الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دراسة طبية حديثة: زيت السمك لا يحمي القلب من الأمراض

دراسة طبية حديثة: زيت السمك لا يحمي القلب من الأمراض
15 ابريل 2012
أظهرت دراسة جديدة نُشرت في العدد الأخير من مجلة «أرشيفات الطب الداخلي» أن الأحماض الدهنية «أوميجا 3» لا تُساعد الأشخاص المصابين بأمراض القلب أو الذين لديهم قابلية مسبقة للإصابة بأحد أمراض القلب على تجنب الإصابة باضطرابات القلب في المستقبل. وإذا كانت العديد من الدراسات السابقة والحاضرة تُشير إلى وجود علاقة بين زيت السمك وصحة القلب، فإنها تخص الأشخاص الأصحاء وغير المعرضين للإصابة بأمراض القلب. قام الدكتور سانج مي كواك وفريق من العلماء الكوريين الجنوبيين بالاطلاع على دراسات شملت مجموعةً من مرضى القلب سبق لهم أن تناولوا مركبات أحماض أمينية تحتوي على «أوميجا 3» مثل «EPA» و«DHA» الموجودة عادةً في الأسماك. وبلغ عدد الدراسات التي اطلع عليها سانج وزملاؤه 14 دراسةً شملت 20,485 مريضاً معظمهم من الرجال. وكانت هذه الدراسات جميعها من النوع الذي يعتمد على معايير علمية وبحثية قياسية عالية الجودة. وطُلب فيها من الأشخاص المشاركين أن يختاروا بشكل اعتباطي حبوب زيت سمك كان بعضها حقيقي والآخر عبارة عن غُفل لا يحتوي علي أية عناصر فعالة. وكان أمد كل دراسة من هذه الدراسات يتراوح بين سنة وخمس سنوات. وسجل الباحثون أن تناوُل المرضى حبوب «أوميجا 3» حقيقية لم يكن له أي تأثير على مستوى تقليل مخاطر وعدد مرات تعرضهم لمشاكل قلبية مثل الجلطات أو الموت الفُجائي أو قصور القلب أو ذبحة صدرية أو سكتة دماغية، بصرف النظر عن جرعة زيت السمك المستخدمة في كل كبسولة. بين الأمس واليوم يجدُر التذكير إلى أن فكرة كون تناوُل زيت السمك يحمي من الإصابة من أحد أمراض القلب ترجع جذورها إلى سبعينيات القرن الماضي، حيث افترض علماء أن اتباع نظام غذائي غني بالأسماك والأغذية البحرية بشكل عام له الفضل في انخفاض معدلات الإصابة بأمراض القلب لدى شعب الإسكيمو في جزيرة جرينلاند الدانماركية نظراً لاعتمادهم الكبير على استهلاك الأسماك وطول آماد أعمارهم. ومنذ ذلك الحين، تعاقب ظهور دراسات تناولت الموضوع ذاته، وأفاد الكثير منها أن الحمضين الأمينيين الدهنيين «EPA» و»DHA» يُسهمان في تقليل مخاطر الالتهاب واضطراب خفقان القلب، بالإضافة إلى تقليل تكون الصفيحات في الشرايين الدموية. وعلى الرغم من أن الباحثين أقروا في بعض الدراسات الخاصة أنه يصعب مراقبة ما يفعله الناس في حياتهم اليومية، فيمكن دائماً أن تكون بعض السلوكات غير تناوُل السمك هي المسؤولة عن تحسن أو تراجع صحتهم العامة. وشهد مسار البحث العلمي حول آثار «أوميجا 3» تحولاً عندما بدأ الباحثون يدرسون علاقتها بأمراض مختلفة. وأصبحت المشكلة أكثر تعقيداً وإثارةً للجدل حينما بدأوا يُجرون تجارب سريرية حقيقية على أشخاص يعانون مسبقاً من أمراض في القلب. ويُطلب من هؤلاء الأشخاص المشاركة في هذه التجارب نظراً لأن الباحثين الذين يُخضعونهم