الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«هايد بارك» ثقافي في عجمان

«هايد بارك» ثقافي في عجمان
18 نوفمبر 2009 22:20
لقد كان أكثر شبها بـ”هايد بارك” اجتماعي سياسي، إنما في قالب ثقافي محض. هكذا بدا منتدى الثقافة العربية لدورته الثالثة التي أقامته دائرة الثقافة والإعلام بعجمان تحت العنوان: قضايا معاصرة بمشاركة اثني عشر باحثا واستمر ليومي الأحد والاثنين من الأسبوع الماضي. حيث بدا أن مجريات النقاش الذي تلا الطروحات، القادمة من حاضنة ثقافية نقدية، هو الذي كان يرفع من مستوى حرية النقاش بين تأييد ومعارضة تبعا لمستوى حرية الطرح، حيث يرتفع صوت ذلك المسكوت عنه سواء لجهة الإيجاب أو السلب. كان العنوان الأساسي لليوم الأول هو التنمية وأولوياتها (محمد المزعل) وعلاقة السوق الخليجية بتحديات العولمة (د. فاطمة الشامسي) والتغيرات الاجتماعية (د. عائشة النعيمي) ثم علاقة الإعلام بالأزمة المالية العالمية وكيفية تعامله معها إلى الآن (الإعلامي رأفت السويركي) لليوم الأول. وكان اللافت للانتباه في ورقة د. فاطمة الشامسي هو حديثها الواضح عن غياب أي قدر من التكامل بين الدول الخليجية لإنجاز أي تنمية في أي من القطاعات غير النفطية الأمر الذي خلق طابعا تنافسيا بينها دون الاستفادة من الموارد النفطية في إنشاء تلك الصناعات التحويلية التي تسهم، إنْ بشكل أو بآخر، في امتداد هذا التكامل على مستوى المنطقة شريطة تطبيق إصلاحات اقتصادية هادفة إلى تحقيق التنافس ورفع معدلات الكفاءة الإنتاجية بتشجيع القطاع الخاص وتبني سياسات عمالية هادفة إلى إصلاح الخلل القائم على المدى الطويل وذلك كله بهدف خلق تنويع في مصادر الدخل القومي. أما الإعلامي محمد الزعل فبنى ورقته على مناقشة التقارير الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة للسنوات الماضية ليخلص إلى أن الحال السائدة الآن في المنطقة العربية هي أكثر شبها بالوضع السائد الآن في جزر القمر حيث توقف الزمن في المنطقة ما إن انحسر عنها الاستعمار. أيضا أشار إلى واقع إعلامي عربي بائس ومضلل وما يعانيه هذا الواقع من تسلط سياسي قامع للحريات الفردية والتطرف الديني والفكري وغياب الحريات الإعلامية إجمالا. ولعل الأكثر بلاغة وجرأة كان ما طرحته د. عائشة النعيمي التي بدأت ورقتها بالإشارة إلى أن استخدام التنمية، بوصفها مفهوما يجري إسقاطه على المجتمعات العربية عموما والخليجية خصوصا، يتم وفقا للأدبيات الغربية وليس نتاج البحث العلمي ووفقا لاشتراطاته، الأمر الذي أحدث تشوهات في طبيعة فهم التنمية ذاتها على المستويات السوسيولوجية والثقافية بمستوياتها العديدة. وجملة القول في ورقة النعيمي أن الغياب الفادح للتنمية تتحمله السياسة التي غيّبت التخطيط دون تعزيز مفاهيم أساسية مثل الانتماء وبلوعي النقدي والتلاحم الاجتماعي وذلك لجهة علاقة الإعلام بالواقع المحيط به على كل المستويات وعلى نحو أقرب إلى ما هو تفصيلي وعلى صلة بعلاقة الإعلامي بالاجتماعي. وإلى اليوم الأخير الذي بدأ بـ”لغتنا هويتنا” التي تحدث فيها د. محمد رضوان الداية فرأى أن حال الانقسام العربي، والالتفات القطري إلى الذات، وعدم الإحساس بالمسؤولية، وضعف حركة العاملين على تمتين اللغة والتجديد فيها يؤثر سلباً على حقيقة اللغة، وعلى أحوالها، وعلى تسويدها، بحسب ما قال، وعلى منافستها للغات الأخرى، وعلى اعتمادها لغة شاملة هي الأولى في مرافق الحياة جميعاً. ثم تحدّث د. باسم شاهين عن “المحتوى العربي على الشبكة الإلكترونية” فقال إن ما نفعله، نحن كأمة، إنما يسهم في تحنيط لغة الضاد وإحالتها إلى التاريخ، ليناقش هذا الأمر من زاويتين: تتعلق الأولى منهما بأوجه التقصير “الاستراتيجي” والحضاري الذي تجري ممارسته بحق الهوية المعرفية، ممثلة بلغة الضاد، والثانية تتصل بواقع الحضور العربي على الإنترنت؛ ومشكلاته، وكيفية معالجة أخطائه والارتقاء به. ثم كانت القدس، بجلال قدرها حاضرة في الختام، فتحدث عنها في ثقافة الآخر، القاص والباحث الفلسطيني تيسير خلف الذي صدرت له موسوعة خاصة عن رحلات العرب والمسلمين إلى قُبْلة السماء للأرض عن دار كنعان الدمشقية مؤخرا بدعم من دائرة الثقافة والإعلام بعجمان، فأشار إلى أن مفهوم الآخر بالنسبة للقدس ينطبق على الصليبيين والصهاينة، كتعبيرين سياسيين يهدفان إلى محاولة تصفية الوجود العربي الإسلامي في مدينة القدس الشريف. فتركز الطرح على بطلان الدعاوى الصليبية والصهيونية القديمة والحديثة حول حق تاريخي مزعوم في المدينة، بالاعتماد على منهج نقدي علمي يستند إلى كشوفات الحفريات الأثرية الحديثة ورأي الباحثين المحايدين المتخصصين بقضايا تاريخ المنطقة. وبالتالي نقض الأسس التي قامت عليها تلك الدعاوى. أما الكاتب الصحافي فؤاد زيدان، فرسم عددا من السيناريوهات المحتملة لمدينة القدس وفقا للمعطيات السياسية والتاريخية الراهنة فرأى أن “السيناريو ـ الكابوس” يصل إلى هدم أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وتهويد القدس كلها ومعها كل فلسطين وطرد سكانها العرب الفلسطينيين، أما السيناريو الآخر فهو التحرير الكامل لكل فلسطين!.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©