الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا وأوروبا على مفترق طرق

روسيا وأوروبا على مفترق طرق
7 سبتمبر 2008 01:34
بينما تحاول أوروبا جاهدة تحديد كيفية التعامل مع روسيا، التي تعد أكبر بلد في العالم، فإنها تواجه واحدا من أقدم تكتيكات موسكو الدبلوماسية (فن التقسيم والفصل) حيث كانت هذه الاستراتيجية واضحة يوم الاثنين -خلال أول اجتماع قمة طارئ يعقده الاتحاد الأوروبي لبحث إحدى الأزمات منذ حرب العراق في 2003-؛ وخلال هذا الاجتماع، ندد الاتحاد -الذي يضم 27 بلدا- بقوة بغزو موسكو لجورجيا في الثامن من أغسطس، واعترافها بالإقليمين الانفصاليين، ومحذرا روسيا من أنها ستواجـــه العزلــة إن هي استمرت في مثل هذه الأفعال، رغم أن القمــة لم تتبن قرارات أكثر جديـــة وإثارة للجدل مثل فرض عقوبـــات· قبل وخلال وبعد اجتماع الاتحاد الأوروبي -الذي انتهى ببيـــان يتألـــف مــن 11 نقطة، واعتُبر من قبل العارفين بشؤون الاتحاد بمثابة ''مفترق طرق'' في علاقة أوروبا مع روسيا- بذلت موسكو جهودا حثيثة لتسليط الضوء على الانقسامات بين الدول الأوروبية، وبين الولايات المتحدة وأوروبا، وهكذا، سعت إلى استهداف الانقسامات داخل ألمانيا، واستغلت القلق الإيطالي والفرنسي بشأن عواقب إجراءات صارمة، وقللت من شأن القلق الأكبر الذي يسود كتلة ''أوروبا الجديدة''، وفي مقدمتها بولندا ودول البلطيق، مقارِنة إياها بالمقاربة ''المعقولة'' لـ''أوروبا القديمة'' -على حد وصف وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رامسفيلد- وفي هذا الإطار، يجادل ''آرنولد أسموس'' -رئيس مكتب ''صندوق مارشال الألماني'' في بروكسيل-بقوله: ''موسكو من دون شك تحاول تقسيم أوروبا، وفصل أوروبا عن الولايات المتحدة''، مضيفا ''خلال الأيام القليلة الماضية، بدأوا يحاولون إضعاف الناتو، ويطلبون من أوروبا ألا تذهب مع الولايات المتحدة، في تصريحات تُذكر بالعهد السوفييتي''· تكتيكات ''فرق تسد''، مثلما وصفت، يتوقع أن تستمر هذا الخريف، في وقت يقرر فيه مسؤولو الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية دعم جورجيا ببعثة مراقبة مقترحة من الاتحاد، وما إن كانت روسيا تحترم شروط وقف إطلاق النار الذي وقعته مع الرئيس الفرنسي ''نيكولا ساركوزي''؛ ويذكر هنا أن ''ساركوزي'' سيزور موسكو الأسبوع المقبل لمناقشة الأزمة الجورجية؛ ويذكر أيضا أن الجزء الأكبر من مبادرة قمة الأول من سبتمبر أتى من بلدان أوروبا الشرقية، التي دفعت في بروكسيل في اتجاه برنامج مساعدات كبير لجورجيا، لم توضح تفاصيله في البيان الأخير؛ غير أن سفير موسكو إلى الناتو ''دميتري روجوزين'' قال في تصريح له بعد اجتماع الاتحاد الأوروبي: ''من الواضح من هو الخاسر، إنها السياسة التي يدفع بها الرئيس البولندي وزملاؤه في بلدان البلطيق، لقد دافعوا عن خط واشنطن قصد إضعاف التعاون الأوروبي الأوروبي''· وقبيل القمة، استهدفت موسكو ألمانيا التي تعتمد على روسيا لتوفير 40 في المائة من وارداتها من الغاز الطبيعي ونحو 35 في المائة من نفطها المستورد؛ إذ من المتوقع أن تزداد الانقسامات بين ''لوبي'' يميل إلى موسكو وموقفٍ أكثر ''أطلسية''، خلال الفترة التي تسبق الانتخابات الألمانية العام المقبل؛ ومن جهة أخرى، اعتبر وزير الخارجية الروسي ''سيرجي لافروف'' إن المصالحة بين روسيا وألمانيا واحدة من بين أهم عوامل بناء أوروبا جديدة حيث قال: ''إننا لن نسمح لأي أحد بأن يدق إسفينا بين شعبينــــا''؛ غيــــر أن ''إيكـــارت فــــون كليـــدن'' -المتحدث باسم ''الاتحاد الديمقراطي المسيحي''- وصف تصريحات ''لافروف'' بأنها ''محاولة لفصل ألمانيا عن حلفائها، وهي محاولة ستبوء بالفشل، محاولة فصلنا عن أوروبا هي الاستراتيجية الروسية منذ وقت طويل، وبطرق كثيرة''· غير أن إحدى المشاكل بالنسبة لـ''موسكو''، يقول الديبلوماسيون، تتمثل في أن استراتيجيتها للفصل تعتمــد كثيرا على إجماع دولي على أن أعمالها في جورجيا معقولة؛ والحال أن عددا من الدول الأخرى لم توافـــق على ذلـــك حتى الآن، ومنها الصين، القوة الصاعدة الأخرى في العالم، والتي أنهت الأسبوع الماضي دعمها التقليدي لموسكو حول المسألـــة خلال اجتماع ''منتدى شنجهاي للتعاون'' في دوشنبي بطاجيكستان· الأسبوع الماضي، في حوار مع قناة ''سي إن إن'' الأميركية ولاحقا مع قناة ''إي آر دي'' الألمانية، اتهم رئيس الوزراء الروسي ''فلاديمير بوتين'' الولايات المتحدة بتحريض القيادة الجورجية على الهجوم على ''أوسيتيا الجنوبية'' في محاولة لخلق اضطراب دولي من شأنه أن يساعد على توحيد الناخبين الأميركيين حول ترشح سيناتور ''أريزونا'' الجمهوري ''جون ماكين''؛ وإذا كان ضباط الجيش الروسي قالوا إن أسلحة جورجيا إنما جاءتها من الولايات المتحدة، فإن البيت الأبيض وصف تأكيد ''بوتين'' بـ''المثير للضحك''· وفي ندوة بـ''صندوق مارشال الألماني'' عقدت قبل قمة الاتحاد الأوروبي، رد ''ماثيو بريزا'' -نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية المكلف بشؤون أوراسيا- والذي قام برحلات مكوكية هذا الربيع بين موسكو وتبيليسي، على الاتهام الروسي لأميركا بتقديم مساعدة عسكرية لجورجيا بالقول: ''لقد أعطينا (جورجيا) البذل والأحذية العسكرية وبنادق الكلاشنيكوف والمسدسات، وليس الأسلحة الثقيلة، لم نسلح أو نزود بالأسلحة، كما إنه حين غادر الجنود الجورجيون العراق، فإنهم تركوا أسلحتهم وراءهم''· وشدد ''بريزا'' على أهمية دخول المجتمع الدولي اليوم إلى جورجيا من أجل تحديد ما حدث بالفعل خلال أزمة الثامن من أغسطس في أوسيتيا الجنوبية ؟ والتحقيق في الاتهامات بارتكاب الإبادة الجماعية التي أشارت إليها روسيا كسبب لدخول الجمهورية الجورجية قائلا: ''لنحقق، ولنر ما حدث، ولنكن شفافين''· روبرت ماركند- بروكسل ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©