الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سيراليون... أزمة ما تزال منسية

17 نوفمبر 2009 00:20
سكوت كرافت فريتاون تعرف مستويات المعيشة تحسنا عبر معظم العالم هذه الأيام، حيث حولت الأسواق الحرة في جنوب شرق آسيا وأوروبا الشرقية هذه المناطق إلى قوى إقليمية، ورفعت ثورةُ التكنولوجيا الفائقة في الهند ملايين الأشخاص إلى الطبقة الوسطى، وتحسنت جودة الرعاية الصحية في كثير من البلدان عبر العالم. غير أن هذا المد لم يطل في الغالب بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، إذ رغم ضخ أكثر من تريليون دولار من المساعدات الخارجية –جزء كبير منها مصدره الولايات المتحدة – في أفريقيا على مدى نصف القرن الماضي، فإن الناس في معظم القارة يعدون أكثر فقراً وأقل ثراء مما كانوا عليه في الماضي. ومنذ الحادي عشر من سبتمبر 2001، تركز اهتمام العالم على الخطر الذي يطرحه تفكك الدول مثل أفغانستان وباكستان والصومال؛ والحال أن بعض الدول النامية الأقل شهرة تعد أيضاً حاضنة ممكنة للتهديدات الاستراتيجية، مثل الإرهاب وتهريب المخدرات والاتجار في البشر وتجارة الأسلحة الخفيفة وأزمات الصحة العامة. وتثير أفريقيا الغربية بشكل خاص قلقا بالنسبة لمسؤولي الصحة العالمية؛ إذ غالبا ما تفتقر بلدانها إلى الإمكانيات لتحديد تهديدات الأمراض الجديدة والتعاطي معها، ويشمل ذلك نقص الأدوية، والأطباء المدرَّبين، والكهرباء التي يمكن الاعتماد عليها، والماء الصالح للشرب، إلى جانب أمور أساسية مثل القفازات المعقمة. وتعد سيراليون واحدة من تلك الدول، حيث فشلت عقود من المساعدات الخارجية في تحسين مستوى معيشة السكان، وباتت البلاد تشبه صندوق تبرعات: ذلك أن 60 في المئة من إنفاقها العام مصدره الحكومات الأجنبية والمنظمات غير الربحية؛ وقد تلقت منذ 2002 أكثر من مليار دولار من المساعدات. غير أن لديها ثاني أعلى معدل وفيات للأطفال في العالم، وراء أنجولا (أفغانستان تعد أفضل حالا منها)؛ كما تقول الأمم المتحدة إن امرأة من أصل 8 تموت أثناء الوضع (المعدل في الولايات المتحدة هو 1 من أصل 4800)؛ هذا فيما يبلغ معدل أمد الحياة في سيراليون 41 عاما (المعدل في بنجلاديش هو 60 عاما). وقد دفعت الحرب الأهلية في التسعينيات والتي دامت عقدا من الزمن، الناس إلى الهجرة من الأرياف إلى العاصمة فريتاون؛ واليوم، تأوي مدينة بنيت من أجل 250 ألف نسمة أضعاف هذا العدد بعشر مرات؛ حيث يعيش عشرات الآلاف من السكان في أكواخ على سفح الجبل في منطقة تشرف على المحيط الأطلسي، ولكنها بدون ماء أو كهرباء. كما أجبرت الحرب الآلاف من أكثر مواطني سيراليون تعلما على الذهاب إلى المنفى في الولايات المتحدة وبريطانيا؛ ويقوم هؤلاء المغتربون بزيارة وطنهم حيث يُعرفون باسم "القادمون لتوهم"؛ وقد عاد البعض منهم للاستفادة من عقود مع وزراء حكوميين يشرفون على احتياطيات الماس والذهب في البلاد. والواقع أن البلاد تمكنت من إجراء انتخابات ديمقراطية في 2007، ولكن تفشي الفساد يجعل المانحين الدوليين حذرين. وقد شن الرئيس أرنست باي كوروما، وهو رجل أعمال فر إلى لندن خلال الحرب الأهلية، حملة ضد الفساد أسفرت عن نتائج مختلطة. فقبل بضعة أشهر، اختفت شحنة مساعدات من الأرز قادمة من اليابان تقدر بـ6200 طن بعد وصولها إلى الميناء بفترة قصيرة. وخلال الصيف، حين اختفت 10000 دولار من مشروع الحد من فقر الأطفال، هددت المديرة بسحب مساعداتها إذا لم تظهر الأموال من جديد. فظهرت. ولكن المديرة فاديماتا ألينشار تقول إن: "كل شخص يسعى وراء مصلحته الخاصة، ومن الصعب رؤية تغير في سلوك الناس". وفي هذه الأثناء، تظل البلاد برميل بارود سياسيا قابل للانفجار في أي لحظة. ذلك أن عشرات الآلاف من الجنود الأطفال السابقين، الذين كانوا قد أُرغموا على الانضمام إلى ميليشيات قتلت واغتصبت وبترت أطراف الضحايا، ذابوا في المجتمع من جديد. بعضهم، مثل لامين بانجورا، الذي تحول إلى مقاتل متمرد في سن الثانية عشرة، يقودون اليوم دراجات تاكسي، المعروفة باسم "أوكادا"، في العاصمة. ويقول بانجورا، 27 سنة: "لقد كنا نسرق في الماضي، ولكننا اليوم بتنا نستطيع كسب قوت يومنا". ولكنه كسب خطر! حيث يتعرض سائقو الـ"أوكادا" لتحرش رجال الشرطة الساعين وراء الرشى وسائقي تاكسي المستائين من المنافسة. ويقول كابا ويليامز، 24 عاما، وهو طالب في الجامعة يقود مجموعة ممن كانوا ذات يوم جنودا أطفالا تطالب الحكومة بتوفير وظائف لهم: "لقد وصمنا المجتمع بالعار، ولكن الحكومة تغض الطرف"، مضيفا "إذا اندلعت حرب، وكان أحدهم يبحث عن جنود مرتزقة، فإنه سيجدهم هنا للأسف". وقد اتضح هشاشة وضع كوروما في وقت سابق من هذا العام حين غادر البلاد من أجل تلقي العلاج في الهند، حيث هاجم خصومه مقر حزب الرئيس في اضطرابات وأحداث شغب وسط المدينة شارك فيها نحو 5000 شاب. وخشيت الحكومة أن يكون الأمر بداية انقلاب، فردت بقوة. ولكن مايكل فون دير شولنبرج، ممثل أمين عام الأمم المتحدة في سيراليون، ذهب إلى عين المكان وتوسط في حل. ولاحقا، وقع الرئيس وخصومه اتفاقا يتعهد بدعم الديمقراطية. وفي هذا الإطار، يقول شولنبرج: "إذا استطعنا أن نثبت هنا، في أفقر بلد في العالم، أن ثمة إمكانية للانتقال من الحرب إلى الديمقراطية والاستقرار، فسيشكل ذلك نموذجا بالنسبة لبلدان أخرى"، مضيفا "علينا أن نحافظ على استقراره بأي ثمن لأن سيراليون يمكن أن تتحول بسهولة إلى صومال أخرى". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©