الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الود الحازم» دستور الوالدين لترويض الصغار

«الود الحازم» دستور الوالدين لترويض الصغار
16 ابريل 2015 20:35
خورشيد حرفوش (أبوظبي) هناك من الأمهات من تراقب نفسها جيداً أثناء لحظة ضيقها من تصرف ابنها الذي ينفد صبرها معه بسرعة. إنها ستكتشف أن تصرفاتها لحظة الضيق هي نوع من تصرفاتها القديمة التي كانت تتمناها عندما كانت تضيق بأخيها الصغير حين كان عمرها عامين. والوالد أيضاً قد يقع فريسة للتوتر المزعج ونفاد الصبر من أحد الأبناء، ويجد نفسه مرغماً على الضيق بابنه هذا دون سبب. وقد يعاني من الإحساس بالذنب، وهذا يزيد حالة الابن والأب تعقيداً. إن نفاد الصبر الدائم من بعض صفات أحد الأبناء يمكن أن نبحث عن جذورها في أعماقنا نحن الآباء والأمهات. لأن هذه الصفات التي تسبب لنا الضيق قد تكون إحدى الصفات الموجودة فينا، أو صفة قديمة كانت موجودة فينا وتضايقنا أيضاً. الأب قد يصبح حذراً وشكاكاً ومتردداً، ويحاول دائماً إخفاء العيب القديم، وهو ما يؤثر في الطفل بطريقة لا شعورية، لأن الابن يرى في الأب مثلاً أعلى. لذلك فإنه يكتسب بمنتهى البساطة الصفة التي كان الأب لا يحلم أبداً أن تكون موجودة في ابنه. إعلان استقلال الدكتورة نسرين الأسدي، اختصاصية سيكولوجية الطفولة والمراهقة، ترى أن مع بلوغ الطفل عامه الثالث تقريباً، يلاحظ الوالدان أن الطفل يحاول أن يعبر ويعلن عن استقلاله. وقد يأخذ هذا الإعلان شكل العناد وعدم التعاون أو الانصياع التام للوالدين مما يسبب الضيق أو الألم. وبما أن الأطفال ليسوا كلهم نسخاً متكررة، بل تختلف شخصية كل منهم عن الآخر فإن الأب والأم لا يستطيعان التكيف بسرعة، طبقاً لهذه الاختلافات بين شخصيات أطفالهم. إن معظم البدايات الخاطئة يستطيع الآباء تصحيحها بعد فترة قصيرة، لأن معظمهم يتعلمون كيف يستمتعون بهذا الضيف الغريب الذي دق باب حياتهم فجأة، لكن هناك بعض الآباء الذين لا يستطيعون التكيف رغم محاولتهم الجادة للوصول إلى ذلك. وبعض الآباء يتعلمون بالتدريج كيف يتعاملون مع الطفل صاحب المشاكل الكثيرة، لكنهم إذا كانوا من النوع المفرط في الحساسية، فإنهم يواصلون توبيخ أنفسهم لعدم قدرتهم على تحمل متاعب الطفل منذ البداية. متاعب الآباء تضيف الأسدي: «يقف دائماً الإحساس بالذنب وراء معظم الأسباب التي تزيد من متاعب الآباء. ويظهر هذا الإحساس بالذنب عندما يسمح الآباء للطفل بأن يسلك السلوك الذي لا يمكن أن يسمحوا به لولا وجود هذا الإحساس بالذنب مثل عدم الإصغاء إلى الكلام، وعدم التعاون وأحياناً الوقاحة. وهناك سببان لذلك على الأقل، أولهما أن الآباء يشعرون أن من حق الطفل أن يعاقبهم قليلاً. والسبب الثاني: أن الأبرياء لا شعورياً يرحبون بسوء السلوك الواضح لأنهم يجدون فيه سبباً يبرر عدم قدرتهم على الاغتباط بهذا الطفل، وعندما يشعر الطفل أنه أفلت بخطئه من العقاب فإنه هو أيضاً يشعر بالذنب. فهو يتمنى من أعماقه أن يوقفه أحد عند حده، وأحياناً يتمنى أن يعاقبه أحد، وعندما لا يحدث ذلك فإن الطفل يتمادى في سوء السلوك لكي يشد انتباه من حوله إلى ضرورة عقابه. ومن الطبيعي أن ينفجر أحد الوالدين بالغضب في نهاية الأمر، مما يجعل الطفل يرضخ ويعود إلى السلوك المهذب. إن الوالد الواثق من حبه لابنه يجب أن يعاقبه من وقت لآخر عندما يفعل ما يستحق العقاب، لأن الأب والابن يشعران أن العقاب قد جاء في ميعاده الصحيح ويظل سلوك الطفل جيداً لمدة طويلة. لكن الوالد الذي يعاني من الشعور الدائم بالذنب، وأنه غير جدير بدوره كأب ورب لأسرة فإن الإحساس بالذنب يهاجم هذا الأب بعد أن يعاقب ابنه». تكمل «إن الأب الذي يعاني من الإحساس بالذنب ينبه الطفل بصوت لا إقناع فيه. لذلك لا يسمح الابن لنفسه بالرضوخ إلى أوامر الأب. فالأب الذي يظل متوتراً عدة ساعات ويساوره الإحساس بالخجل من نفسه يصبح أحياناً كالطفل المخطئ فيتصرف بصورة تستفز الابن فيرد الابن على معاقبة الأب بنفس المستوى، أي أن الابن يتصرف كأن والده هو الذي يستحق العقاب. فعندما يتخيل الأب أنه عاقب الطفل لسبب تافه، يمكنه أن يعود إلى الاعتدال والتوازن قبل أن تظل علاقة بأحد الأبناء هي علاقة الإحساس الدائم بالذنب، ويظل محاصراً في هذه الدوامة. فالقسوة قد تكون سبباً في أن يستمر الطفل في عناده وأن يتمادى فيه، والمعاملة بجفاء قد تجعل الطفل يصر على أن يكون مستفزاً بصورة أكبر. الحل الأمثل الحل الأمثل يتلخص نظرياً في طريقة «ودودة وحازمة»، حتى يصبح زمام الطفل في أيدي والديه. وتحقيق ذلك صعب، فالأب والأم عندما يتفقان على هذه السياسة مع الأبناء سيقع في البداية صدام مع الابن المشاكس. وإذا أصر الوالدان على تثبيتها كدستور للعلاقة مع الابن المشاكس، فإنه يعلم أنه لا فائدة في المقاومة، ويصبح راضياً بهذا الأسلوب الجديد الذي يأخذ فيه حقه من الود، وينال العقاب المناسب عندما يخطئ. عندئذ يشعر الآباء أن إحساسهم بالذنب تجاه الابن قد زال، ويشعران أن هناك علاقة بناءة بدأت تنمو بينهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©