الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دع ما يريبك

دع ما يريبك
5 سبتمبر 2008 01:15
لابد أن نستثمر رمضان حتى لا ندعه يمر علينا كما ودعنا كل عام قبل أن نشبع منه، وقبل أن ننتهز فرصته، وقبل أن ننتقل إلى دائرة طاعة الله سبحانه وتعالى، وقد أرشدنا صلى الله عليه وسلم كيف نغير ما بأنفسنا حتى يغير الله سبحانه وتعالى ما بنا· فمما ترك لنا ما روى النسائي والترمذي وأحمد وابن حبان في صحيحه وغيرهم في مجموع الروايات، عن أَبي الْحَوْرَاءِ السَّعْدِيِّ، قال: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بنِ عَلِي مَا حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ الله ؟ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ الله (دَعْ مَا يَرِيُبكَ إِلَى مَالا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَإِنَّ الكِذْبَ رِيبَةٌ) (سنن الترمذي)· يقول عز وجل في كتابه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ؟ التوبة :119 ؛ فإن الإنسان الذي يجعل نفسه مع الصادقين يتعلم الصدق· والبيئة المحيطة تؤثر في الإنسان· في معرفته للمعروف وفي إنكاره للمنكر·· فالصادقون تجد فيهم الصادق· والكاذبون تجد فيهم الكاذب، ويجب علينا أن نلتفت إلى هذا، فنخرج من الكذب، حتى لو كان من حولنا يكذبون، ويجب علينا أن نلتفت إلى أنفسنا، حتى لو لم يلتفت إلى ذلك من نَشَأْنا في أوساطهم وأصبح الكذب ديدنهم· ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تَكُونُوا إِمَّعةً تَقُولُونَ إِن أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وطنوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وإِنْ اسَاءُوا فَلاَ تَظْلمُوا) (سنن الترمذي) ، فالصدق طمأنينة والكذب ريبة، ولذلك يجب علينا أن ندع ما يُريبُنا إلى ما لا يُريبُنا، والصدق مَلَكَة؛ (إنَّ الصدقَ يَهدِي إلى البِرّ، وإن البرَّ يَهدي إلى الجنَّة، وإن الرجلَ لَيَصدُق حتى يكونَ صدِّيقًا· وإن الكذبَ يَهدِي إلى الفجور، وإن الفجورَ يَهدِي إلى النار، وإن الرجلَ لَيَكذِب حتى يُكتبَ عند اللهِ كذّابًا) (البخاري)· هيئوا أنفسكم لرمضان، وعودوا أنفسكم أن تحاسبوها قبل أن تحاسَبوا، وراجعوا أنفسكم في مسألة الصدق، فكونوا صادقين؛ لأن الصدق هو حكاية الواقع، والواقع من خلق الله فإذا ما صدقت فإنما تكون كما أراد الله، والكذب هو حكاية خلاف الواقع؛ فكأنك تختلق شيئًا لم يخلقه الله وتفتري على الله الكذب وقد نسبته إلى الواقع الموجود! (الصدق طمأنينة) كلام جامع لا تزال الإنسانية في حاجه إليه ولو امتد الزمان؛ والنبي صلى الله عليه وسلم ما ترك لنا خُلُقاً يجعلنا مطمئنين راضين، ننام في الليل من غير ظلم لأحد من عباده ولا إنسان في الأرض، إلا وقد أرشدنا إليه، وما ترك لنا خلقاً يحدث قلقاً واضطراباً في الأرض إلا وقد أبعدنا عنه، فكانت شريعة الإسلام كاملةً تامةً إلى يوم الدين· فينبغي عليك أن تتدرب على الصدق خلال شهر رمضان، حتى إذا ما انصرف رمضان كان ذلك سجية لك، وكانت أعمال الخير ملكة فيك راسخة في النفس، فـ(دع ما يريبك)- وهو الكذب والشر- (إلى ما لا يريبك) وهو الصدق والخير·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©