الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسئلة الثقافة الشائكة...

أسئلة الثقافة الشائكة...
12 يناير 2012
تميز ملتقى المثقفين السعوديين الثاني الذي عقد مؤخراً في الرياض بحضور عدد كبير من المثقفين السعوديين وشهد عدداً من الندوات والفعاليات الثقافية المهمة التي أقيمت على مدار أربعة أيام، وعالجت قضايا ثقافية وأدبية مختلفة، كما كرم عدداً من رواد الثقافة في المملكة وجرى خلاله الإعلان عن إطلاق جائزة وزارة الثقافة والإعلام للكتاب، والتي ستمنح – كما صرح وزير الثقافة السعودي عبد العزيز خوجة – لعشرة كتب من مختلف التخصصات المعرفية لمؤلفين سعوديين. وقال خوجة إن الجائزة ستنطلق في معرض الكتاب الدولي. يهدف الملتقى، حسب ما قال وزير الثقافة السعودي عبدالعزيز خوجه، إلى إعادة النظر في السبل التي تفسح المكان للعمل الثقافي، والتشريعات التي ينبغي أن تمهد الطريق إلى الإبداع. معتبرا أن الثقافة والإبداع سمة من سمات الذات المفردة، وهو لصيق الذات المفردة المبدعة. ومن بين الندوات التي شهدها الملتقى واحدة عن الجوائز الثقافية وأخرى عن دور المرأة الثقافي وثالثة عن التراث الموسيقي في الجزيرة العربية. الجوائز الثقافية أدار ندوة الجوائز الثقافية أمين عام دارة الملك عبد العزيز معالي الدكتور فهد السماري وشارك فيها الدكتور عبد الله بن صالح العثيمين وحسين محمد بافقيه والدكتور سعيد محمد الشيخ. وأكد معالي أمين عام دارة الملك عبد العزيز أن المتتبع للثقافة العربية يجد أن لديها الريادة في تفعيل الجوائز الثقافية، مشيراً إلى أن هذا الجانب مهم؛ لأن المجتمعات والأمم عندما تقلب في صفحاتها تجد أنها تعتبر الجائزة من الركائز، وأن موضوع الجوائز يحتاج للطرح والنقاش لتعزيز التوجه ومعالجة البيئة المحيطة في الجوائز والحوافز والدعم لها. من جانبة أشار الدكتور العثيمين إلى الاستفادة من تجارب الآخرين مثل التجربة في مصر حيث تمنح الجائزة التقديرية للدولة للمتميزين عطاء فكرياً ومعرفيا في جميع فروع المعرفة، لا في الأدب وحده وفي هذا عدل، وأمله في الجائزة ألا تتسم بالنظرة القصيرة. من جهته طالب حسين محمد بافقيه أن تكون جائزة الدولة التقديرية في الأدب تحت لواء المجلس الأعلى للثقافة، وأن تنشأ جائزة أخرى تشجيعية للمبرزين في الآداب والعلوم والفنون من الشبان والشباب لتشمل حقولاً منها: جائزة الدولة التشجيعية للآداب والفنون والعلوم الاجتماعية. وقال سعيد عبدالله الشيخ إنه لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المستدامة في المملكة لا بد من تحقيق الاوليات منها: تنويع القاعدة الاقتصادية لخلق عمق اقتصادي يرشد دور العائدات النفطية ويساهم في خلق فرص عمل تتناسب مع النمو الديموغرافي المتوقع، والاستثمار المستمر في تطوير الموارد البشرية وتوظيفها إنتاجيا، ومواكبة التطور المادي بثورة ثقافية توائم بين الأصالة والحداثة وتعزز ثقافة المسؤولية والمشاركة، و تحقيق التنمية المتوازنة بين المناطق المختلفة في المملكة العربية السعودية. دور المرأة الثقافي قدمت الأميرة عادلة في الجلسة الخاصة بالدور الثقافي للمرأة، رؤى منهجية لدور المثقفة، معرّفة التمكين الثقافي للمرأة بأنه توفير الوسائل الثقافية والمادية والتعليمية للمرأة لتتمكن من المشاركة بصنع واتخاذ القرار في الموارد المتاحة للمجتمع، مؤكدة على أن هناك العديد من الأدوات والآليات التي من خلالها يتسنى للمرأة القيام بهذا الدور. وأجملت التحديات التي تواجه المرأة في: التحديات الإدارية والاجتماعية والنظرة النمطية السائدة، إضافة للتحديات التنظيمية والذاتية والخارجية، وكان أبرز ما طرحته محور متعلق بأهمية التمكين الثقافي للمرأة والمتعلق بتغييب المرأة عن الإسهام في المجتمع وصنع