الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا

ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا
20 يونيو 2017 18:45
أحمد محمد (القاهرة) الدعاء سلاح الأنبياء والمؤمنين في كل أحوالهم، وكانت أغلب أدعية القرآن مصدرة بالتوسل إلى اللَه بربوبيته، لأنها أعظم الوسائل على الإطلاق التي تحصل بها المحبوبات، وتندفع لها المكروهات، ومنها هذا الدعاء المبارك: (رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، «سورة ?الممتحنة: الآية 5»، تضمن هذا الدعاء سؤال الله السلامة في الدين والدنيا، والنجاة من الفتنة في الدين التي هي أخطر وأصعب الفتن، وأن فتنة المسلم عن دينه حتى يرجع إلى الكفر بعد إيمانه أكبر عند الله من القتل، وإزهاق النفس. وفي تكرار النداء بقولهم: (رَبَّنَا) إظهار للمبالغة في التضرع مع كل دعوة من الدعوات الثلاث، وهذا يدل على شدة إخلاصهم في دينهم، وكثرة توسلهم إلى الله تعالى في مطلوبهم، والدعاء ظاهره أنه من جملة كلامهم، ومن دعائهم، ويحتمل أن يكون من تعليم الله عز وجل لأهل الإيمان، كيف يقولون، أمرهم بالتأسي بإبراهيم ومن معه، ونهاهم عن موالاة المشركين، وبيّن لهم خطر ذلك، وذكر لهم هذه الأسوة، قال الزجاج، لا تظهرهم علينا فيظنوا أنهم على الحق فيفتنوا، وقال مجاهد، لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك، فيقولون لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم ذلك، واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم. وقال ابن جرير الطبري، يقول تعالى ذكره مخبراً عن قول إبراهيم خليله والذين معه، يا ربّنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا بك فجحدوا وحدانيتك، وعبدوا غيرك، بأن تسلطهم علينا، فيروا أنهم على حق، وأنّا على باطل، فتجعلنا بذلك فتنة لهم، بعد أن سألوا اللَه تعالى أن يصلح لهم دينهم في معاشهم، سألوه ما يصلح لهم أمورهم في آخرتهم، (... وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا...)، واستر علينا ذنوبنا بعفوك لنا عنها يا الله، واسترها عن غيرك وعن الناس، واعف عنها فيما بيننا وبينك، (... إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) الشديد الانتقام ممن انتقم منه الذي لا يضام من لاذ بجناحك، الحكيم في أقوالك وأفعالك وشرعك وقدرك، في تدبيره خلقه، وصرفه إياهم فيما فيه صلاحهم، واقتران اسم الله العزيز بالحكيم، يدل على كمال آخر غير كمال كل اسم بمفرده، وذلك أن عزته جل وعلا مقرونة بالحكمة، فلا تقتضي ظلماً وجوراً وسوءاً، كما في المخلوقين قد تأخذه العزة بالإثم فيظلم، وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونة بالعز الكامل، بخلاف المخلوق، فإن حكمته قد يعتريها الذل. وجاء في «المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير»، لا تجعلنا فاتنين، لا تسلطهم علينا، فيكون ذلك فتنة لهم فيقولوا لو كان هؤلاء على حق ما صاروا بهذه المثابة من الضعف والمهانة، تحت قهرنا وسلطتنا، فهذا المعنى الأول، ويدخل فيه أيضاً كل ما يصدر عنا، مما يكون فتنة لغيرنا، ويحول ذلك بينهم وبين الدخول في الإسلام، بسوء الحال والعمل، وسوء التطبيق والامتثال، بما يرونه من الفرقة والاختلاف، ومن الفجور الذي للأسف يكون من بعض أبناء المسلمين. ولا تجعلنا يا ربنا فاتنين لهم، حينما نكون بحالة سيئة، تحت قهرهم وتسلطهم، من الضعف والمهانة والعجز، كما هو حال الأمة الآن، فيقولون لو كان هؤلاء على الحق لما صاروا بهذه المثابة، فلا تظهرهم علينا فيفتنونا بذلك، لا تسلطهم علينا يفتنوننا في ديننا، يقهروننا، ويكون تسلطهم هذا سبباً لفتن المسلم في دينه، وهذا واضح، أنهم إذا تسلطوا على المسلمين نحَّوا شرع الله، وعملوا على كل ما يؤدي إلى إبعاد المسلمين عن دينهم، فهذه هي الحال الواقع دائماً إذا غلب الكفار على المسلمين. ولا يخلو الإنسان من حال من التقصير، مهما بذل واجتهد، وقد يجتهد ويخطئ، وقد يتأول، فيكون بعض تصرفه سبباً لفتنة، والناس قد لا يعرفون خلفيات هذه التصرفات، وما وراءها، فيكون فتنة للناس.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©