لهذه الدراسات يتمكنون بسرعة وسهولة من معرفة مدى وجود دور لهذه الأحماض الأمينية في الحماية من الإصابة المتكررة بإحدى مشاكل القلب. وقد بينت بعض الدراسات أن هذه الأحماض لها منافع، بينما أفادت دراسات أخرى أنه لا علاقة لها بتقليل عدد المرات التي يتعرض لها المصابون بأمراض القلب لمشاكل قلبية. غير أن معظم الباحثين والعلماء يُرجحون فرضية عدم تأثيرها الإيجابي على مرضى القلب والمعرضين لها. ويقول الباحثان فرانك هيو وجووان من جامعة هارفارد في تعليق لهما على هذه الدراسة التوليفية المقارنة إنه ربما تكون بعض الأدوية مثل ستاتين تجعل من الصعب رصد فوائد زيوت السمك باعتبار أدوية ستاتين وعقاقير أخرى غيرها تُساعد المرضى مسبقاً إلى حد كبير. وهذا قد يُفسر سبب إشارة دراسات سريرية حديثة إلى عدم وجود فوائد للحمض الأميني «أوميجا 3»، في حين تُسهب الدراسات القديمة في إظهار منافعه. فوائد السمك يقول الباحثون إن هذه الدراسة المقارنة تشمل تجارب سريرية تتميز كافتها بقصر مدتها (من سنة إلى 5 سنوات)، وهو عمر قصير جداً في مجال البحث العلمي، بحيث يصعب الاعتماد على هكذا فترات للجزم بمدى دقة نتائج الدراسة على مستوى التقليل من مخاطر التعرض للجلطات القلبية ومشاكل صحية أخرى قد تحدث جراء اعتلال القلب. ويضيفون أن هناك فرقاً بين تأثير المركب الأميني «DHA» و»EPA» على الأشخاص غير المصابين بأحد أمراض القلب مقارنةً مع الأشخاص المصابين مسبقاً. لكنهم يقولون مع ذلك إنه لا يوجد دليل علمي قاطع إلى الآن يدفع الباحثين إلى التوصية باستهلاك كبسولات «أوميجا 3» لتفادي الإصابة بأحد مشاكل القلب للمرة الأولى أو لمرات متكررة لاحقة. وهذا لا يعني في الوقت ذاته أنه يتعين على الأطباء التوقف عن نُصح مرضاهم بتناوُل زيت السمك. فالسمك يبقى بديلاً جيداً أفضل من غيره من أشكال البروتينات. فهو لا يزال إلى الآن حسن السمعة، عكس ما يحصل مع اللحوم الحمراء التي أصبحت في الآونة الأخيرة بُعبُعاً غذائياً يُحذر منه معظم العلماء والباحثين بسبب ضررها الذي يفوق نفعها، ليس لذاتها بالضرورة، وإنما لتغير أنماط تعليفها التي يطغى عليها المنطق الربحي وليس البيئي أو الصحي. وهناك أيضاً أحماض أمينية دهنية ذات مصدر نباتي تُروج باسم «ALA» تُعد غنيةً بأوميجا 3، لكن سلبيتها الوحيدة هي كونها تأخذ وقتاً أطول لتتحول إلى أحماض أمينية دهنية لها نفس مفعول الأحماض الأمينية الدهنية الموجودة في الأسماك وزيوتها. وإلى جانب ذلك، يقول باحثون آخرون إن عدم تناوُلنا ما يكفي من الزيوت الصحية كزيت الزيتون وزيت الأفوكادو يجعل أجسامنا لا تحصل على ما يكفي من الأحماض الأمينية الدهنية النافعة، ما يُحتم علينا تعويض هذا النقص بالحصول على هذه الأحماض من مصادر أخرى، ولعل السمك من أكثر هذه المصادر الغذائية غنى بهذه الأحماض الدهنية، وهم يعتبرون أن من أبرز فوائدها زيادة أمد الحياة والوقاية من الخرف، أو تأجيله على الأقل. هشام أحناش عن «لوس أنجلوس تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©