القرار، حيث لا يسمح للنساء بالمشاركة الفاعلة، مشيرة إلى أن تقرير التنمية البشرية الذي صدر في 2010 عن المملكة أشار إلى أن ما نسبته 76% من إهدار وخسائر في التنمية البشرية ناتج عن عدم توازن الفرص بالنسبة للمرأة، وحرمانها من المشاركة الكاملة مع الرجل. ووضعت الأميرة عادلة العديد من المأمولات من وزارة الثقافة لدعم وتمكين المرأة الثقافي وذلك فيما يتعلق بجانب النشر والتأليف والفنون، والجانب العلمي والمهني. وتحدثت ورقة الدكتورة لمياء باعشن عن التهميش الذي تعاني منه المرأة المثقفة في وزارة الثقافة والإعلام. من خلال إحلالها بالأدوار الوظيفية المناسبة أو في العمل بوكالات الوزارة أو المشاركات المحلية والخارجية، وتقليص أدوارها في الأندية الأدبية، واستبعادها عن مجالات تكون فيها فاعلة بشكل قيادي، وأوضحت في ورقتها أن مجرد وضع محور واحد من ضمن 11 محور دليل على هذا التهميش المباشر، كما أنها طالبت أن لا يوضع في المرات القادمة أي محاور خاصة بالمرأة، لأن ذلك يعني أنه الثقافة حصرا للرجل وأن المرأة دخيلة عليها، لذا هي تحتاج إلى أن يخصص لها وقت للتحدث عن دورها، وكأنما هي كائن متطفل على الثقافة لتستطيع تبرير مشاركتها أو الحديث عنها. وكانت الدكتورة لمياء باعشن قد أوضحت العديد من الأمور التي تجعل وزارة الثقافة في موضع اتهام لإقصائها للمرأة وأهمها: استبعادها من اللجنة الأساسية لوضع لائحة الأندية الأدبية، وبعد إقرار اللائحة صعقت النساء من تغييب تاء التأنيث من جميع سطورها، وقاومت الوزارة كل مطالبات النساء بإضافة الحرف التأنيثي معللة أن كلمة الأديب تشمل الجنسين. في كل دورة تعديلية للوزارة تشكل لجان خماسية وسداسية، ولكنهم لا يدعون امرأة واحدة. كما أنه حين شكلت اللجان الإشرافية على انتخابات المجالس البلدية لم تحصل المرأة على عضوية رسمية فيها.. وتساءلت الدكتورة عزيزة المانع في ورقتها عمن يحدد الدور الثقافي الذي يقوم به المثقف رجلا كان أو امرأة، وهل المثقف يختار دوره أم هو مفروض عليه، ثم تطرقت إلى أن الدور الثقافي الذي تقوم به المرأة يتحدد غالبا من خلال المجتمع الذي تعيش فيه المرأة، وحسب المساحة المحددة لتحركها، لذا لا يحق لها أن تحقق دورا ايجابيا بارزا ما لم يغير المجتمع موقفه الثقافي تجاهها. وفي محور آخر تناولت ما هو التصور المرسوم في أذهاننا للمرأة المثقفة، وهل هو الدور الذي تؤمن به المرأة نفسها أم الدور الذي يفرض عليها، وحاولت أن تجيب على بعض هذه التساؤلات، مشيرة إلى أن دور المثقفة في البدء يجب أن يبدأ من أسرتها حين تأخذ على عاتقها تربية النشء إناثا وذكورا على أهمية احترام قيم العدالة والحرية والديمقراطية واحترام الإنسان لإنسانيته وليس نوعه. وأشارت أيضا إلى دور المدرسة في هذه العملية، وذكرت في النهاية بعض النقاط أو القضايا التي تنتظر من المثقفين التفاعل معها وتحقيق نوع من التفاعل بشأنها، وأهمها: تأسيس نظرية ثقافية مشتقة من البيئة المحلية، ومن تاريخنا الإسلامي والعربي، ومد جسور من التواصل الثقافي في الاتحادات والجمعيات والمنتديات الثقافية، في العالم، إضافة لتقوية الروابط بين المثقفين ورموز التجديد في الخطاب الديني من الفقهاء والدعاة، ودعم اللغة العربية وبث الوعي بين الناس بجمالها وتذوقها، والإسهام في نشر ثقافة التسامح والتقبل والاختلاف، وأشارت في النهاية إلى الاستفادة من الثقافة الرقمية التي أصبحت تنافس الثقافة الورقية وتوظيفها في خدمة الثقافة بشكل عام، كما أكدت على أهمية إعادة كتابة تاريخ المرأة لاستخراج النماذج المبرزة من نساء التاريخ الإسلامي والعربي. وأكدت على أهمية تحطيم الصندوق الضيق الذي حشرت فيه المرأة إعلاميا، وبناء جسور ثقة بين الجنسين، والاهتمام بفئات الشباب والمراهقين عن طريق إقامة