الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ذاكرة الأمكنة.. ضوئية

ذاكرة الأمكنة.. ضوئية
18 نوفمبر 2009 23:29
تضمّن المعرض الذي قدمه جوهر في غاليري زمان في بيروت، 24 لوحة مائية مشغولة بعناية شديدة، تراعي الحس البصري الجمالي، ناقلاً ذلك الموروث من المشاهد الطبيعية إلى لوحات تكسر الصمت والسكون البالغ في المشهد الطبيعيّ. وتحمل لوحاته شفافية الشاطئ البحري الصيداوي، وبساتين الموز وحدائق الزهور، جامعاً من تفاصيل الذاكرة قطع “بازل” على هيئة منزل، أو قلعة بحرية، تاركاً انطباعات كلاسيكية بحس هندسي وتجريدي. فؤاد جوهر لا يرسم إلا في الضوء، ولا يستخدم إلا ألواناً نهارية، وهو يعمد إلى إشباع مساحاته بالتماعات الشمس، التي تتفتح نشيداً بصرياً يطرب عين المشاهد. حتى أنه يمكننا القول إن لوحاته ما هي إلا مديح لهذا الضوء. ويكفي أن نقرأ عناوين معارضه: مرايا النور، أناشيد لوجه الماء، نوافذ الشمس، وصولاً إلى معرضه الأخير هذا “ذاكرة الضوء” ليتأكد لنا تولد لوحته في الضوء. وصحيح أن معرضه “ذاكرة الضوء” يفصله عن معرضه السابق أربع سنوات ولكن يرجع ذلك إلى مراعاته للنوعية الفنية، خصوصاً أن المواد المائية التي يستعملها في لوحاته لا تسمح بكثير من الخطأ أو إعادة النظر. إلى ذلك كله، يحافظ جوهر على شفافية الألوان الموضوعة، كي يبقى الضوء كامناً في داخلها. هكذا يتركها على صفائها، لا يمزجها، وإن كان يداخل بينها عندما يقتضي التطريز ذلك، أو عندما يتطلب اللحن تداخل الآلات الموسيقية. هو واقعي إلى حد بعيد. فبعدما انكشفت له جماليات الطبيعة، خصوصاً جماليات كروم الزيتون، صار يداخل في معرضه بين اللوحة الصيداوية المدينية واللوحة الريفية، ما أغنى الفضاء الحسي البصري لديه. ففي لوحة المراكب مثلاً، بدا جوهر أكثر حذفاً للتفاصيل اللونية، فأزرق البحر والسماء، الذي كان يملأ لوحته البحرية من قبل، تحوّل البحر إلى لون سلبي، إلى بياض يحيط بالمراكب، ويحصر ألوانها، ما يشعرنا بالتناقض الكبير بين لونية المشهد الريفي ولونية المشهد البحري في المعرض نفسه، بين اختزال لوني هنا وفيض هناك. ولا شك في أن اختصار المشهد البحري ظهر بعد تجربة طويلة مشبعة بالخيارات اللونية، في حين لا يزال يترك للمشهد الريفي أن يسلك الطريق نفسه، لكن بمزيد من التأني. من هنا يمكن القول إن معرض “ذاكرة الضوء” هو اختصار لموضوعات عشقها فؤاد جوهر في مسيرته الفنية، مثل المراكب البحرية، أبنية صيدا القديمة، والطبيعة المستجدة في معارضه. من دون أن يعني ذلك أن المعرض يختصر تجاربه كلها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©