أحمد شعبان (القاهرة)
من سماحة الإسلام أنه حرّم ظلم الناس، وعده من الذنوب العظيمة التي يترتب عليها العقوبة في الدنيا والآخرة قال الله تعالى (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ)، «سورة إبراهيم: الآية 42». يقول الدكتور عبدالفتاح عاشور أستاذ التفسير بجامعة الأزهر: من الصفات الإنسانية أنها تظلم نفسها وتظلم غيرها قال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)، «سورة يونس: الآية 54»، فالقرآن الكريم أبرز ندم النفس على ما صنعت من ظلم وكفر بالله حتى يحتاط المؤمن لآخرته وينيب إلى ربه.
وورد نهي شديد وعقاب ووعيد للظلم في الأحاديث النبوية عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدون أهدكم»، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه من ظلم الناس لأن المرء يوم القيامة يحاسب عن كل صغيرة وكبيرة، ويجب على الإنسان المؤمن أن يحرص على براءة ذمته من حقوق الآخرين وأن يتحلل منهم قبل يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه».
ومن سماحة الإسلام أنه حرم ظلم العبد لنفسه بالكفر والشرك والنفاق قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَ?ئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ)، «سورة الأنعام: الآية 82»، روى عبدالله بن مسعود أنه لما نزلت هذه الآية شق ذلك على أصحاب رسول الله وقالوا أينا لا يظلم نفسه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه: (... يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، «سورة لقمان: 13».
ومن سماحة الإسلام أنه نهى عن أكل أموال الناس بالباطل واعتبره ظلما وعدوانا، قال تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ...)، «سورة البقرة: 188»، وحرم ظلم الناس بالقتل والضرب والشتم، ونهى الإسلام عن اتهام الناس ورميهم بما ليس فيهم قال تعالى: (وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً)، «سورة النساء: الآية 112»، وحرم ظلم المرأة حقها من صداق ونفقة وكسوة أو الاستيلاء على مالها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من ذنب أحرى أن يعجل الله تعالى العقوبة لصاحبه في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم».
عدد اليوم
