الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نيكلسون: التصوف الإسلامي يوفر أرضية مشتركة يلتقي فيها أبناء الديانات

نيكلسون: التصوف الإسلامي يوفر أرضية مشتركة يلتقي فيها أبناء الديانات
7 سبتمبر 2008 00:55
قام المستشرق الإنجليزي رينولد ألين نيكلسون (1868م - 1945م) بجهود كبيرة للتعريف بالإسلام ورسالته ونبيه، من خلال ترجمته لمعاني القرآن الكريم ودراساته ومقالاته المنصفة عن الإسلام، ونخبة من أعلام المسلمين، ويعد واحداً من أكبر الباحثين في التصوف الإسلامي، حيث رصد نشأته وتطوره، كما ترجم أشعارا وأعمالا لكبار أعلام وأئمة الصوفية· يرى نيكلسون أن قيمة أعماله ودراساته عن الصوفية تنبع من كونها توفر أرضا مشتركة يمكن أن يلتقي فيها ناس من ديانات مختلفة بروح التسامح والتفاهم المتبادل· ويقول في هذا السياق، وفقا للمثبت عنه بموسوعة المستشرقين للمؤرخ الفيلسوف عبدالرحمن بدوي، ''إن مذاهب الصوفية المسلمين وتأملاتهم أثرت في الإسلام تأثيرا قويا، وإلى حد ما فإنها توفر أرضا مشتركة يمكن أن يلتقي فيها أناس من ديانات مختلفة مع بقائهم مخلصين للديانة التي يؤمن بها كل واحد منهم، ويتعلمون كيف يعرف بعضهم بعضا ويحبه''· وقد بدأ اقتراب نيكلسون من الحضارة العربية والإسلامية بعد تحوله من الدراسات الكلاسيكية (اليونانية واللاتينية) التي برز فيها أثناء دراسته بجامعة أبردين إلى دراسة اللغتين الفارسية والعربية في كلية الثالوث بكمبردج، والتي ما لبث أن صار زميلا ثم أستاذا للغة الفارسية فيها عام ·1901 وتناولت معظم أعماله التصوف في الإسلام، كما اهتم أيضا بالأدب العربي والشعر الفارسي، وهو ما أهلّه للحصول على كرسي توماس أدامز لتدريس اللغة العربية بكمبردج عام 1926 والذي استمر فيه حتى تقاعده في عام 1933 ليتفرغ لدراساته ومؤلفاته· وتمثل ترجمة وشرح نيكلسون لديوان ''مثنوي معنوي'' للشاعر الفارسي جلال الدين الرومي والتي وضعها في 8 مجلدات وتم نشرها بين عامي 1925-1940 أشهر وأعظم أعمال رينولد نيكلسون، ويتلوها في الأهمية وفقا لتصنيفات المؤرخين والباحثين كتابه ''تاريخ الأدب العربي'' الذي صدر عام 1907 وقام من خلاله بترجمة بعض القصائد من العربية إلى الإنجليزية· وكتب نيكلسون العديد من المقالات في التصوف الإسلامي نشرها في ''دائرة معارف الدين والأخلاق'' و''دائرة معارف الإسلام''، كما جمع بعضها في مجلد بعنوان ''دراسات في التصوف الإسلامي'' نشرت عام 1921 ومن أهم هذه المقالات ''فكرة الشخصية في التصوف'' و''الصوفية في الإسلام'' و''بحث تاريخي في نشأة التصوف وتطوره'' و''أهداف التصوف الإسلامي'' و''سيرة عمر بن الفارض وابن عربي''· ولم يكتف بكتاباته ومقالاته عن التصوف بل انكب أيضا على ترجمة الشعر الفارسي والعربي إلى الإنجليزية بأسلوب شعري جميل عكس قدرته الفائقة على التعامل مع عدد من النصوص والقصائد الشعرية من أجملها ترجمته الإنجليزية ''قصائد مختارة من ديوان شمس تبريز'' لجلال الدين الرومي و''أسرار الذات'' لمحمد إقبال· ويشير نيكلسون في كتابيه ''صوفية الإسلام'' و''التصوف الإسلامي وتاريخه'' إلى أن صوفية الإسلام، شأنهم في ذلك شأن الصوفية جميعا، يدركون أن الغاية التي يتوجهون إلى تحصيلها من الطريق الصوفي ليست مما يقع في نطاق العلم أو الوصف بالألفاظ، فليس لغير من يتذوق أحوال الصوفية أن يفهم هذه الأحوال، أما الوصف بالألفاظ فيقصر دون التعبير عن هدف الصوفي، وإن كان لا يقصر عن وصف طريق السلوك إلى هذا الهدف من أوله إلى آخره·ووصف المستشرق ''آرثر جون آربري'' والذي تتلمذ على يد نيكلسون أستاذه بقوله ''هو رجل عارف للحق، ويجب علينا أن نقدِّر ترجمته للقرآن الكريم بملاحظة الدقة فيها، فهي تدل على أنه رجل له رأي ونظر، ولم يأخذ آراءه عن شخص آخر، وترجمته هي من أفصح وأبلغ الترجمات''· ويرى نيكلسون في كتاباته أن القرآن الكريم الذي منشأه الوحي الإلهي للأحكام بواسطة ''جبريل'' من أهم العوامل المؤثّرة في تقدّم الدين الإسلامي، ويقول في ذلك: ''وبعد أن تسلّم النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) تلك الرسالة بلَّغها وقرأها على أنصاره وأتباعه، وأمر بعضهم بكتابتها على خوص النخيل أو الجلود، وفي بعض الأحيان كانوا يدوّنونها على أي جسم مقاوم، لتبقى في متناول الناس''· وأكد بلاغة وفصاحة القرآن الكريم التي لا يمكن أن تصل إليها أي ترجمة لمعانيه· (ينشر بالترتيب مع وكالة الأهرام للصحافة)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©