الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طلبة الإمارات يخوضون تجاربهم في رحاب «الخليج السينمائي»

طلبة الإمارات يخوضون تجاربهم في رحاب «الخليج السينمائي»
15 ابريل 2012
تتواصل فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الخليج السينمائي واعدة بالأفضل، وتتوالى المفاجآت معبرة عن استجابة صناع السينما في المنطقة لمحفزات النجاح المتنوعة التي يبثها المهرجان في غير اتجاه، مؤكداً عبرها العزم على استنهاض الفن السابع محلياً واقليمياً سعياً وراء ترسيخ شرعية الانتماء إلى لغة بصرية معاصرة مستوفية لشروط الحوار الحضاري. ولعل أبرز ما يجدر التوقف عنده في إطار الأنشطة المتنوعة التي يقترحها المهرجان يتمثل في مسابقة “أفلام الطلبة”، بما تعنيه من مراودة المستقبل عن فرص النجاح والتطور على صورة مساهمة فاعلة في ردم الهوة الإنجازية القائمة، وتخطي العراقيل المعيقة نحو بناء مشهد سينمائي مستكمل الأبعاد، ومستوف لشروط التحقق. طاقات شابة متوثبة، ومدركة لحجم التحدي الذي تواجهه، هي تدرك واقعها جيداً، لكنها تدرك أيضاً إمكاناتها الواعدة، وتعرف السبيل نحو الاستثمار الأفضل لتلك الإمكانات، لتقفل الدائرة على فرصة مبشرة بالإنجاز: مواهب شابة مدربة ومجربة، يجري احتضانها في إطار من العمل الجدي والمحترف، وتتم رعايتها في شروط صحية سليمة تعترف بالموهبة، بقدر ما تدرك أهمية التجربة، هكذا تتعزز الثقة بالغد السينمائي الخليجي، ويصير الركون إلى إيجابية القادم عملاً مشروعاً، بل ومطلوباً أيضاً.. انفجار الأحاسيس يقول الطالب أحمد الحبسي، وهو صاحب فيلم “الكمد” المشارك في مسابقة الطلبة، إنه اختار التعبير من خلال عمله السينمائي، عن واقع رجل مأزوم يعيش ظروف كبت المشاعر، وتحمل الضغوطات اليومية دون أدنى تعبير عن الرفض، أما عن الدافع الذي أملى عليه هذا الخيار، فهو وجود مثل هذه الشخصيات في الواقع الحياتي يجري التغاضي عن معاناتها غالباً، ويتم القفز من فوق مشاعرها المتأزمة دون أدنى حساب للتداعيات المتأتية عن حالة مماثلة. عن هؤلاء الناس، يوضح الحبسي، يبدون لوهلة كما لو أنهم مجردون من القدرة على رد الفعل، لكنهم غالباً يمارسون ما يشبه الانفجار الإحساسي في نهاية الأمر، وهذا ما يحاول الفيلم قوله عبر لغة بصرية مراعية للظروف النفسية التي يجتازها الشخص المعني. استعان الحبسي لإنجاز فيلمه بالممثل سلطان النقبي، وهو ممثل مسرحي في مسرح رأس الخيمة، وبالطفل عبيد الجبسي، كما شارك هو شخصياً في أحد الأدوار، وهو يعتبر مجرد وصول فيلمه إلى مسابقة مهرجان الخليج السينمائي مكافأة له على جهوده، فالأمر يمثل إنجازاً كونها تجربته الأولى. متسع للتأمل من جهته اختار إبراهيم الراسبي، وهو طالب في كلية القنية في رأس الخيمة، “القبر” عنواناً لفيلمه، وهو يوضح أن الأمر يتعلق بعمل روائي خيالي، يتناول حكاية قديمة تماثل مفهوم الصحي في زمننا الراهن، حيث هناك مجموعة من المرضى المعزولين عن العالم الخارجي بسبب كون مرضهم معدياً، وهناك أيضاً رجل يتولى تأمين الخدمات لهؤلاء المرضى، لكنه لا يلبث أن يموت متأثراً ربما بالأجواء التراجيدية المحيطة به.. يوضح إبراهيم أنه قرر إعمال المخيلة في عمله السينمائي الأول، إيماناً منه بكون السينما أكثر من مجرد صورة متحركة تعكس الواقع كما هو، بل هي تملك في الحقيقة متسعاً للتأمل والتخيل، وطرح التساؤلات في أجواء تفتقد للوضوح