الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكايات من التراث

حكايات من التراث
5 سبتمبر 2008 01:17
كان لسليمان ''عليه السلام'' جارية اسمها ''الأمينة'' فكان إذا أراد الدخول إلى الصلاة والوضوء أو إلى الحمام سلم الخاتم إليها، فإذا اغتسل أخذ خاتمه منها· وفي أحد الأيام دخل سليمان الحمام وسلم خاتمه إلى الأمينة، فجاء صخر الجني بصورة سليمان وأخذ الخاتم من الجارية· ولما صار الخاتم في يده لم يستقر في يده لأنه شيطان، فرماه في البحر، فجاء الحوت بإذن الله فابتلعه ومضى صخر وهو على صورة سليمان فجلس على كرسيه ومعه الناس وهم يظنون أنه سليمان· فذلك قوله تعالى: ''ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب'' ''ص - الآية ''34 قيل: الجسد هو صخر الجني· لما خرج سليمان عليه السلام من الخلاء، وقد غيّر الله صورته إلى صورة صخر، فطلب الخاتم، فقالت الجارية: أعوذ بالله منك، قد دفعت الخاتم إلى سليمان فعلم سليمان أن الله قد أوقع به البلية· فخرج يريد القصر ويقول للناس: أنا سليمان فلم يصدقه أحد· وهام سليمان يدور في الأحياء وهو يقول: إلهي إني تائب إليك من خطيئتي· فلم يزل كذلك أربعين يوماً لم يطعم شيئاً· ثم وجد قرصة يابسة ملقاة، فأخذها ولم يقدر على أكلها ليبسها، فأقبل الى ساحل البحر وقعد يبل القرصة فأخذها الموج من يده· فقال: إلهي رزقتني بعد أربعين يوماً قرصة يابسة، فأخذها البحر من يدي فارزقني فأنت الرزاق الكريم· وجعل يمشي وهو يبكي، فإذا بصيادين فسألهما شيئاً من الطعام فمنعوه وطردوه وقالوا: انصرف عنا، فما رأينا أوحش من وجهك! اذهب وحق سليمان إن قمنا لأوجعناك ضربا! قال: يا قوم، أنا والله سليمان· فضربه رجل منهم على رأسه وقال: أتكذب على نبي الله؟ فبكى وبكت الملائكة لبكائه· ورحمه أولئك القوم فناولوه سمكة وأعطوه سكيناً· فشق بطنها لينظفها·· فخرج الخاتم من بطنها فلبسه في إصبعه وعاد إليه حسنه وجماله· فسار يريد قصره، وجعل يمر بتلك القرى التي أنكرته· فكل من أنكره عرفه وسجد له· وبلغ ذلك صخراً الجني فهرب وعاد سليمان إلى قصره واجتمع له الإنس والجن والطير والشياطين والسباع· كما كانوا أول مرة· فبعث العفاريت في طلب صخر فأتوه به· فأمر أن ينقروا له صخرتين وصفده بالحديد وجعله بينهما وأطبقهما عليه، وختم عليه بخاتمه وطرحه في بحيرة طبرية· فيقال: إنه فيها إلى يوم القيامة· ثم أمر الله الرياح أن تحشر له سائر الشياطين فحشرت له· فصفد مردتهم بالحديد وحبسهم· دعاء روي أن سليمان ''عليه السلام'' كان على ساحل البحر ينتظر بعض جنوده فأبصر نملة تحمل حبة حنطة وهي تسعى نحو الماء فتعجب من قصدها الماء مع أنها تهرب منه إن وقعت فيه قهراً فما أن وصلت إلى شاطئ البحر حتى خرجت ضفدع فدنت من النملة ثم فتحت فاها فدخلت النملة في فيها باختيارها فأطبقت الضفدع فمها وغاصت في البحر وما لبثت إلا برهة يسيرة ثم عادت الضفدع فقفزت إلى البر ثم فتحت فاها فخرجت النملة من