الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

السوق العقارية الإماراتية تشهد تحولاً مع دخول مرحلة جديدة من التطور

السوق العقارية الإماراتية تشهد تحولاً مع دخول مرحلة جديدة من التطور
15 ابريل 2013 23:12
بقلم: أبوبكر الخوري ? شهد السوق العقاري العالمي والإماراتي تقلبات بنهاية عام 2008، جراء الأزمة المالية العالمية، والتي أدت إلى تراجع حاد في مستويات الطلب على الوحدات العقارية، بعد أن كان الناس يتدافعون في طوابير لشرائها، وهي ما تزال في طور التخطيط، ما ترك أثراً سلبياً على القطاع الذي انخفضت قيمة أصوله بشكل حاد. لكن لابد من أن نستثمر الوقت الذي يتعافى فيه السوق العقاري من آثار هذه الأزمة، في تعلم واستخلاص الدروس والعبر من فترة الفقاعة العقارية التي حدثت في منتصف العقد الماضي، لضمان عدم تكرار مثل هذه التجارب السلبية. وتعتبر الفقاعات العقارية ظاهرة عالمية، وطالت الأسواق في الدول المتقدمة من الولايات المتحدة إلى إسبانيا، التي شهدت معظم هذه العواقب، حيث أدت سياسات وإجراءات الإقراض المتساهلة، وسهولة الحصول على السيولة النقدية، إلى تضخم أسعار العقارات، الأمر الذي أفضى إلى حدوث طفرة غير مستقرة في قطاع الإنشاءات العقارية. ومع ذلك، تشكلت هذه الظاهرة في دول أخرى مثل الصين والهند وفيتنام والإمارات، حيث تسارع تطوير القطاع العقاري، مدفوعاً بنمو الاقتصاد، والتغييرات والتعديلات التي طرأت على القوانين الخاصة بالتطوير العقاري والملكية. وبالطبع، أدى الاهتمام والاندفاع الشديد من قبل المشترين، إلى تحويل هذا القطاع إلى صناعة مربحة في بادئ الأمر، وهذا دفع بالكثير من المطورين العقاريين إلى إغراق السوق بمشاريع جديدة عالية الجودة، وكان لهذا التوجه أثر مضاعف على السوق بأكمله. وقد شجعت عمليات بيع الوحدات العقارية في طور التخطيط، وتوفير القروض الرخيصة، المضاربين الذين أخذ عددهم يتجاوز عدد المشترين بغرض السكن، ما أثر على كمية العرض وأسعار العقارات. وأدت عملية جني الثروات من عمليات المضاربة إلى انجراف حتى أكثر الناس تعقلاً وراء حمى المضاربات. لكن عندما تجاوز العرض الطلب الحقيقي، وتجمدت عمليات الإقراض جراء الأزمة المالية العالمية، سارت العملية في الاتجاه المعاكس، وبالنتيجة كانت صناعة البناء والتشييد هي حجر الدومينو الأول الذي سقط، وسرعان ما انتشر تأثيره على الاقتصاد بأسره. ومع أن القطاع العقاري يتسم بطبيعة دورية أو موسمية من الناحية الكلاسيكية، فإن الطفرة تعتبر من الحالات الأكثر شيوعاً في المرحلة الأولى من تطور القطاع العقاري، وذلك لحداثة التشريعات والنظم العقارية، وتساهل البنوك في الإقراض، وبالأخص للمضاربين، ومن هنا فإنني آمل أن نكون في دولة الإمارات قد تعلمنا من التجربة ونحرص على عدم تكرارها. مرحلة التطور منذ عام 2008، أسهمت ديناميكيات السوق والإجراءات الحكومية في خفض الأثر السلبي للمرحلة الأولى، وموازنة السوق على المدى المتوسط. وحالياً، ترتفع الأسعار بشكل متفاوت، ويتزايد الطلب على شراء العقارات بعد حالة الاستقرار التي شهدتها دولة الإمارات خلال السنتين الماضيتين، مقارنة بالسنوات السابقة. وبالنظر إلى آفاق القطاع العقاري الإماراتي، يبدو أن صناعة التطوير العقاري قد دخلت مرحلتها الثانية من التطور، ما يعني تطور سوق عقاري متين، ومبني على أسس أكثر صلابة. لذلك، ينبغي على كل الأطراف العاملة في مجال التطوير العقاري، بمن في ذلك المطورون العقاريون والجهات الحكومية والمؤسسات المالية، أن يتعاونوا من أجل التأكد من سير المرحلة الثانية على نحو سليم، مما يتطلب منا جميعاً القيام بتشجيع الناس على شراء العقارات، من أجل غايات السكن، وبالتالي تطوير سوق عقارية نشطة مبنية على أساس الشراء من أجل الاستخدام وليس المضاربة، إضافة إلى ضرورة بناء صناعة العقارات المستدامة التي تخدم جميع المقيمين في دولة الإمارات، وبالتالي