الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معلم جديد.. لمجتمع جديد

15 ابريل 2012
عندما نتحدث عن آفاق النظام التعليمي الجديد، يجب ألا يغيب عنا أن هدف التربية الجديدة لم يعد تحصيل المعرفة فحسب، فلم تعد المعرفة هدفاً في حد ذاته، بل الأهم من تحصيلها، القدرة على الوصول إلى مصادرها الأصلية وتوظيفها لحل المشاكل. لقد أصبحت القدرة على طرح الأسئلة في هذا العالم المتغير الزاخر بالاحتمالات والبدائل تفوق أهمية القدرة على الإجابة عنها، وهي تحصيل المعرفة وإتقانها هدفاً لم ندركه بعد. فلابد أن تسعى التربية الجديدة لإكساب الفرد أقصى درجات المرونة وسرعة التفكير والقدرة على التكيف الاجتماعي والفكري، حيث لم تعد وظيفة التعليم في التربية الجديدة مقصورة على تلبية الاحتياجات الاجتماعية، والمطالب الفردية، بل تجاوزتها إلى النواحي الوجدانية والأخلاقية، وإكساب الإنسان القدرة على تحقيق ذاته، وأن يحيا حياة أكثر ثراء وعمقاً. وعلى التربية الجديدة، أن تتصدى للروح السلبية بتنمية التفكير الإيجابي، وقبول المخاطرة وتعميق مفهوم المشاركة، وأن تنمي النزعة لدى إنسان الغد – بحيث يدرك كيف تعمل آليات تفكيره – بما يجعله واعياً بأنماط التفكير المختلفة، وذا قدرة على التعامل مع العوامل الرمزية بجانب العوامل المحسوسة دون أن يفقد الصلة التي تربط بينهما. ويمكن القول إن هذه الملامح تتركز في تنمية التفاعل التعليمي بين المعلم والمتعلم من ناحية، ومصادر تعلمه من ناحية أخرى، وتنمية وتشجيع التعلم الذاتي أمام الطلاب بما يتناسب وقدراتهم وميولهم وظروفهم واحتياجاتهم، بصرف النظر عن كون هذا التعلم يتم في المدرسة أو المنزل، دون أن نغفل التعلم التعاوني، وإتاحة المزيد من فرص تنمية القدرة على البحث والتحري عن المعلومات المستهدفة والاستفادة من التقدم الهائل للتكنولوجيا الحديثة في التواصل مع الشبكات المحلية والعالمية. الاتجاه الحديث للتعلم، يؤكد تشجيع التعليم الديمقراطي، حيث يتاح للمتعلم فرصاً تعليمية تتناسب واستعداداته وقدراته وميوله ويتعلم بحرية، وأن يلم المتعلم بالثقافة العالمية لكثير من بلدان العالم الأخرى مع عدم إهمال ثقافته المحلية. فإذا كان التعليم هو طريق التقدم، فإنه لا يصنع من فراغ، فهو يتأثر باتجاهات العصر، وبأهداف المجتمع الذي يتحمل مسؤولية توجيهه، وهكذا بالنسبة للمعلم فإن أدواره ومسؤولياته وإعداده من أجل تحمل مسؤولية التوجيه في هذا التعليم لابد من النظر إليها في ضوء التغيرات التي يشهدها المجتمع والتي تفسر ما يأخذ به من اتجاهات وما يقابله من تحديات ومسؤوليات. فإذا كانت نظرات اللوم تتجه إلى المعلم في أحيان كثيرة دون إنصاف، علينا أن نجعل من المعلم مصدراً للحلول بدلاً من أن يكون لباً للمشكلة، وأن ثورة التجديد التربوي لا يمكن أن تنجح دون أن يكون على رأسها المعلم. فللمعلم دوره في المحافظة على ثقافة المجتمع وتقاليده، كوسيط فاعل ومؤثر في نقل التراث الثقافي من جيل إلى جيل، بل لا تنكر فاعليته في إحداث التغيير الاجتماعي بالفكر والمعرفة، بل إنه أداة الوصل بين عصر الأمس ومعرفته المتراكمة، وعصر اليوم بما يحمله من تدفق معرفي هائل، والغد الجديد بغموضه وتعقده وازدحامه بآمال عريضه يصعب التنبؤ بها. وفى ضوء تفاؤلنا بملامح نظام تعليمي جديد، تتأتي الحاجة الدائمة والملحة إلى معلم جديد.. لمجتمع جديد.. لأجيال جديدة. المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©