الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مزارع «الذيد» تحتضر.. والمزارعون يصارعون طواحين الإهمال

مزارع «الذيد» تحتضر.. والمزارعون يصارعون طواحين الإهمال
21 يونيو 2010 20:57
لم تعد التحديات التي تواجه التنمية الزراعية في مناطق مختلفة من الدولة وليدة اليوم، كما أنها ليست نتيجة للري الجائر أو الحشرات المتسللة داخل الأشجار المستوردة، وإنما هي تحديات عالمية ولها انعكاساتها على مختلف دول العالم، وتواجه الحكومات في مختلف دول العالم الكثير من الضغوط من أجل التغلب على تلك التحديات التي إن بقيت فإن مستقبل تلك الدول سيكون في خطر حقيقي خلال سنوات قادمة. وجاء ضمن الكثير من التقارير لـ”اليونيب” في الأمم المتحدة أن حوالي مليار من البشر سوف يواجهون نقصاً في المحاصيل الزراعية نتيجة فقدان مياه الري. لم يعد سراً يخفى على أحد قدر الاختلاف الكبير في القطاع الزراعي الحالي عن ذلك الذي كان عليه قبل خمس عشرة سنة، وليس هذا التحليل من بنات أفكارنا وإنما هو نتيجة من يعيش بشكل يومي في الحقول الزراعية والمزارع في الدولة، وقد كان هذا تعليق حمد بن معضد بن هويدن الذي التقينا به في الذيد، وعلق قائلاً إن الزراعة في التسعينات كانت في عزها، وقد كانت أفضل بفضل الدعم الذي توقف بشكل شبه نهائي في السنوات القليلة الماضية، وهناك مؤشرات على حال الزراعة تلاحظ بشكل واضح من خلال السوق. فالكيماويات المركبة التي كانت بـ50 درهماً أصبحت بـ200 درهم للكيس الذي يحتوي على 50 كجم، والبذور على سبيل المثال بذور الخيار كانت بـ50 درهماً وأصبحت بـ200 درهم، وبذلك تصبح التكلفة السنوية للأسمدة الكيماوية والبذور حوالي 70 ألف درهم، فهل يكسب المزارع 70 ألفاً كل عام؟ ويكمل بن هويدن، أن لديه ثلاثة بيوت بلاستيكية يكلف كل واحد منها من خمس إلى ستة آلاف درهم وبعض الشركات لا تتنازل عن ثمانية آلاف كي تقيم بيتاً بلاستيكياً واحداً، ولم يعد المزارع يحصل إلا على مرشد زراعي يأتي في مواسم متأخرة كي يوجه إرشادات حول طرق استخدام مصائد الحشرات. ويقترح بن هويدن أن يتم الإسراع بإقامة محطات تحلية لحل المشكلة قبل أن تجف المياه وتموت المزارع ويمكن استخدام المياه المرتجعة عن عملية تبريد الألمنيوم خلال التصنيع للاستخدام الزراعي. مزارع تموت ويقول عبيد بن سلطان بن غاشم: كانت لدى بعض المزارعين مزارع عدة، وبسبب شح المياه، وانتشار السوسة وحشرات أخرى ضارة مثل حشرة الدبسة، ولعدم توافر الدعم لم يستطع الكثيرون من الإبقاء على مزارعهم، وتعتبر عملية استخدام المبيدات الزراعية الآمنة لتفادي السموم الكثيرة مكلفة في ظل غياب الدعم، لأن البعض لا يستطيع شراء تلك الأنواع لأن الجالون ربما يصل سعره إلى مائة وخمسين درهماً، كما أن المزارع يبحث عن بذور ذات نقاوة عالية. ويقترح بن غاشم أن يتم تحديد نوع كل أرض في المنطقة، مع دراسة التربة والنباتات التي تنجح زراعتها في كل أرض، وبالتالي يمكن للمزارع أن يتخصص في زراعة منتج أو منتجين بشرط أن يعود الدعم كما كان في الثمانينات، وأن يكون لكل منطقة مرشد زراعي ليس فقط من أجل التعريف بأنواع المصائد، وإنما يأتي المرشد قبل كل موسم ليقيم ورشة يشرح فيها أنواع المنتجات التي تصلح في الموسم المقبل قبل أن يبدأ، ويشرح مواقيت الحرث والتسميد ومواعيد رش المبيدات وأنواعها وطرق استخدامها، لأن غالبية المبيدات سامة والكثيرون تضرروا صحياً منها لجهلهم باستخدامها. ويزرع بن غاشم حسب الموسم مجموعة من الخضراوات، ليبيعها في سوق العوير، وهو يجد صعوبة في إيجاد البذور الجيدة غير المعالجة، وربما يصبح الإنتاج شحيحاً بسبب عدم توافر المبيدات العضوية وارتفاع سعرها وهي أيضاً غير متوافرة محلياً وعلى كل مزارع أن يبحث بنفسه، ويطالب بوضع ميزانية لدعم زراعة النخيل في المنطقة الوسطى، من أجل جذب المستثمرين وتنشيط التنمية الزراعية في المنطقة. بـ “رخص التراب” عبيد سهيل الطنيجي قال إن الأراضي لم تعد صالحة لكل الأنواع الزراعية، ولذلك ربما يتوقف حال المزارع في بعض المواسم لأن الأرض لا تستطيع تقبل نوع المنتج الذي يكون أوانه قد حان، وذلك بسبب الحرارة الزائدة وشح المياه وتملح التربة، ولذلك يضطر الكثيرون