الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مهمة أميركا السرية في سوريا

مهمة أميركا السرية في سوريا
15 ابريل 2013 21:36
ليز سلاي حلب في قلب الأراضي الخاضعة لسيطرة الثوار في محافظة حلب الواقعة شمال سوريا، تقوم مجموعة صغيرة من الغربيين بمهمة ذات طبيعة خاصة. ذلك أن أفراد المجموعة، الذين يعيشون في منطقة ريفية صغيرة، يتنقلون نهاراً على متن سيارات غير مرقمة، ويتحدون الضربات الجوية والقصف وخطر الاختطاف ليوصلوا إلى السوريين المحتاجين مواد غذائية، ومساعدات أخرى -دفعت ثمنها الحكومة الأميركية. غير أن العملية سرية جداً إلى درجة أنه لا أحد تقريباً من السوريين الذين يتلقون المساعدة يدرك مصدرها الأميركي. فخوفاً على سلامة المستفيدين من المساعدات والموظفين الذين يقومون بتوزيعها، والذين يمكن أن تستهدفهم حكومة دمشق في حال اكتشف انتماؤهم إلى الولايات المتحدة، اختارت إدارة أوباما عدم الدعاية للمساعدات. وفي هذه الأثناء، وفي وقت ترتفع فيه حصيلة القتلى ولا يبدي نظام الأسد أي مؤشر على الاستسلام، تزداد بين السوريين الداعمين للثورة مشاعرُ الغضب من فشل الولايات المتحدة المتصوَّر في المساعدة. وفي هذا الإطار، يقول محمد فؤاد ويسي، 50 عاماً، في محل بقالته الصغير في حلب المجاور للمخبز الذي يشتري منه الخبز كل يوم: «إن أميركا لم تقم بأي شيء لمساعدتنا. لا شيء على الإطلاق». والمخبز مزود بدقيق دفعت ثمنه الولايات المتحدة؛ ولكن ويسي يُرجع الفضل في تزويد المنطقة بالدقيق إلى «جبهة النصرة» -وهي مجموعة من المعارضة المسلحة صنفتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية بسبب علاقتها بتنظيم «القاعدة»- وإن اعترف الرجل أيضاً بأنه غير واثق من مصدره بالضبط. وفي هذا الصدد قال ويسي: «إذا كانت أميركا تعتبر نفسها صديقة لسوريا، فعليها أن تشرع في القيام بشيء ما». وجهد المساعدة غير المعلن عنه، الذي تلقت «واشنطن بوست» دعوة للوقوف عليه، ولكن بشرط ألا تشير إلى الوكالة المشاركة، أو أسماء موظفيها أو جنسياتهم، أو المواقع التي يشتغل فيها العمال، يُظهر الاختيار الصعب الذي يواجه إدارة أوباما في وقت تبحث فيه هذه الأخيرة على نحو حذر سبل تكثيف الدعم للمعارضة السورية. والواقع أن الولايات المتحدة تقوم منذ بعض الوقت بتقديم مكون مهم من المساعدات الإنسانية التي تصل إلى سوريا. وقد ساهمت بما مجموعه 385 مليون دولار، وفق مسؤولي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولكن بشكل عام، لم يفِ المانحون الدوليون سوى بثلث الأموال الموعودة؛ كما أن المبلغ يظل غير كافٍ لتلبية احتياجات بلد تمزقه الحرب ويتعرض سكانه للقتل والإصابات ويضطرون للفرار من منازلهم بشكل يومي، كما يقول مسؤولون من الأمم المتحدة. وتواجه البعثة الأممية، الموجود مقرها في دمشق، صعوبة في الوصول إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار بسبب القيود التي تفرضها الحكومة وأخطار عبور خطوط الجبهة. وللتغلب على هذا النقص، خصصت الولايات المتحدة 90 مليون دولار من مساهمتها للمنظمات غير الحكومية من أجل العمل في مناطق الثوار، وهو ما يجعل منها أكبر مانح غربي للمساعدات في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة. غير أن السوريين «يقولون إنهم لا يتلقون أي مساعدة، وذلك يصيبنا بالإحباط»، كما يقول مسؤول أميركي يشارك في جهد المساعدات لم يرخص له بالتحدث علناً حول الموضوع. أما السوريون المدركون للمساهمات الأميركية في حلب، فيقولون إن الجهود السرية التي تبذلها وكالة المساعدة المموَّلة من الولايات المتحدة تحدث فرقاً في المناطق التي تستهدفها. ذلك أن الدقيق الذي تشتريه الولايات المتحدة يساعد على إطعام 210 آلاف شخص يومياً، وساعد على مواجهة النقص الحاد في الخبز الذي كان يهدد المحافظة بالمجاعة الشتاء الماضي، كما يقول عمال المساعدات، مضيفين أنه تم توزيع حصص إضافية من المواد الغذائية على أكثر من 400 ألف شخص. كما أن 168 ألف شخص ينامون تحت بطانيات وفرتها الولايات المتحدة. وعلاوة على ذلك، فإن الولايات المتحدة تقوم بتمويل 144 مستشفى وعيادة ميدانية تعالج السوريين الجرحى عبر البلاد، وتوفر 90 في المئة من المساعدات الطبية التي تصل إلى مناطق الثوار في محافظة استعر فيها القتال جداً خلال الأشهر الأخيرة، وفق مسؤول من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه، نظراً لحساسية الموضوع. والواقع أنه «ليس ثمة شك (بين المانحين الغربيين) في أن أميركا تتزعم تلك الجهود»، حسب وسام طريف، الذي يشرف على توفير المساعدات لائتلاف المعارضة السورية. غير أنه بسبب المخاوف الأمنية، لا تستطيع الولايات المتحدة الإعلان عن نجاحاتها، وهو ما يُضعف ما كان يعتبر دائماً أحد أهداف المساعدات الأميركية: الفوز بالقلوب والعقول. إنها معركة يبدو أن الولايات المتحدة أخذت تخسرها. ففي زيارة للاطلاع على مشاريع المنظمة الدولية غير المسماة في محافظة حلب، كان من الواضح أن السوريين لا يدركون أن الولايات المتحدة تساعدهم، وأن مشاعر العداء تجاه الولايات المتحدة تتعمق. وفي هذا السياق، قال علي محمود الكاك، 43 عاماً، وهو سائق سيارة أجرة عاطل عن العمل كان يشتري الخبز في مخبز آخر من مخابز حلب مزود بدقيق دفعت ثمنه الولايات المتحدة: «إن أميركا هي عدونا الأول». غير أنه من غير الواضح ما إن كانت التوعية بالمساعدات الأميركية ستُحدث فرقاً. ذلك أن السوريين الذين يدعمون المعارضة يريدون أسلحة ومنطقة حظر جوي لوقف الضربات الجوية التي تنفذها الحكومة أكثر مما يريدون الغذاء أو الدواء، كما يقول أبو عمر، الذي يرأس لجنة الإغاثة في بلدة ريفية من محافظة حلب تتلقى المساعدات الغذائية الأميركية. وبوصفه الشخص المسؤول عن توزيع المواد الغذائية، فإنه يدرك أن تلك المواد تأتي من الولايات المتحدة، ولكن وكالة المساعدات طلبت منه ألا يخبر أحداً بذلك. ويقول أبو عمر: «أجل، إن أميركا ساعدتنا وقدمت لنا الكثير من المواد الغذائية؛ ولكننا نلومها لأنها قوة عظمى»، مضيفاً «إننا نتعرض للضربات الجوية والقصف اليومي، ومع ذلك فإنهم لم يحركون ساكناً». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©