الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الزجاج المعشق حرفة تعشقها العمارة العربية التراثية

الزجاج المعشق حرفة تعشقها العمارة العربية التراثية
17 نوفمبر 2009 00:13
يواجه معظم الحرف، ومنها فنون العمارة العربية الإسلامية التراثية القديمة، خطر الاندثار، وقد أدى انقراض بعضها إلى تحول معلمي هذه الحرف نحو أعمال أخرى، وبالتالي فقد عزف عنها طلابها وتلامذتها، مما يعني عزوف الحرفيين عن توريث الحرفة لأبنائهم الذين فرضت عليهم الحياة واقعاً جديداً، ومن هذه الحرف حرفة «الزجاج المعشّق». يشكل الزجاج المعشّق فناً من فنون البناء والديكور في التراث الإسلامي، ولفترة زمنية طويلة كان توظيف الزجاج بألوانه في البناء، ضرورة لا غنى عنها عند تشييد القصور والأبنية، كعنصر رئيسي من عناصر الديكور التي تضفي جمالاً وسحراً في العمارة الإسلامية، حيث انتشرت نوافذ الزجاج المعشّق كمظهر من مظاهر العمارة الإسلامية، التي جاءت متوافقة مع الظروف المختلفة لذلك المجتمع. ومن الأمثلة المبكرة للنوافذ الحصية المفرغة، نوافذ «قصر الحبر العربي» في بادية الشام، والجامع الأموي بدمشق، وجامع عمرو بن العاص بالفسطاط في مصر، وجامع أحمد بن طولون. وكان الرأي السائد لدى علماء الفنون والآثار من قبل، أن أول ظهور للنوافذ الحصية المعشّقة بالزجاج، كان في العصر الأيوبي، وذلك في نوافذ قبة ضريح السلطان الصالح نجم الدين أيوب، الملحق بمدرسته بالنحاسيين في القاهرة، ولكن الحفريات الأثرية اثبتت أن الزجاج المعشّق بالحص، استخدم منذ العصر الأموي، واستمر في قصور الخلفاء العباسيين. كما استخدمت في أواخر العصر الفاطمي ألواح من الجص معشق بالزجاج الملوّن، بدلاً من الألواح الرخامية والحجرية المفرغة، وانتقل هذا الأسلوب الفني الى عمارة العصر الأيوبي، حيث بلغ أوج ازدهاره في العصر المملوكي واصبح من السمات المميزة للعمارة المدنية والدينية في العصر العثماني. فن عربي أصيل يقول الخبير عصمت الأطرش أحد الأخصائيين في هذا الفن، إن الزجاج المعشّق فن عربي أصيل، اشتهر وانتشر في الأندلس زمن الأمويين. وقد اهتم الفنانون العرب كثيراً بهذا الفن، وهذا ما يبرز في زخارف المساجد والقصور، كالمسجد الأموي، وانتقل هذا الفن مع الفتوحات الإسلامية الى البلاد الإسلامية والأجنبية، وهذا الفن يحتاج الى فن يتذوقه ليفهمه ويستشعر جماله، لارتباطه بالعمارة الإسلامية ونشأته وتطوره معها، فقد ظهر في الأجزاء العليا من المساجد، حيث تتم تصفية الضوء، ليسبغ جواً من الخشوع الروحاني يناسب قداسة المسجد ومناخه، متخذاً أشكال الزهور والنباتات والطيور، إضافة الى الأشكال الهندسية. وتؤكد المصادر التاريخية، وجود نوع مختلف من صناعة الزجاج المعشّق، منقول عن الفن البيزنطي، وهو ممزوج بالرصاص، ومعتم بعكس الزجاج المعشّق بالجبس، فلونه ابيض وبأقل إضاءة داخلية يظهر بياضه، اذ انتقل هذا الفن مع الفتوحات الإسلامية الى البلاد الإسلامية والأجنبية. من الطرق الشائعة لتصنيع الزجاج، هي خلط كمية كبيرة من الرمل مع كميات قليلة من الجير والصودا، وتسخينه حتى يصبح كتلة من السائل عالي اللزوجة، يتم بعدها تشكيله بطريقة معينة، ومن ثم يبرد ليكون زجاجاً. ويعتبر زجاج الصودا والحجر الجبري، هو الزجاج الأكثر شيوعاً واستخداماً في العالم، بحيث تبلغ نسبة هذا النوع من الزجاج أكثر من 90 بالمئة من إجمالي الزجاج المستخدم في العالم. حرفة عريقة صناعة الزجاج من الحرف العريقة التي يمتد تاريخها الى العهد الفينيقي، وقد ورثتها الأجيال عن بعضها جيلاً بعد جيل حتى هذا العصر، حيث ما زالت منتوجات هذه الحرفة تتمتع بنصيب وسمعة جيدة بين مختلف الأوساط الاجتماعية، بالرغم من دخول الصناعات الحديثة في إنتاج هذه المنتجات. كان لطريقة النفخ في الزجاج، مكانة مميزة في إنتاج القوارير والمزهريات للزينة، وهذه الطريقة التي تعتمد على تعبئة الهواء داخل قوارير وقوالب، بعد تسخينها وصهرها في درجات عالية من الحرارة. وقد شهدت هذه الحرفة تطوراً كبيراً وملحوظاً في العصر الإسلامي في المنطقة العربية، لا سيما في بلاد الشام وفي دول المغرب العربي، وبرزت الزخرفة الإسلامية على سطح القوالب والقوارير بألوانها المطلية بالذهب وبالنقوش المتداخلة، والخطوط والرسوم الهندسية التي تميز بها الفن الإسلامي.وبقيت هذه المهنة في ازدهار وتقدم، واكتسبت أهمية كبيرة،
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©