إلى بناء بيوت بلاستيكية ولكن بأعداد قليلة، وذلك يعني أن ما ينفق على الموسم الزراعي ربما لا يغطي حتى نفقات الزراعة، والمشكلة الأكبر أن المنتج المحلي لا يجد التشجيع في السوق، وسط المستورد، خاصة أن هناك فئات تتحكم في عملية البيع في ظل غياب الرقابة، ولو كانت هناك جمعية تحمي المزارع فربما تضع الآليات التي تتحكم في عملية إنزال المنتجات وبيعها قبل المنتج المستورد. ويضيف الطنيجي أن المحاصيل تباع في السوق بـ”رخص التراب”، وهي شحيحة أيضاً بسبب التحديات التي تواجه المزارع، ولذلك يقترح أن تحل قضية شح المياه قبل كل شيء، بإقامة شبكة تحلية مياه مثل تلك التي تغذي مدينة العين، وأن يكون هناك مشرفون مواطنون يقومون بالاتفاق مع المزارعين على قيمة كل شحنة تدخل السوق والإشراف على بيعها قبل أن تصل إلى العصبة التي تتحكم في السوق، وهم معروفون لأنهم يبخسون البضاعة حقها وعند بيعها لصالحهم يجد المستهلك أن المنتج سعره مرتفع جداً، فأين العدل ومتى تزال تلك المعوقات؟. ويقول الطنيجي إن المزارعين كانوا كثيرين وكانت لهم آمال كبيرة عند بدء الطفرة وبعد قيام الاتحاد، ولكن بسبب سوء استخدام المياه شحت، على جانب قلة الأمطار التي أثرت على المنسوب الجوفي، وفي ظل غياب الدعم وزيادة أسعار متطلبات الزراعة أصبح هناك شبه انسحاب جماعي في كل عام يبلغ ما بين 2-4 مزارعين، وبيعت المزارع التي لم تعد تدخل على صاحبها قيمة ما ينفق عليها في كل موسم، خاصة أن سعر حفر البئر الواحد قد وصل إلى 60 ألف درهم، ولا يضمن المزارع في نهاية الأمر أن يجد الماء في نهاية العملية. أزمة مائية ومن جانبه قال الدكتور خليفة بن عبيد بن دلموك إن دولة الإمارات تمر بأزمة مائية شديدة سواء بالنسبة للزراعة أو بالنسبة لمياه الشرب للإنسان والكائنات الحية من حوله، ومنذ 15 عاماً لم تحصل الأرض على الكميات المناسبة لتغذية المخزون الجوفي، خاصة أن المخزون الجوفي استنزف خلال ثمانية وثلاثين عاماً، حيث لم يكن هناك ترشيد، والأمطار التي تسقط قليلة، وتلك التي تخزن في السدود تتبخر من دون أن يستفاد منها، فهل أقيمت شبكة لتحويل تلك المياه إلى المزارع القريبة من السدود من أجل الاستفادة منها؟ وإن كان ذلك قد تم، ما هي المناطق الزراعية التي تستفيد من تلك المياه التي تتجمع في السدود؟. أيضا شح المياه الجوفية نتيجة حجز المياه في السدود أدى إلى تملح التربة، وربما لم تجر دراسات حتى الآن حول مدى صحة وضع السدود واتجاهها الصحيح لتغذية المناطق الزراعية، لأن تلك المياه تتبخر إن لم يتم توجيهها عبر شبكة ري للمزارع، خاصة أنها تحجز مياه الأمطار من الجريان في الأودية ومن ثم إلى التربة لتغذية المخزون الجوفي، والمفترض أن تكون هناك سدود أرضية، تحمي المزارع من الموت نتيجة جفاف الآبار الجوفية، والبعض منها يصارع ولا يعلم أصحابها متى تجف منها المياه. حلول ويضيف د. خليفة أن هناك مجموعة من الحلول، منها أن يتم توزيع المياه العشوائية التي تتخلف عن التصنيع بأسعار رمزية، خاصة أن المياه الجوفية التي كان يحفر لها بعمق 17 قدماً أصبحت جافة وشحيحة وأصبح المزارع يحفر حتى عمق 22 قدماً، وهو انخفاض مطرد يزداد عاماً بعد عام، والاقتراح الثاني أن تقام محطة لتحلية المياه وتقام شبكة لمد المياه عبر أفلاج على المزارع، ويمكن أيضاً سحب المياه من الدول الصديقة مثل الهند وباكستان مقابل البترول. كما طالب الدكتور خليفة بأدوار أكثر جدية تجاه الحشرات مثل سوسة النخيل التي لم يوجد لها حل جذري ونهائي منذ عام 1985 وقد دخلت على الدولة عبر دول الجوار، وربما عبر الأسمدة الملوثة، إلى جانب أن النخيل تعاني من حفار النخيل الذي يضرب قلب النخلة وهناك أيضاً الدبسة وهي ترهق المزارع وتفسد الإنتاج الزراعي، والمزارعون يرون أن المكافحة لم تكن منظمة ومدروسة وإنما كانت شبه عشوائية، كما يعاني المزارعون شح السموم الآمنة وارتفاع أسعارها بسبب عدم توافر رقابة على التجار، والكل يريد أن يستفيد من المزارع المواطن، بل إن بعض السموم ربما تكون قاتلة ولا يتم الإبلاغ عنها، ويقترح أن تقوم هيئات البيئة في مختلف الإمارات بالإشراف والمتابعة.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©