مجدي عثمان (القاهرة)
«التكية» من عمارة الخير أو العمارة الخدمية الإسلامية التي ارتبطت بإطعام وسقاية الناس والدواب وعابري السبيل، إلى جانب رعاية المتصوفة واليتامى وإيواء الغرباء وكسوتهم، وترجع نشأتها إلى العصر العثماني، وهي من المنشآت الدينية التي حلَّت محل «الخنقاوات» المملوكية.
وقد عرفت أوروبا فكرة التكية في القرن 11ه، وأشهرها إلى اليوم تكية ممر سانت برنارد، نسبة إلى مؤسسها في ممر بجبال الألب، من أجل توفير مكان لراحة المسافرين، وإسعاف المصابين في الجبال. مقتفياً أثر العصر العثماني في استخدام التكايا لعلاج المرضى بدلاً من البيمارستان في العصرين الأيوبي والمملوكي.
وكانت معظم التكايا تتألف معمارياً من صحن واسع مكشوف، وسمعخانة، والتي تستخدم للذكر، والصلاة والذكر الصوفي الدائري، وتتكون من طابقين أو أكثر، بهما غرف لإقامة المريدين، وغرف لاستقبال العامة وقسم الحريم، المخصص لعائلات الدراويش، وقاعة طعام جماعية ومطبخ، ومكتبة ودورة مياه ومستحم، وأحياناً يلحق بها سبيل ماء.
وفي التكية تكون حلقات الدرس اختيارية بينما تكون إجبارية في الخانقاه، والتي كان يتولى مشيختها كبار العلماء والفقهاء وتمنح الدارسين بها إجازات علمية، ومعمارياً تكون التكية مستقلة بذاتها، أما الخانقاه فقد تكون جامعاً أو مدرسة وخانقاه في الوقت ذاته.
ومن أشهر التكايا العثمانية في مصر، التكية السليمانية، التي أنشأها الأمير العثماني سليمان باشا عام 950ه بالسروجية، والتكية الرفاعية 1188ه ببولاق، وتكية الدراويش «المولوية» بحي السيدة زينب، والتكية البكتاشية أو تكية المغاوري، والتي كانت في بداية القرن 10ه، مقرّاً للطريقة العباسية.
ومن أشهر تكايا تركيا «خان المولوية» في منطقة غلاطة في إسطنبول، وهي أول تكية أنشئت في المدينة عام 1914م، وتشتمل على 100غرفة للدراويش، وأصبحت متحفاً للأدب العثماني، وهناك تكية «التربة خانة» وتعد أشهر تكية مولوية، وهناك أيضاً «التكية السليمانية» في إسطنبول، والتي انتهى من بنائها المعماري سنان سنة 946ه - 1557م، على قبة على ربوة عالية على مضيق البوسفور، والتكية «السليمية» في إديرنة.
أما التكايا في سوريا فتتوزع على طريق الحج من حلب إلى جنوب دمشق، ومنها التكية السليمانية، وشيدت مكان قصر الظاهر بيبرس في دمشق، وتكية بابا بيرم، تكية الإخلاصية الرفاعية، تكية القلقر فوق مغارة الأربعين في محلة شاهين، تكية المخملجي، تكية المولوية «الملخانة»، تكية أبو بكر الوفائي.
يعتبر شارع التكايا من أقدم شوارع مدينة دير الزور السورية، وسمي بهذا الاسم نسبة لكثرة التكايا التي كانت موجودة فيه. وعن التكايا في فلسطين في العهد العثماني قال الرحالة التركي «أوليا جلبي» الذي زارها في القرن 17م: إنه كان في القدس تكايا لسبعين طريقة وكانت هذه الطرق منتشرة في الوقت نفسه في جميع مدن فلسطين، ومن التكايا الشهيرة في القدس، المولوية، الداوودية، الكريمية، التنكزية، الفخرية، الأسعروية، المنجكية، خاصكي سلطان.
عدد اليوم