والحسم. استعان الراسبي بالممثلين محمد مطر، سالم مطر، وعبد الرحمن الكاس، ومحمد أنور، وهم من أصدقائه، وهو إذ يشير إلى بعض الصعوبات التي واجهت تنفيذ الفيلم، إلا أنه يتحدث بثقة عن إشراق المستقبل السينمائي في دولة الإمارات العربية المتحدة خاصة، وفي الخليج عامة، وذلك بوجود أجواء من الرعاية والاهتمام، يمثل مهرجان الخليج السينمائي إحدى علاماتها الأبرز. إحاطة بالمشهد بدوره يؤكد عبدالله عوض مبارك الذي تولى مهمة التصوير في الفيلم، وشارك الراسبي في كتابة السيناريو، أنه تعلم أشياء شتى من تجربته السينمائية الأولى، خاصة فيما يتصل بتقنيات التصوير والإضاءة التي تبقى في أساسيات البنية البصرية، مشدداً على أهمية أن يحيط العامل في مجال السينما بمختلف المقومات المؤسسة لها، ذلك أن النهضة السينمائية الحقيقية تحتاج ملء الشواغر في كل الأجزاء المتضافرة على بناء المشهد المرئي، ولا يكفي أن يكون هناك مخرجون فقط. وفاء نخلة “النخلة العجوز” هو عنوان الفيلم الذي قدمته الطالبة إيمان السويدي، وهي من طالبات كلية الشارقة التقنية، وقد وزعت الأدوار التمثيلية في الفيلم على كل من فاطمة عبد العزيز، ولطيفة محمد، إضافة إلى خليفة محمد. وتوضح السويدي أنها اختارت أن تناقش قضية مجتمعية بالغة الأثر تتعلق بتخلي الأبناء عن ذويهم في المرحلة الأكثر حرجاً من مراحل العمر، أي عندما يكون الأهل في أواخر أيامهم يحتاجون من يؤنس وحشتهم، ويلطف من قسوة الوحدة المهيمنة على لحظاتهم البائسة. وتضيف إيمان أنها تؤمن بكون السينما منبراً يصلح لطرح الإشكاليات المجتمعية على بساط البحث، وإن كان ليس معنياً بالضرورة في طرح الحلول الملائمة لها، وهي تبقى من شأن المختصين وأصحاب الشأن. اختارت المخرجة نخلة معمرة لتشرح عبرها حكاية سيدة عجوز تخلى عنها أبناؤها في خريف العمر، النخلة كان زوجها الراحل قد زرعها لها قبل رحيله، ثمة شيء من الرمزية في التعبير عن الوفاء الإنساني المنقرض، حيث يمكن للجماد أن يكون أكثر ألفة من البشر، عندما تقودها الحياة في مسالك الوحدة والوحشة، ولا تجد السيدة سوى ظل النخلة الوارف لتسترجع في رحابه ذكريات الماضي.. وتشير إيمان إلى أنها واجهت بعض الصعوبات في إنجاز فيلمها، خاصة لناحية العثور على ممثلين، فهي حاولت الاستعانة بإحدى الممثلات المحترفات، لكن تضارب المواعيد حال دون ذلك، وهي تشير بالمقابل إلى إيجابيات كثيرة في الساحة السينمائية الإماراتية، وفي مقدمها وفرة المهرجانات، لا سيما مهرجان الخليج الذي يبدي اهتماماً ملحوظاً بأعمال الطلبة، ويتعهدهم بالرعاية والتدريب ما يعزز الثقة بالمستقبل. بالظلال وحدها بدورها عائشة العبدالله، طالبة في جامعة الإمارات، اختارت أن تسجل في فيلمها حكاية الإنسان منذ ولادته حتى وفاته مروراً بسائر المراحل من طفولة وشباب، ونضج وشيخوخة، لكن عادية اختيارها لم تمنعها من البحث عن التفرد في الشكل الذي قدمت الفيلم من خلاله، حيث اختارت ظلال الأشخاص، وليس صورهم الواقعية لتعبر عن حراكهم الحياتي. أما عن الهدف من وراء ذلك فتقول عائشة إنها سعت لاقتراح تقنية مغايرة للسائد، يقيناً منها أن السينما تحتمل التجريب، بل وتفترضه أيضاً، وقد يكون الأمر منطوياً على بعض المغامرة، لكن النجاح الحقيقي يتطلب شيئاً من ذلك، برأيها، وإن كان من الضروري أن تأتي المغامرة مدروسة ومحسوبة، ولا تقتصر على كونها مجرد خطوة في المجهول. لكل بداية نهاية، هذه