الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فتاة جزائرية تتجاوز إعاقتها بالتفوق في الرياضة والدراسة

فتاة جزائرية تتجاوز إعاقتها بالتفوق في الرياضة والدراسة
15 ابريل 2013 21:27
حسين محمد (الجزائر) - أدركت منذ بدأت تعي ما حولها وهي في سن مبكرة من حياتها أنها تختلف عن أقرانها؛ فهي لا تستطيع الوقوف على رجليها والسير واللعب والحركة كبقية الأطفال، بعد أن تسببت حمى قوية دهمتها ليلاً، وعمرها لا يتجاوز 5 أشهر ولم تُعالج في الوقت المناسب، في إعاقتها بنسبة 100 بالمائة، ما جعلها تشعر بشيء من العجز والنقص وهي صغيرة، لكنها لم تترك هذه المشاعر السلبية تكبر معها وقررت رفع التحدي ونجحت في تجاوز إعاقتها بعد أن تألقت في الدراسة وممارسة الرياضة معاً. التأثر بالمكان اسمها سلوى حمزاوي، 29 سنة، من ولاية خنشلة شرق الجزائر، وهي ولاية توصف بـ»الثورية»؛ لأن أهلها كانوا من الأوائل الذين تصدُّوا للاستعمار الفرنسي وفجَّروا ضده ثورة مسلحة قبل أن تكمل باقي الولايات الجزائرية استعدادَها لثورة التحرير (1 نوفمبر 1954- 5 يوليو 1962)، ودفعت ثمن هذا التحدي غالياً بفقدانها آلاف الشهداء. وربما تأثرت سلوى ببطولات أبناء منطقتها ضد الفرنسيين فقررت أن تكون بطلة هي الأخرى، ولكن في ميادين مختلفة، فتألقت في دراستها ثم في ميدان الرياضة وأصبحت بطلة الجزائر ثلاث مرات في ألعاب القوى، اختصاصات رمي الرمح والقرص والجُلَّة، وهذا في سنوات 2010 و2011 و2012، وهي تأمل في حصد المزيد من الألقاب مستقبلاً بداية ببطولة الجزائر لألعاب القوى للسنة الجارية 2013، ولكن الفرصة قد لا تُتاح لها هذه المرّة «حدث خلافٌ بين وبين رئيس النادي الرياضي لولاية خنشلة بسبب احتجاجي على انعدام الحد الأدنى من الإمكانات للتدرّب ومواصلة المشوار، وعوض أن يعمل رئيسُ النادي على توفير الإمكانات المطلوبة، قام بإبعادي عن الفريق كإجراءٍ عقابي، وهو قرارٌ صادم وغير منصف، وهناك مساع للعودة ولا أزال أنتظر القرار النهائي». هذا التعسف والقهر، ذكّر سلوى بحادثٍ مشابه تعرَّضت له صيف العام الماضي، حيث لم تُوجّه لها الدعوة للمشاركة في أولمبياد ذوي الاحتياجات الخاصة الذي أقيم بلندن، رغم تألُّقها وفوزها بثلاث بطولات وطنية متتالية، ولم تفهم سلوى إلى الآن أسباب هذا الإقصاء والتهميش الذي حزّ كثيراً في نفسها وترك في حلقها غصة ومرارة. تألقٌ أكاديمي على الصعيد الدراسي، تألقت سلوى أيضاً في مختلف مراحل دراستها وكانت تحصل دوماً على معدلات عالية إلى غاية نجاحها في امتحان البكالوريا، وبعدها دخلت جامعة خنشلة، وتخرَّجت في معهد الاقتصاد بشهادة الليسانس، تخصُّص مالية، لكن ذلك لم يُرض طموحاتها، فسجلت في معهد الأدب العربي وحصلت على المرتبة الأولى في هذا الفرع في العام الماضي بمعدل تجاوز 15، وهي الآن في سـنتها الجامعية الثانية، متحدّية في ذلك كل الصـعوبات التي تواجهها وفي مقدمتها الانتقال على كرسي متحرك إلى الطوابق العليا. إلى ذلك، تقول «ليس من السهل أن تجد دائماً من يتبرَّع لنقلك إلى الطوابق العليا، هذا من أهم المتاعب التي أواجهها باستمرار في الجامعة، كما أن هذا الكرسي المتحرك لا يُستبدل إلا مرة كل 5 سنوات ولو أُصيب بعطب، ولو حصلتُ على كرسي كهربائي لكان الوضع أفضل بكثير، وذلك متعذّرٌ الآن لغلاء سعره، ولكن هذه المتاعب لن تثنيني عن مواصلة دراستي والحصول على الليسانس في الأدب العربي، وبعدها سأرى إمكانية مواصلة الدراسات العليا في هذا الفرع أو في الاقتصاد». وفتح لها تفوّقُها الدراسي المجالَ للعمل، إذ وجدت سلوى عملاً في «دار الطفولة المسعفة»، وهي دارٌ مخصَّصة للأطفال الأيتام ومجهولي النسب، وتحرص سلوى على معاملتهم بكل حنان ورفق قصد تعويضهم عن الحنان الأمومي المفقود، إلا أن مكان العمل يبعد عن مقر الجامعة بنحو 40 كيلومتراً، ما يجعلها تواجه صعوباتٍ في التوفيق بين الدراسة الجامعية والعمل والبيت، لاسيما وأنها تقطن بمنطقة ريفية تُسمى «عين الدويرة» وتبعد عن مقر الولاية بـ30 كيلومتراً، إلا أن كل هذه المشاقّ تشكّل حافزاً لها على التحدي والاستمرار لضمان مواصلة النجاح. مثال يحتذى سلوى تشكِّل اليوم أحد الأمثلة الناجحة التي تُقدّم لذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة الصغار منهم لرفع معنوياتهم ودفعهم إلى الاقتداء بها، عوض أن يستسلموا لمشاعر اليأس والإحباط والتشاؤم وكذلك الإحساس بالعجز وعدم الأهمية في الحياة. تقول سلوى «هذه المشاعر تنتاب أي معوق، ولكن الاستسلام لها سيدمِّر شخصيته تماماً ويشلُّ قدراته ولن ينفعه في شيء، ولذلك أنصحهم بضرورة التحدي والإصرار على النجاح للتعويض عما تخلِّفه الإعاقة من أضرار بدنية، كما أوصي الأولياء بضرورة معاملة أطفالهم المعاقين بالحسنى ومراعاة مشاعرهم والكفِّ عن تهميشهم ونبذهم وتأنيبهم وتحميلهم مسؤولية حالاتهم، ما يفاقم شعورهم بالذنب والعجز والإحباط». وتضيف «ساعدوا أطفالكم المعاقين على تخطي هذه المرحلة الصعبة ولا تكونوا سبباً إضافياً يسحق شخصياتهم ويدمر مستقبلهم».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©