الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وصفات «ميدفيديف» بين الراديكالية والحذر

17 نوفمبر 2009 00:20
فريد وير موسكو طرح الرئيس "ديمتري ميدفيديف"، الذي يكافح للخروج من ظل معلمه وسلفه "فلاديمير بوتين"، يوم الخميس فكرة "التحديث الديمقراطي" التي تحمل توقيعه أمام جمهور ضم غرفتي البرلمان الروسي وزعماء حكوميين رفيعي المستوى ورئيس الوزراء "فلاديمير بوتين". ففي خطاب حول "حالة الأمة" ناهز الساعتين -وهو الثاني الذي يلقيه منذ أن قفز إلى الكريملن عقب انتخابات أديرت بعناية في الكواليس العام الماضي- دعا "ميدفيديف" إلى إصلاحات شاملة للاقتصاد الروسي. كما قدم تقييما للابتكارات العزيزة على قلبه –مثل ربط جميع المدارس بشبكة الإنترنت السريعة وتقليص عدد المناطق الزمنية في روسيا- ولكنه أحجم بالمقابل عن الإشارة إلى تفكيك الصرح السياسي شديد المركزية والُمراقب بقوة الذي كان قد شيده سلفه. وفي هذا الإطار، قال "ميدفيديف": "في القرن الحادي والعشرين، يحتاج البلد من جديد إلى تحديث شامل؛ وهذه ستكون أول تجربة لنا في التحديث على أساس القيم والمؤسسات الديمقراطية؛ فبدلا من مجتمع عتيق وبدائي حيث الزعماء يفكرون ويقررون للجميع، سنصبح مجتمعا ذكيا وحرا ومسؤولا". يرى بعض الخبراء أن هذا النوع من الخطاب قد يكون محاولة لحشد دعم الجمهور لقطيعة مع عهد الرئيس السابق بوتين -يعتقد معظم المراقبين أنه مازال أقوى شخصية في البلاد-؛ فقد جاء "بوتين" في المرتبة الثالثة بعد زعيمي الولايات المتحدة والصين في التصنيف الذي تصدره مجلة "فوربز" لأقوى شخصيات العالم، فيما ظهر اسم ميدفيديف في أدنى الترتيب، متقدما على المذيعة "أوبرا وينفري"؛ وعلاوة على ذلك، يقول "دينيس فولكوف" -باحث في "مركز ليفادا" المستقل في موسكو-: إن 20 في المائة فقط من الروس الذين شملهم استطلاع للرأي في سبتمبر يعتقدون أن ميدفيديف هو المسؤول عن سن السياسات في روسيا –دور يكفله له الدستور– فيما يعتقد 67 في المائة أن بوتين يهيمن عليه. ومن جانبها، تقول "أولجا كريشتانوفسكايا" -الخبيرة في النخبة الروسية- إن حساباتها تشير إلى أن أنصار بوتين يشملون "71 في المائة من كل الزعماء المحليين و70 في المائة من نواب الدوما؛ كما أن منصبين فقط من أصل 75 منصبا مهما يعودان لميدفيديف؛ وبالتالي، فقد ترك "بوتين" فريقه في كل المناصب المهمة، وميدفيديف متردد في محاولة تغييرها"، مضيفة "ولكنهما في الوقت الراهن يعيشان في سلام: ميدفيديف لا يتقدم وبوتين لا يتراجع". وهذا ما يفسر ربما المزاوجة الغريبة بين الخطاب الراديكالي والوصفات الحذرة في خطاب "ميدفيديف" الكبير يوم الخميس، كما يقول عدد من الخبراء؛ حيث ترى "ماشا ليبمان" -رئيسة تحرير دورية "برو إي كونترا" الصادرة عن مركز كارنيجي في موسكو- أن: "ميدفيديف يستعمل خطابا ليبراليا، ربما على أمل أن يحشد دعم الناخبين له؛ ولكنه خجول جدا لأنه لا يخرج ليقول: ماذا يلزم؛ ثم إنه حتى إذا كانت لدى ميدفيديف رؤية مختلفة بشأن التحديث، فإنه لا يدافع عنها ويدعمها بطريقة واضحة". وعلى رغم استطلاعات الرأي العام وما يشبه الإجماع بين الخبراء على أن "ديمقراطية (روسيا) المدارة" في عهد بوتين أصبحت مجرد واجهة يتلاعب من خلالها الكريملن بالنتائج الانتخابية، إلا أن ميدفيديف لم يشر إلى أي إصلاحات ديموقراطية مهمة في خطابه يوم الخميس إذ قال: "إننا في حاجة إلى نظام متعدد الأحزاب، ولدينا مثل هذا النظام"، مضيفا: "إن الأحزاب السياسية التي لدينا في روسيا اليوم نجحت في اختبار الوقت، وأي محاولات لهز وقلب الوضع عبر الشعارات الديمقراطية لزعزعة استقرار الدولة والمجتمع سيتم وقفها. إن القانون واحد وللجميع – للأحزاب الحاكمة وللأحزاب التي توجد في المعارضة. إن الحرية تعني المسؤولية". ويقول خبراء إن حملة "ميدفيديف" ضد التخلف والفساد والبيروقراطية، ورغم كل خطابها المؤيد للديموقراطية، إلا أنها يمكن أن تصبح جهدا آخر من الجهود التي تبذلها الدولة والتي ستنتهي إلى الفشل، على غرار الكثير من الجهود السابقة"؛ ويقول "يفجيني جونتمخر" -الخبير الاقتصادي بـ"معهد التنمية المعاصرة"، وهو مركز بحوث مؤثر في موسكو-: "إن الناس داخل الإدارة الرئاسية يفكرون في التحديث فقط كتحرير في المجال الاقتصادي"؛ وفي هذا الإطار، اقترح ميدفيديف خصخصة العديد من الشركات التي كانت الدولة قد اكتسبت ملكيتها خلال سنوات "بوتين"، كما جادل بضرورة أن تقوم روسيا بوقف الاعتماد على صادرات النفط وغيرها من المواد الخام؛ ويقول جونتمخر: "هناك الكثير من الأفكار الجيدة، إلا أنه من المستحيل أن يكون ثمة أي تحديث اقتصادي حقيقي بدون عملية دمقرطة بالمعنى الواسع". ولئن كان كل من "بوتين" و"ميدفيديف" قد كررا في مناسبات عديدة أن شراكتهما "الثنائية" تعمل بشكل جيد، فإن الخبراء لطالما توقعوا صداما بينهما. غير أن العديد من الخبراء يقولون إن الرأي الشائع والمتمثل في أنهما يمثلان رؤيتين منفصلتين لروسيا رأي تبسيطي جدا، وإن ظهور الخلافات بينهما لا يعدو نوعا من لعب دوري "الشرطي الجيد، والشرطي السيىء"؛ حيث يقول أليكسي مكاركين، مدير "مركز التكنولوجيات السياسية" المستقل في موسكو: "إن بوتين وميدفيديف يتخذان كل القرارات بشكل جماعي. وكلاهما يُظهر، بطريق مختلفة، أن هذا الترتيب مناسب لهما". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونتيور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©