هي المقولة التي تقول عائشة إنها رغبت في التعبير عنها عبر منجزها السينمائي الأول، وهي تشير إلى دعم تلقته من شركة ظبي الخليج للأفلام، التي يترأسها الفنان علي المرزوقي، حيث جرت الموافقة على إنتاج الفيلم بمجرد عرض الفكرة، كما تم تأمين الممثلين، وهي المشكلة الأصعب التي تواجه المخرجين الشباب. ترى العبدالله أن مهرجان الخليج السينمائي يحتضن المواهب الطلابية، ويساعد المخرجين الناشئين على التأسيس لمشاريعهم الأولى، والتي تكون الأصعب عادة.. تصحيح المفاهيم المخرج خالد العبدالله، وهو خريج كلية التقنية في دبي، يشارك في المسابقة بفيلمه الرابع تحت عنوان “آيس كريم”، يروي الفيلم، وهو من النوع الصامت، حكاية ولد من عائلة متواضعة الإمكانات، يطمح إلى شراء قطعة آيس كريم، وهو يضع لذلك الكثير من الخطط والمشاريع، ويجتاز مراحل صعبة بهدف تأمين المبلغ الضروري للحصول على القطعة. أما عن الهدف الذي يسعى لإدراكه من خلال الفيلم، فيقول خالد: رغبت في توصيل رسالة إلى المتلقي الذي يمتلك بعض الأفكار الخاطئة حيال الشعب الإماراتي، والخليجي خاصة، وهي تختصر بمقولة أن كل من يرتدي الكندورة هو إنسان ثري بالضرورة، وهو إذ يؤكد أن ليس هناك من أزمة اجتماعية عامة في هذا السياق، لكنه يوضح أن أمراً مماثلاً لما تضمنه الفيلم قد يصح كحالة فردية. يكشف خالد أن يشارك للمرة الثالثة في مهرجان الخليج السينمائي، وهو يعتبر المهرجان بمثابة بيته الثاني، مشيداً بما يقدمه من دعم صادق للصناعة السينمائية في دول الخليج العربي، ومعرباً عن تفاؤله بمستقبل السينما الخليجية، ذلك أن وجود ثلاثة مهرجانات سينمائية محترفة في دولة واحدة أمر يبعث على الاطمئنان.. واقع وخيال من الأفلام المشاركة في المسابقة أيضاً فيلم “رذاذ الحياة” للطالبة فاطمة عبدالله من كلية رأس الخيمة التقنية، وهو من النوع الدرامي يتناول قصة فتاة تعيش مختلف لحظات حياتها فتتزوج وتموت لكنها تولد مجدداً، مؤكدة أن قصة فيلمها واقعية وإن كانت تطرح بشكل خيالي، فهي تنقل طقوس التحضير لحفل الزفاف، وترصد مختلف المشاعر الواقعية التي تتحكم بالمقبلين عليه، لكنها تقفز فجأة نحو الخيال اعتقاداً منها أن الدمج بين المفهومين يساعد في إنتاج سينما مختلفة، كما يسمح بترك المجال أمام المتلقي للتفكير وطرح رؤيته الخاصة للإشكالية المثارة، ما يعني تفاعلاً مجدياً بين طرفي المعادلة. من البداية الطالبة شما الشحي، زميلة فاطمة في الكلية، ساهمت في كتابة ســيناريو الفيلم، وهي ترى أنه يجدر بالعامل في الحقل السـينمائي أن يمتلك القدرة على التعامل مع المرئي والمكتوب في آن. فالسيناريو الناجح هو في أساس الفيلم المتميز، سيكون نوعاً من إضاعة الوقت أن ننتظر نهضة سينمائية دون استكمال الإعداد في مختلف العناصر المكونة للصورة، وترى التجربة مشجعة متمنية أن تتابع مسيرتها السينمائية نحو الأرقى والأفضل. كذلك تؤكد مريم راشد الطنيجي، زميلة شما وفاطمة في كلية رأس الخيمة، والمساهمة في الفيلم من خلال التصوير والإضاءة، أنها تحب الإخراج السينمائي، لكنها تفضل أن تسير الدرب من بدايتها، وتتعرف إلى مختلف المرافق المساهمة في صناعة العمل. وتوضح مريم أنها لا تقر بكون المخرج هو الرقم واحد في الفيلم، ذلك أنه لابد من وجود تكامل بين جميع العاملين، ولا يسع المخرج أن ينجح بمفرده مهما بلغت درجة موهبته.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©