحمد بن سعيد الشماخي، ويتحدث عن السيرة النبوية العطرة، وهو يعد من الكتب النادرة ويصعب الحصول على نسخة أخرى منه، فضلا عن مجموعة من كتب أدب الرقائق، التي تتحدث عن الزهد في الدنيا والتذكير بالموت وتزكية النفس، والاستعداد لملاقاة المولى سبحانه وتعالى». ويضيف: «استفدت من قراءة هذه الكتب واستمتعت بها، كما تستفيد وتستمتع النحلة بامتصاص الرحيق من الزهور، ولولا التقاعد الذي وفر لي متسعا من الوقت، لما عرفت الكثير من هذه الكتب ولا أبحرت في عالم المعارف والعلوم بالشكل الذي أنا عليه الآن- والحمد لله». تقليد جديد عن كيفية تنظيم وقته لتتاح له ممارسة مختلف هواياته وأنشطته اليومية، يقول المسكري: «يبدأ يومي كالمعتاد بالذهاب إلى المسجد وتأدية صلاة الفجر، ثم الجلوس فيه إلى حين اقتراب موعد شروق الشمس، ثم أعود إلى المنزل، لأبدأ في ممارسة القراءة وحتى وقت الضحى، ثم أخلد إلى النوم، وبعدها أستيقظ لتمضية باقي اليوم مع أفراد العائلة أو بين مكتبتي الخاصة، والمسجد». وهنا يبين المسكري، أن نصيب العائلة من الجلوس معه صار أكبر بعد تقاعده عن العمل، يقول في ذلك: «أصبحت أجلس إلى أحفادي لساعات طوال، ساعيا إلى غرس تعاليم الدين الصحيحة فيهم، وبث مكارم الأخلاق.. كما أجلس إليهم -تحديدا- في يوم الجمعة من كل أسبوع عندما يجتمع الأبناء جميعا مع زوجاتهم وأولادهم، في بيتي، عبر تقليد صرت أحرص عليه بانتظام منذ 8 سنوات -أي بعد التقاعد وانتقالي للسكن الجديد». رحلة الحياة أخذت الحياة من المسكري بعض علاقاته بأصدقاء العمل، يشير إلى هذا بقوله: «يبدو أنه من الطبيعي نظرا لانشغالات الحياة المتعددة أن تتغير طبيعة العلاقة مع أصدقاء العمل عن السابق، فلم أعد ألتقيهم باستمرار، وإنما يقتصر الأمر على زيارات في أوقات متباعدة كلما سمحت الظروف، والاطمئنان عليهم عبر المكالمات التليفونية». يستدرك موضحا: «هذا لا ينفي أن الود والحب لهم مازال بنفس القيمة والقدر عندي، ولكنها سنّة الكون في المباعدة بين من نتمنى أحيانا أن نعيش دوماً بالقرب منهم». ويؤكد المسكري أنه لا يشعر بامتلاكه وقت فراغ مطلقاً في هذه المرحلة من عمره، لأن يومه يقضيه في الإبحار بين الكتب والعبادة والتقرب إلى الله، إضافة إلى الجلوس مع أفراد العائلة والاهتمام بهم، وهي متعة في حد ذاتها لا يدركها الكثير من الناس، يقول: «إن الجلوس إلى من نحب والاطمئنان عليهم وعلى نجاحاتهم الحياتية يشعرنا بأن رحلتنا في الحياة لم تذهب سدى، وإنما أثمرت أبناء صالحين، وأحفادا يسيرون على درب آبائهم، والكل يسعى إلى خدمة دينه ورفعة وطنه، هنا فقط تتحقق المتعة الكبرى، والتيقن من أن الله تعالى لا يضيع عمل إنسان». باقة من بطاقة - محمد بن علي المسكري- مواليد مدينة العين سنة 1927. - لديه من الأبناء 21، جميعهم أتموا تعليمهم الجامعي، وهم الآن يخدمون الوطن في مواقع عديدة، ومنهم، علي (54 سنة) يعمل مديرا في معهد أدنوك الفني، وسالم (51 سنة) مهندس كهرباء، ويوسف (49 سنة) ويشتغل بتدريس الكمبيوتر وعلوم الحاسب الآلي، أحمد (44 سنة) مهندس في الطيران الأميري، خالد (37 سنة) مدير تنفيذي في قسم التطوير في مركز الإحصاء. فضلا عن عيسى المسكري، استشاري الشؤون الأسرية المعروف، وصاحب المؤلفات العديدة
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©