ورش عمل وتدريب لهم لتشجيعهم على خوض وممارسة قضايا الثقافة. ابتدأت د. ثريا العريّض ورقتها بقصيدة لها بعنوان: (كلهن أنا) المؤرخة في الثمانينات الميلادية معبرة عن مشاعر الحلم النسوي، ثم لتقف على منهجين في حديثها عن دور المرأة: الأول تأسيسي، وهو منهج نبينا الكريم في حقوق المرأة ومنها عدم التمييز بينها وبين الرجل في حق التعبير عن الرأي، ومسؤولية المساهمة في بناء المجتمع، وفي ذلك التأكيد خروج واضح عن السائر وتأكيد لمبدأ التطور. ولكنها تأسف لأن هذا الموقف النبوي المتنور ضيعه اللاحقون. والمنهج الآخر تطبيقي يتعلق بالمستقبل المرغوب بهدف البناء الشامل عبر منهج الاعتدال والعدالة وعدم التمييز الفئوي. كما تناولت دور المرأة في أطر مرتبة زمنيا من بداية كونها جسد وللأمومة فقط، ثم من خلال ازدهار الإسلام بكونها المبدعة والمعبرة، وبعدها دورها كداعمة للرجل، ثم المتعلمة والمتخصصة في الستينات والسبعينات وصولا لمنهج الاعتدال المتمثل في دور المرأة المواطنة في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز. أخيرا تؤكد د ثريا في ختام ورقتها أن حضور المرأة لا يتناسب مع وجودها الفعلي إحصائيا إذ تمثل 50% من خريجات المؤسسات التعليمية. و يبقى إدخالها كعضو فاعل في المؤسسات الرسمية غير متحرك إلا بقرار حاسم من صانع. التراث الموسيقي أثارت الجلسة الخاصةبـ “التراث الموسيقي والفنون الشعبية” جدلا حول شرعية الغناء وأهمية الحفاظ عليه، الأمر الذي دار حوله نقاش كبير بين المشاركين في الجلسة والحضور. وقال الدكتور سعد الصويان: إن الفنون في الجزيرة العربية تؤكد على ما تكتنزه الجزيرة العربية من إرث في مجال الفنون المختلفة.. إلى جانب ما يصاحبها من تنوع في الأداء من إقليم إلى آخر في من أقاليم الجزيرة العربية. كما وصف الصويان الفنون الشعبية في الجزيرة العربية في مختلف أشكالها بأنها تجسد جماليات فنية وما صاحبها من الرقص والفنون الأدائية الأخرى التي تتنوع من مجتمع إلى آخر مشكلة بذلك إرثا كبير من جماليات الفنون الشعبية والأخرى الأدائية في موروث الجزيرة العربية الفني .. إلى جانب الجماليات التي تبعت ذلك في المساكن والملابس والأواني”. وتحدث عبدالرحيم الأحمدي عن الفن من منظور الفنون التي شاعت في الحجاز وما شهدته من تنوع في الأداء من حيث الرقص، ومن حيث الأداء الصوتي بين البحر وما جاوره من أقاليم البر عبر الأقاليم الحجازية، وما انعكس به ذلك على الأدوات الموسيقية المستخدمة في تأدية الغناء في الحجاز.. ممثلاً بالعديد من الألوان الشعبية كفن الكسرات الينبعاوية وفن الخبيتي. وقسم أحمد الواصل مراحل الغناء السعودي إلى أربع تمثلت في: التسجيلات الأولى، انطلاق الفنانين والإذاعة الرسمية، انتشار الأغنية السعودية، مرحلة عولمة الغناء العربي.. فيما كشفت اعتدال عطيوي أنها وجدت نقوشا لرسوم أدوات تشبه السمسمية تعود إلى ما يقارب خمسة آلاف سنة على صخور في منطقة تبوك، إضافة إلى الرقصات الشعبية، مضيفة “هذا يثبت أصالة هذه الفنون في المملكة العربية السعودية، فضلا عن تواجد مثل هذه النقوش في نجران وعلى بعض الصخور في جبال القهر في جازان”، مشيرة إلى أهمية دور النساء في تطوير الفن وخصوصا في المنطقة الغربية. ورأت سهام القجطاني أن العلم والغناء لا يجتمعان في قلب واحد، ولأن الغناء محرم برأي أغلبية المجتمع، فعلينا أن نقنع المجتمع بأهمية الغناء قبل أن يتم الحديث حوله في مثل هذه الملتقيات. وأكد الدكتور عبد الرحمن الأنصاري أنهم كانوا يدرسون في مصر كتاب “الغناء في مكة والمدينة” لمؤلفه شوقي ضيف، مضيفا “لو كان الغناء محرما لما انتشر في هذين المكانين في عصر التابعين وبوجود عدد كبير من الصحابة”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©