الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تغير المناخ.. الفاعلون والمتضررون

14 مايو 2018 01:55
لا نذيع سراً لو قلنا إن المسؤولية عن حدوث ظاهرة التغير المناخي ليست موزعة على البشر بالتساوي. ووفقاً لمقياس الدخل الفردي السنوي، فإن معدل الانبعاثات الغازية الضارة بالبيئة، والتي تسبب «مفعول البيت الأخضر»، هي أكثر ارتفاعاً بكثير في الدول الغنية، مثل الولايات المتحدة، مما هو عليه الحال في البلدان النامية. وفي النصف الشمالي من الكرة الأرضية، الذي يضم 13 من بين 15 دولة هي الأكثر غنى في العالم بمقياس الناتج المحلي الإجمالي، وجد أن تلك الدول الغنية تطلق من الغازات الضارة أكثر مما يطلق نصفها الجنوبي بكثير. إلا أن الاحترار الناتج عنها يشمل كوكب الأرض كله. وفي دراسة نشرت نتائجها الأربعاء الماضي، ذهب العلماء إلى أبعد من ذلك في توجيه اللوم إلى المتسببين الحقيقيين بحالة «عدم التكافؤ» في تحمل مسؤولية التغير المناخي. ورغم أن البلدان الاستوائية هي الأكثر فقراً في العالم، فإنها الأقل تأثيراً في زيادة حدة التغير المناخي، وهي التي كُتب عليها أن تعاني من تأثيراته الضارة وخاصة من حيث التغير المضطرب في درجة حرارة الجو. وقال «سيباستيان باثياني»، الباحث المتخصص بالتغير المناخي في جامعة «فاجينينجن» الهولندية، والذي قاد فريق البحث ونشر في مجلة «ساينس أدفانسيز»: «نشهد الآن جدلاً محتدماً حول حجم المساعدات التي تقدمها الدول الغنية للدول الفقيرة حتى تتمكن من التأقلم مع الظروف المناخية المتغيرة بعد التأكد من أنها ذات تأثير أكثر خطورة عليها». وعمد «باثياني» وزملاؤه من عدة معاهد فرنسية وبريطانية إلى إنشاء عدد كبير من نماذج المحاكاة الحاسوبية لشرح مقدار التغير الشهري في درجات الحرارة عن المعدل المعتاد ارتفاعاً وانخفاضاً مع تفاقم ظاهرة التغير المناخي. وذلك لأن تكرار التأرجح بين الحرارة والبرودة يطابق التحول إلى مناخ أكثر اضطراباً. وتوصلت الدراسة إلى أن المناطق الاستوائية سوف تشهد تغيرات أكبر في درجة الحرارة وستكون ذات نتائج خطيرة، لأن هذا التذبذب بين مناخ أكثر سخونة وآخر أكثر برودة يمكن أن يؤدي إلى إتلاف المحاصيل الزراعية وإلى تأثيرات سلبية على البشر أنفسهم، وخاصة عندما ترتفع درجة الحرارة بشكل كبير عن معدلها المعتاد. وفسر الباحثون ذلك بأن ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى تجفيف التربة. وعندما تجف التربة، ينخفض معدل رطوبة الجو، والرطوبة عامل مهم في التخفيف من تذبذب درجة الحرارة. وقال «ريتو كنوتي»، وهو باحث سويسري لم يشارك في الدراسة: «عندما تجفّ التربة، لا يمكن للطاقة الحرارية الزائدة أن تُستهلك بتبخير المياه وبما يزيد من احترار الجوّ. وهذا يشبه ما يحدث عندما ترتفع درجة حرارة جسم الإنسان بسبب نقص الماء، إذ من المعروف أن الجسم يبرّد نفسه عن طريق التعرّق، وعندما لا يستطيع التعرق بسبب نقص الماء، فإن درجة حرارته ترتفع». وأظهرت نماذج المحاكاة الحاسوبية المناخية التي أنشأها فريق الباحثين، أن التداعيات الأكثر سوءاً لهذه الظاهرة هي التي تحدث في منطقة حوض الأمازون المعرّض للجفاف. وتشير تلك النماذج إلى أن التغير المناخي هناك يؤدي إلى رفع درجة الحرارة لمستوى خطير؛ لأن الاحترار المتواصل للجو والجفاف الذي تتعرض له أكبر غابة استوائية في العالم، يمكن أن يتلف الأشجار الضخمة ويضيف المزيد من غاز ثاني أوكسيد الكربون للجو وبما يزيد الاحترار بشكل أكبر. وتنطوي هذه الدراسة على بعض النقائص والمحاذير، فعندما يتعلق الأمر بعدم تساوي الدول بتحمل المسؤولية عن احترار الأرض، فإن الطرح الوارد فيها لا يبدو عادلاً ولا دقيقاً، وخاصة لو أخذنا في الاعتبار عمليات قطع الأشجار لإنتاج الخشب وما تساهم به من تسريع التغير المناخي والجفاف. وهذا ما يحدث على نطاق واسع في البرازيل وإندونيسيا وغيرها من البلدان الاستوائية. ورغم أن هذه التغيرات الكبيرة التي يشهدها المناخ تم استنتاجها من خلال استقراء نماذج لحالات يكون فيها معدل احترار الأرض في أعلى مستوياته، فإنه لم يتم رصدها من خلال القياسات الواقعية لدرجات الحرارة على سطح الأرض. لكنّ «باثياني» يدافع عن نتائج الدراسة ويقول إن النتائج التي تم التوصل إليها تتعلق بتغيرات مقبلة وربما تكون بعض تأثيراتها قد بدأت بالفعل، لكننا لا نمتلك وسائل قياسها حتى الآن بسبب نقص البيانات المتعلقة بها. ويرى «كنوتي» أن هذا الإنجاز الذي حققه الباحثون هو «عمل دقيق ولا يحتمل الجدل»، وأن الدراسة هي على مستوى دقة النماذج التي تم بناؤها على أساسها. وبدورها طرحت الباحثة «جينيفر فرانسيس»، من جامعة «روتجيرز»، عدة تساؤلات حول نتائج الدراسة. وهي ترى أنها لم تأخذ بالحسبان عدة ظواهر مؤثرة تحدث في النصف الشمالي من الكرة الأرضية؛ ومن أهمها انصهار الصفائح الجليدية وما ينتج عنها من تأثير على المناخ. *باحث أميركي في قضايا البيئة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©