فيّها وليس معها حبة الحنطة· فلما نظر سليمان النملة تقدم إليها وسألها عن شأنها مع الضفدع وأين ذهبت معها وكيف أرجعتها وأين وضعت الحبة· فقالت النملة: اعلم يا نبي الله أنه يوجد في قعر هذا البحر صخرة مجوفة في وسطها دودة عمياء لا تستطيع الخروج منها لطلب المعاش· وقد وكّلني الله تعالى برزقها وسخرني مع هذا الضفدع لتأمين معاشها· فأنا أحمل لها طعامها من البر وهذا الحيوان ينقلني في فمه إليها فإذا وصل بي إلى الصخرة وضع فمه على ثقبها ثم قذفت بي إلى داخلها فأوصل الحبة إلى الدودة فأضعها في فمها ثم أعود إلى البر مع هذا الحيوان· فدهش سليمان ''عليه السلام'' من تلك القصة وزاد تسبيحاً ثم سألها هل سمعت لها تسبيحاً قالت: نعم سمعتها تردد هذا الدعاء: ''يا من لا ينساني في جوف هذه الصخرة تحت هذه اللجة من رزقه، لا تنس عبادك المؤمنين من رحمتك الواسعة''· المُلك قال سليمان عليه السلام'' ذات يوم لأصحابه: قد أتاني الله المُلك كما ترون، وما مر علي يوم في ملكي بحيث صفا لي من الكدر، وقد أحببت أن يكون لي يوم واحد يصفو لي الى الليل ولا أغتم فيه، وليكن غداً· فلما كان الغد دخل قصراً له وأمر بإغلاق أبوابه ومنع الناس من الدخول عليه ورفع الأخبار إليه لئلا يسمع شيئاً يسوؤه· ثم أخذ عصاه بيده وصعد فوق قصره واتكأ عليه ينظر في ممالكه، فإذا بشاب حسن الوجه عليه ثياب بيض قد خرج عليه من جانب قصره فقال: السلام عليك يا سليمان· فقال سليمان: وعليكم السلام، كيف دخلت هذا القصر وقد مُنعت من دخوله؟ أما منعك البواب والحجاب؟ أما هبتني حين دخلت قصري بغير إذني؟ فقال ملك الموت: أنا الذي لا يحجبني حاجب ولا يمنعني بواب، ولا أهاب الملوك، ولا أقبل الرشا، وما كنت لأدخل هذا القصر بغير إذن· فقال له سليمان: فمن أذِن لك في دخوله؟ قال: ربي! فارتعد سليمان وعلم أنه ملك الموت، فقال له: أنت ملك الموت؟ قال: نعم· قال: فيم جئت؟ قال: جئت لأقبض روحك· قال: يا ملك الموت، هذا يوم أردت أن يصفو لي وما أسمع فيه ما يغمني· قال له: يا سليمان إنك أردت يوماً يصفو لك فيه عيشك حتى لا تغتم فيه، وذلك اليوم لم يُخلق في الدنيا، فارض بقضاء ربك فإنه لا مَرد له· فقبض ملك الموت روحه وهو متكئ على عصاه· وبقي سليمان على حالته لم يسقط إلى الأرض ولم يتحرك ولا مال· فهابوه وما جسروا أن يتقدموا· ولم تزل الإنس والجن والشياطين والوحش والطير في الطاعة والأعمال حتى مضت سنة· ثم وقعت الأرَضة في أسفل العصا، فذلك قوله تعالى ''فلما قضينا عليه الموت ما دَلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل مِنسأته'' (سبأ: الآية 14) فخر سليمان عند ذلك· كالخشبة اليابسة· وكانت الجن قبل ذلك تدعي علم الغيب· وقد قال تعالى: ''فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبِثوا في العذاب المهين'' (سبأ: الآية 14) أي في تلك السنة في نقل الصخور والبنيان وغير ذلك·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©