الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سباق محتدم بين ساركوزي وهولاند

15 ابريل 2012
في جو من الغيبة، وتبادل الانتقادات والاتهامات، دخلت فرنسا المراحل الأخيرة من حملة انتخابية محمومة تعتبر إلى حد كبير استفتاء على طريقة تعاطي ساركوزي مع الأزمة الاقتصادية الأوروبية، ولكنها تتوقف أيضاً على الأسلوب العدواني للزعيم المحافظ. وفي حال أعيد انتخاب ساركوزي رغم الأزمة، فإنه سيكون قد حقق واحداً من أهم الانتصارات السياسية في أوروبا؛ حيث سيصبح المحامي السابق، البالغ 57 عاماً، في تلك الحالة أولَ زعيم أوروبي ينجح في الانتخابات خلال الأزمة الاقتصادية، مما سيميزه عن زعماء في بلدان أخرى كبيرة من الاتحاد الأوروبي، مثل إسبانيا والبرتغال وإيطاليا وبريطانيا واليونان، راحوا ضحية الركود الاقتصادي وطواهم النسيان. ولكن حتى الآن مازال ساركوزي، على نحو فاجأ الكثيرين، مثل المتنافس الطامح إلى هزم الحائز اللقب. فبعد أن احتل مراتب متأخرة في استطلاعات الرأي لأكثر من ستة أشهر، فإنه بالكاد تعادل مع منافسه الرئيسي، فرانسوا هولاند من "الحزب الاشتراكي"، بخصوص الجولة الأولى من التصويت المقررة في الثاني والعشرين من أبريل الجاري. وكانت استطلاعات الرأي ذاتها، قد توقعت على نحو مضطرد انتصاراً كبيراً لهولاند في الجولة الثانية المقررة في السادس من مايو المقبل، حيث حام معظمها حول 45 إلى 55 في المئة. غير أنه لا ساركوزي ولا هولاند سيكون لديهما هامش مناورة يسمح بتنفيذ برامج ومبادرات كبيرة في حال انتخاب أحدهما، وذلك بالنظر إلى شدة الأزمة الاقتصادية الأوروبية وطول أمدها. وضمن هذا الإطار، يتفق جل المحللين على أنه سيتعين على الرئيس المقبل، في بداية ولايته الممتدة على خمس سنوات، أن يركز على التقشف من أجل خفض العجز المنهِك ودين عام مرتفع بشكل خطير يعادل نحو 90 في المئة من الاقتصاد. وعلاوة على ذلك، فقد صنع "هولاند" لنفسه سمعة باعتباره معتدلًا لا يسعى إلى ولاية رئاسية من أجل تأميم الاقتصاد، مثلما كان عليه الحال عندما قاد فرانسوا ميتران الاشتراكيين إلى النصر في 1981. أما فيما يتعلق بالشؤون الخارجية، فقد تعهد "هولاند بسحب القوات الفرنسية من أفغانستان بنهاية هذا العام في حال انتخابه، أي قبل عامين على الموعد الذي حدده "الناتو". ولكنه يقول إنه سيلتزم بقرار ساركوزي في 2009 بإعادة فرنسا إلى القيادة العسكرية الموحدة للحلف. ويرى متخصصون أن أحد العوامل الحاسمة في السباق هو أي مِن المتسابقين الأوليْن سيستطيع الفوز في الجولة الثانية بدعم الناخبين الذين يدلون عادةً ببطاقات تصويت "احتجاجية" في الجولة الأولى لصالح مرشحين صغار على أقصى "اليسار" أو أقصى "اليمين" أو "الوسط"؟ ثم يدلون بعد أسبوعين على ذلك ببطاقات تصويت "نافعة" في الجولة الثانية لصالح مرشح يستطيع الفوز في الواقع. ويحذرون من أنه من المعروف أنه يصعب التنبؤ بهذا التحول في الولاءات من الجولة الأولى إلى الثانية، وإن كانت استطلاعات الرأي تمنح "هولاند" بعض التقدم. غير أن العديد من الناخبين الذين سيختارون مارين لوبين من "الجبهة الوطنية" من أقصى "اليمين" خلال الجولة الأولى يُتوقع أن يلتفوا وراء ساركوزي في الجولة الثانية. وبالمثل، فإن العديد من الناخبين الذين سيختارون التصويت لجون لوك ملينشون وجبهته اليسارية الراديكالية في الجولة الأولى يُتوقع أن يدعموا هولاند في الجولة الثانية. وهو ما يترك كتلة من ناخبي الوسط - قرابة 10 في المئة من المجموع، وفق استطلاعات الرأي - ستدعم "فرانسوا بايرو" من "الحركة الديمقراطية" في الجولة الأولى. وإذا ما سار كل شيء وفق التوقعات، فإنهم سيقسمون دعمهم في الجولة الثانية. والأرجح أن الطريقة التي ستقسم بها أصواتهم بين ساركوزي وهولاند في السادس من مايو المقبل هي التي سترسل أحدهما إلى قصر الإيليزيه. وفي هذا السياق، يقول رولاند كايرول، العالم السياسي المخضرم الملحق بمعهد العلوم السياسية المرموق في باريس: "الفرق، مثلما هو الحال دائما، يُحدثه ناخبو الوسط". وحسب "كايرول"، فإنه وفق تقديرات تقريبية تستند إلى سلوكات الناخبين في الانتخابات السابقة، وُجد أن ثلث أصوات ناخبي الوسط من المرجح أن تمتنع عن التصويت في الجولة الثانية، مضيفاً أن الثلث الآخر من المرجح أن يدعم هولاند، وأن الثلث الأخير سيذهب إلى ساركوزي. وأضاف "كايرول" أن العقبة التي يواجهها ساركوزي تتمثل في حقيقة أن إضافة أصوات "الجبهة الوطنية" وثلث ناخبي الوسط إلى أنصاره في "الاتحاد من أجل حركة شعبية" لا تشكل الأغلبية في الجولة الثانية. هذا في حين أن إضافة أصوات "الجبهة اليسارية"، وأنصار عدد من المرشحين اليساريين الصغار، وثلث ناخبي الوسط إلى زملاء "هولاند" الاشتراكيين سيمكن هذا الأخير على الأرجح من تخطي عتبة الخمسين في المئة من الأصوات. على أن جزءاً آخر من مشكلة الجولة الثانية بالنسبة لساركوزي، حسب كايرول ومحللين آخرين، يكمن في حقيقة أن العديد من الناخبين لا يعجبهم سلوكه الشخصي. ذلك أن الرئيس، الذي لم يدرس في "المدرسة الوطنية للإدارة" التي تقوم مقام أكاديمية يتخرج منها معظم المسؤولين الفرنسيين، يميل إلى التحدث بلغة أقل تهذيباً مقارنة مع زملائه، كما أنه دائماً تقريبا ما يقارب موضوعا سياسيا كما لو كان معركة ديوك بدلاً من أن يعمل على توفيق الآراء المتعارضة. إدوارد كودي باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبورج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©