خدمة الاقتصاد الإماراتي على المدى الطويل. كما أن الاستثمارات الحكومية الهادفة إلى تنويع الاقتصاد، بما في ذلك إعلان حكومة أبوظبي تخصيص نحو 90 مليار دولار لإنفاقها على المشروعات التنموية في السنوات الخمس المقبلة، مثل مشاريع البنية التحتية والصناعة والسياحة والتعليم، سيولّد طلباً حقيقياً لشراء عقارات بغرض السكن في السنوات المقبلة، لذا يجب أن تركز صناعة العقارات الآن على الطلب الحقيقي في السوق. ورغم طفرة البناء التي شهدتها دولة الإمارات سابقاً، إلا أن الكثير من المباني قد عفا عليها الزمن، ويستوجب استبدالها بمبانٍ سكنية جديدة تتمتع بجودة أعلى بغية إنشاء وتطوير مجمعات سكنية صحية وعصرية، وخير مثال على ذلك وسط مدينة دبي “داون تاون دبي” الذي يجسد مثالاً رائعاً للحي السكني الذي سرعان ما اكتسب شعبية عالية بسبب أنماط الحياة المتبعة فيه، حيث يعمل الناس ويقطنون ويمارسون أنشطتهم الاجتماعية في منطقة واحدة. وسنشهد قريباً مثل هذا النوع من التجمعات السكنية في أبوظبي في مناطق متعددة، مثل شاطئ الراحة وجزيرة ياس وجزيرة الريم، ما يزيد من قيمة هذه المناطق. التوجهات والقواعد مع ذلك، هناك الكثير مما ينبغي القيام به، فالأمر يتطلب أكثر بكثير من مجرد توفير المنتج المناسب. ويحتاج العقار الحديث الذي تم بناؤه بشكل عصري، إلى أن تتم إدارته بالشكل الصحيح، وهذا يتطلب أن يتقبل الناس مبدأ الدفع مقابل الخدمات، لأن البديل الآخر هو تدهور حالة المباني بشكل سريع، وبالتالي فقدان قيمتها. وكما تحتاج العقارات تسهيل زيادة تدفق المعلومات حول الإيجارات وقيم رأس المال، للمساعدة في تعزيز الثقة في السوق العقارية. ففي أحدث تقرير لجونز لانج لاسال عن الشفافية في الأسواق العقارية، تم تصنيف دبي وأبوظبي كأسواق “منخفضة الشفافية”، لتتبوأ مكانة منخفضة إلى جانب المدن الصينية الثانوية والهند، مما يتطلب السرعة في إجراء التغيير من خلال تسهيل عمليات التسجيل العقاري وبناء قاعدة معلوماتية عن النشاطات العقارية، وجعلها متوافرة للعامة، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى حدوث تحسن كبير في أداء السوق العقاري. ومع أن قوانين العقارات في دولة الإمارات تطورت بشكل جيد في وقت قصير، إلا أن هناك حاجة إلى الإسراع في سن قانون خاص بالعقارات، يشمل تحديد حقوق والتزامات أصحاب الممتلكات، وكل الأطراف المعنية، لمواصلة تطوير وتحقيق الاستقرار في القطاع العقاري. كما يحتاج سوق العقارات لعملية تنظيم وتقليص الرسوم المفروضة من قبل المطورين والوكلاء العقاريين والجهات الرسمية، لضمان الشفافية وتحفيز المعاملات وتحقيق الاستدامة لسوق شراء واستئجار العقارات. ومن أجل تحقيق ازدهار في سوق العقارات، لابد من توفر التمويل العقاري بنسبٍ تشجع الناس على تقبّل استبدال أقساط الإيجار بأقساط الرهن العقاري. ولا تزال هذه السياسات بحاجة إلى المزيد من الضبط والتنفيذ، وفصل بين الشروط المتعلقة بالسكان والمستثمرين. ومع تطور الطلب الحقيقي على استئجار أو تملّك العقارات ووضع المضاربات طي النسيان، ينبغي على البنوك أن تتحرك باتجاه توفير القروض العقارية بشروط معقولة. ورغم التقلبات الهائلة التي شهدها قطاع العقارات في دولة الإمارات على مدى السنوات القليلة الماضية، إلا أنني واثق من أن هذه الصناعة تتطور الآن كما ينبغي لها. وفي الحقيقة، تأتي هذه الدورات وتذهب، ولكننا نأمل دائماً بأن تكون مصحوبة بدرجة أقل حدة من التقلبات، مما يسمح للسوق بالنضوج. ومما لا شك فيه، أن تسهيل تدفق المعلومات وتوافر الاستثمارات الحكومية التي تشجّع توسيع نطاق الطلب على الشراء من أجل التملك، إضافة إلى إشراك أصحاب المصلحة في تشكيل السياسات العامة، سيمكن القطاع العقاري من الإسهام بشكل كامل في التنمية الاقتصادية في دولة الإمارات، كما سيمكنه من الاستفادة منها أيضا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©