الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جنوب أفغانستان... بوادر التقدم

19 ابريل 2011 21:44
تبدت علامات التغيير واضحة هذا الربيع وسط الحقول اليانعة والقرى المبنية من الطوب اللبن الواقعة في جنوب أفغانستان. ففي منطقة "سانجين"، وهي منطقة نهرية كانت هي الأخطر على الإطلاق بالنسبة لجنود التحالف، يستطيع المرء أن يقطع الرحلة التي كانت تستغرق ثماني ساعات في المتوسط بين قاعدتين في المدينة بسبب عشرات الألغام المزروعة على جانب الطريق، في 18 دقيقة فقط. وفي منطقة "زاري"، التي كانت تمثل قاعدة حصينة للمتمردين تقع في الضواحي الغربية لمدينة قندهار، قام السكان المستفيدون من وظائف ممولة من قبل الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة بقذف رجال "طالبان" الذين حاولوا تهديدهم بالحجارة. وفي منطقة "أرغانداب" التي تشرف على واد خصيب يقع في الطرف الشمالي لقندهار حيث تم استهداف بعض الجنود الأميركيين عن طريق الألغام المصنعة محلياً، قام ثلاثة من وجهاء المنطقة من ذوي اللحى الرمادية ببادرة جسورة مؤخراً عندما حضروا حفل لتأبين رقيب أميركي لقى حتفه بسبب واحد من تلك الألغام. وتأتي التغييرات الملحوظة في تلك المناطق المذكورة كعلامات على التقدم وسط طائفة متنوعة من التطورات التي تؤشر على حدوث تحول عميق عبر قطاع من الأراضي الأفغانية كان يمثل بؤرة تركيز للحملة العسكرية الغربية التي يقودها الأميركيون في ذلك البلد. هذا التحول يتمثل في أنه ولأول مرة منذ عقد من الزمان عندما قامت الولايات المتحدة بغزو ذلك البلد تبدأ طالبان موسمها القتالي الصيفي بسيطرة ونفوذ على الأراضي الواقعة في جنوب البلاد، أقل مما كان عليه خلال العام الماضي. "نحن نبدأ هذا العام في مكان مختلف تمام الاختلاف عن العام الماضي"، كان هذا ما قاله كبير القادة العسكريين لقوات التحالف في أفغانستان ضمن مقابلة أجريت معه خلال الآونة الأخيرة. وهذه التحسينات الأمنية تحققت بفضل القتال المكثف الذي خاضته قوات التحالف في تلك المنطقة واستخدامها لمنظومات الأسلحة عالية التأثير التي لم تكن مرتبطة في السابق بمهام مقاومة التمرد الخاصة بحماية المدنيين. ويذكر أن أعداد القتلى والمصابين من الجنود الأميركيين في مناطق سانجين، وزاري، وارغانداب أكثر مناطق ينشط فيها المتمردون في جنوب أفغانستان منذ الصيف الماضي كانت أعلى منها في أي منطقة أخرى من مناطق البلاد، إذ يشار في هذا السياق إلى أن ما يزيد عن 40 جندي مارينز قد لقوا حتفهم في سانجين في الشهور التسعة الماضية فقط كما فقد ما لا يقل عن 36 جندياً منهم أطرافهم نتيجة للألغام المزروعة على جانبي الطريق وأن اللواء العسكري المسؤول عن زاري وجزء من أرغانداب قد فقد 63 من جنوده في شهر يوليو الماضي وحده. ويتوقع كبار القادة الأميركيون أن يلجأ المتمردون إلى تغيير التكتيكات التي يستخدمونها. فهم سيحاولون تجنيد كوادر جديدة من الانتحاريين لاستهداف مسؤولي الحكومة الأفغانية، وهو ما سيعني صيفاً ملتهباً للقوات الأميركية والقوات الأفغانية على حد سواء. ويعرب بتراوس وغيره من كبار القادة الأميركيين عن أملهم أن يشعر السكان الأفغان بقدر كاف من الثقة في الأميركيين بما يدفعهم للإبلاغ عن أنشطة وتحركات "طالبان" سواء للقوات الأفغانية أو القوات الأميركية. وهؤلاء القادة موقنون أن التحسن في كفاءة الجيش الأفغاني وكفاءة المعلومات الاستخباراتية الأميركية عن ميدان المعركة سوف يؤدي إلى تعزيز الجهود الرامية لمكافحة التمرد. ولكن الرئيس الأميركي الذي كان قد وعد بالبدء في سحب القوات الأميركية في يوليو المقبل، يواجه في الوقت الراهن تحدياً خطراً ومعقداً. فخلال الشهور الثلاثة القادمة سوف يتعين عليه تحديد ما إذا كانت هذه التغييرات القليلة والواعدة مع ذلك في جنوب أفغانستان تستحق أن يقوم بإجراء خفض كبير في القوات أو مجرد تخفيض رمزي لأعدادها. حتى الآن لم يقدم الجنرال بتراوس مقترحاته بشأن الانسحاب إلى أوباما لأن التقدم الذي تحقق في جنوب أفغانستان "لا يزال هشاً وقابلاً للانتكاس". كذلك فإن مسؤولين أميركيين آخرين وبعض الدبلوماسيين، يعتبرون أن التحول الذي تحقق"غير قابل للاستدامة"، ويبدون تشككهم من أن تتمكن قوات الجيش والشرطة الأفغانية من السيطرة على زمام الأمور واستلام المسؤولية في موعد أقصاه 2014، وهو العام الذي تعهدت فيه القوات الأميركية وقوات "الناتو" بتسليم مسؤولية الأمن فيه للأفغان. حول هذا الأمر قال مسؤول أميركي كبير منخرط في شؤون السياسة الأميركية تجاه أفغانستان ولكنه غير مخول بذكر اسمه لحساسية منصبه"إنه لأمر جيد أن يتم طرد طالبان من تلك المناطق ولكن ماذا بعد ذلك؟... إن الذي سيحدث بعد أن نترك هذه المناطق هو أن رجال طالبان سيعودون إليها مجدداً، لأنني أشك أن الأفغان سوف يكونون قادرين على التمسك بتلك الأراضي". ولكن ضباط الوحدات المقاتلة الموجودة في جنوب أفغانستان يقولون إن التحولات التي حدثت خلال الربيع والخريف الماضيين تختلف عن كافة التحولات والنجاحات التي كانت قد تحققت من قبل، وأنه حتى إذا ما تمكنت "طالبان" من تحقيق نجاح هنا وهناك، فإن نجاح القوات الحليفة في تحطيم معاقل هؤلاء المتمردين والاستيلاء على كميات كبيرة من ذخائرهم، وإزالة الآلاف من الألغام المزروعة على جوانب الطرق سوف يضع مقاتلي الحركة في أوضاع غير مسبوقة يجدون أنفسهم محرومين فيها من المزايا النسبية التي كانوا يتمتعون بها من قبل. راجيف تشاندراسيكاران سانجين ـ أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©