الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجيش الجورجي··· جثة تبليسي العسكرية

الجيش الجورجي··· جثة تبليسي العسكرية
6 سبتمبر 2008 02:39
بعد أسابيع من انهيار قادتها العسكريين خوفا وهلعا أمام الجيش الروسي، يأمل زعماء جورجيا في إعادة بناء، وتدريب قواتهم المسلحة، كما لو أن وقوع حرب أخرى مع روسيا قد غدا أمرا محتما؛ في الوقت الراهن، تقوم جورجيا فعلا بإعداد قوائم تتضمن خيارات عدة، منها استعادة قوة جيشها للمستوى الذي كانت عليه قبل الحرب، وتحويله إلى قوة أكبر حجما، وتزويده بالأسلحة الأكثر تطورا، من مثل منظومات الدفاع الجوي، والصواريخ الحديثة المضادة لنيران الهاونات، وأجهزة الرؤية الليلية· لقد أكد المسؤولون في وزارة الخارجية، والبيت الأبيض الأميركي أن إدارة ''بوش'' تدرس في الوقت الراهن متطلبات تقوية الجيش الجورجي، ولكنها لم تتخذ قرارا في هذا الشأن بعد، وأن الخيارات المتاحة للاثنين تتضمن تحديات صعبة بالذات في مجال السياسة الخارجية؛ فحقيقة أن جورجيا هي التي بادرت بالعدوان على ''أوسيتيا الجنوبية''، تطرح أمام المسؤولين الأميركيين سؤالا حول الحكمة من استثمار المزيد من الأموال على القوات المسلحة الجورجية، خصوصا وأن تلك الاستثمارات الإضافية، ستؤدي إلى المزيد من توتير العلاقة مع روسيا· وفي حوار صحفي أجري معه، قال الرئيس الروسي ''ديمتري ميدفيديف'' الثلاثاء الماضي، إن بلاده لم تعد تعتبر الرئيس ''ميخائيل سيكاشفيلي'' رئيسا لجورجيا ووصفه بأنه قد تحول إلى ''جثة سياسية''؛ وقـــد عبر المسؤولــون الروس أكثر من مرة الأسبوع الماضي عن قلقهم من احتمال قيام الولايات المتحـــدة بمجهــود كبير من أجل إعادة القوات المسلحة الجورجية إلى سابق عهدها؛ من بين هؤلاء المسؤولين '' ديمتري·إو· روجوزين'' ممثل روسيا في الناتو الذي قال: ''أعتقد أننا سنرى قريبا وبشكل رسمي قاعدة عسكرية أميركية في جورجيا وليس فقط مجرد خبراء عسكريين، بل وسيكون هناك علم أميركي، ودبابات، ومدافع، وطيران، بل ومارينز أيضا''· في الوقت الراهن تفضل إدارة ''بوش'' الإطناب في الحديث عن مساعداتها الإنسانية لجورجيا، في حين تتجاهل أي مناقشة عامة للجهود التي تبذلها من أجل التوصل إلى أفضل الطرق والأساليب التي يمكنها بها إعادة بناء الجيش الجورجي؛ وهذا الصمت الرسمي، يعكس مخاوف البعض في واشنطن من احتمال حدوث توترات في العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا، كما يفسر السبب الذي كان يدعو مسؤولي إدارة ''بوش'' إلى طلب عدم ذكر اسمهم عند إدلائهم بأي تصريحات تتعلق بالجهود التي تبذلها بلادهم من أجل تسليح جورجيا· ويرى خبراء عسكريون غربيون، أن إعادة بناء الجيش الجورجي بعد الهزيمة التي تعرض لها على أيدي روسيا، سوف تحتاج لسنوات، وأن عبء هذا البناء سوف يسقط على كاهل الإدارة الأميركية القادمة؛ ومما يشار إليه في هذا السياق أن الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء يبدون دعما قويا لجورجيا؛ يرجع ذلك لأسباب من ضمنها، أن الرئيس الجورجي ''سكاشفيلي'' قد نجح في إقامة علاقات قوية مع حملتي ''ماكين'' و''أوباما''، وأن المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس ''جوزيف بايدن'' قد زار ''سكاشفيلي'' الشهر الماضي، وهو ما فعلته أيضا ''سندي ماكين'' زوجة المرشح الجمهوري لمنصب الرئيس ''جون ماكين'' والذي يعتبر من أعلى المؤيدين لحكومة سكاشفيلي صوتا ومن أقوى المنتقدين للكرملين· ويرى وزير الدفاع الجورجي أن نقاط الضعف التي ظهرت خلال الحرب مع روسيا، أبرزها ضعفها النسبي أمام القوة الجوية الروسية، وعدم قدرة الوحدات العسكرية على الاتصال ببعضها بعضا أثناء القتال، يمكن علاجها من خلال الاستثمار في المعدات المتطورة؛ ولكن المقابلات التي أجريناها مع الخبراء العسكريين الغربيين الذين سبق لهم العمل مع القوات المسلحة الجورجية، توحي بأن عيوب ونواقص تلك القوات، كانت من الخطورة بدرجة لا يسوغ معها القول إنه من الممكن علاجها من خلال الاستثمار في المعدات المتطورة فحسب! يشير هؤلاء الخبراء إلى نقطة أخرى مهمة، من واقع البيانات والمعلومات التي توافرت لديهم، وهي أن جورجيا وهي الدولة التي تسعى للانضمام لحلف الأطلسي، قد خاضت تلك الحرب من بدايتها إلى نهايتها بطريقة عشوائية، ساهمت في تقويض الجهود التي كانت تبذلها من أجل تقديم نفسها في صورة الشريك العسكري المحتمل القوي والذي يمكن الاعتماد عليه· وفي معرض إشارته للأداء المرتبك للقوات المسلحة الجورجية يقول -أحد الضباط الغربيين-: إنه كان من الواضح خلال المعركة أن الاستعدادات اللوجستية الجورجية كانت هزيلة، وأن وحدات جيشها تداخلت في بعضها في الميدان وهو ما يرجع لعدم وجود وسائل اتصال كافية بين القادة وبين القوات البرية في ميدان القتال، وكذلك لعدم وجود أي نوع من التنسيق بين قوات الشرطة والقوات العسكرية، وهو ما أدى إلى تداخل المهام بينها وإلى ارتطامها ببعضها على الطرق· ليس هناك من يناقش صحة أن الجيش الجورجي قد وقع فريسة للفوضى والخوف في ميدان المعركة، لدرجة أن هذا الجيش قد ظل يتقهقر من جبهة القتال حتى وصل إلى العاصمة، تاركا مدينة ''جوري'' دون دفاعات كافية مما سهل اجتياحها من قبل الروس، وأن التقهقر ذاته لم يكن منظما بل كان مرتبكا لدرجة أن طريق التقهقر قد امتلأ بصناديق الذخيرة التي خلفتها القوات الجورجية وراءها· سي· جيه شيفرز-تبليسي ثوم شانكر-واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©