الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ولا تحمل علينا إصراً

ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ولا تحمل علينا إصراً
22 يونيو 2017 15:32
أحمد محمد (القاهرة) لما نزل قوله تعالى: (... وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ...)، «سورة البقرة: الآية 284»، شق ذلك على المسلمين لما توهموا أن ما يقع في القلب من الأمور اللازمة والعارضة المستقرة مؤاخذون به، فأخبرهم سبحانه بهذه الآية: (... رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)، «سورة البقرة: الآية 286». قال الإمام السعدي، إن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، أمراً تسعه طاقتها، ولا يكلفها ويشق عليها، فأصل الأوامر والنواهي ليست من الأمور التي تشق على النفوس، بل هي غذاء للأرواح ودواء للأبدان، وحمية عن الضرر، فالله تعالى أمر العباد بما أمرهم به رحمة وإحساناً، ومع هذا إذا حصل بعض الأعذار التي هي مظنة المشقة حصل التخفيف والتسهيل، إما بإسقاطه عن المكلف، أو إسقاط بعضه كما في التخفيف عن المريض والمسافر وغيرهم، ثم أخبر تعالى أن لكل نفس ما كسبت من الخير، وعليها ما اكتسبت من الشر، فلا تزر وازرة وزر أخرى ولا تذهب حسنات العبد لغيره، ولما أخبر تعالى عن إيمان الرسول والمؤمنين معه وأن كل عامل سيجازى بعمله، وكان الإنسان عرضة للتقصير والخطأ والنسيان، وأخبر أنه لا يكلفنا إلا ما نطيق وتسعه قوتنا، أخبر عن دعاء المؤمنين بذلك، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، أن الله قال قد فعلت إجابة لهذا الدعاء، فقال: (... رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا...)، والنسيان والخطأ، قد عفا الله عن هذه الأمة ما يقع بهما رحمة بهم وإحسانا. ربنا ولا تحمل علينا، تكاليف مشقة كما حملتها على الذين من قبلنا، وقد فعل تعالى فإنه خفف عن هذه الأمة في الأوامر من الطهارات وأحوال العبادات ما لم يخففه على غيرها، ربنا ولا تُحّملنا ما لا طاقة لنا به، وقد فعل وله الحمد، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا، فالعفو والمغفرة يحصل بهما دفع المكاره والشرور، والرحمة يحصل بها صلاح الأمور، أنت مولانا ومليكنا وإلهنا، الذي لم تزل ولايتك لنا منذ أوجدتنا وأنشأتنا فنعمك دارة علينا متصلة عدد الأوقات، ثم أنعمت علينا بالنعمة العظيمة، نعمة الإسلام التي جميع النعم تبع لها، فنسألك يا مولانا تمام نعمتك بأن تنصرنا على القوم الكافرين، بالحجة والبيان والسيف والسنان، وبأن تمكن لنا في الأرض وتخذلهم وترزقنا الإيمان والأعمال التي يحصل بها النصر. وقال الطاهر بن عاشور، يجوز أن يكون هذا الدعاء محكياً من قول المؤمنين الذين قالوا سمعنا وأطعنا بأن اتبعوا القبول والرضا، فتوجهوا إلى طلب الجزاء ومناجاة الله، ويجوز أن يكون تلقينا من الله إياهم بأن يقولوه، مثل ما لقنوا التحميد في سورة الفاتحة، فإن الله بعد أن قرر لهم أنه لا يكلف نفساً إلا وسعها، لقنهم مناجاة بدعوات هي من آثار انتفاء التكليف بما ليس في الوسع، والمراد من الدعاء به طلب الدوام على ذلك لئلا ينسخ ذلك من جراء غضب الله كما غضب على الذين قال فيهم: (فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ...)، «سورة النساء: الآية 160». فهذه دعوة من المؤمنين دعوها قبل أن يعلموا أن الله رفع عنهم ذلك بقوله، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»، وجاء في هذه الدعوة لا تؤاخذنا بالعقاب على فعل نسيان أو خطأ، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، ما لا نستطيع حمله من العقوبات، وهذا دعاء بمعافاتهم من التكاليف الشديدة، والذي قبله دعاء بمعافاتهم من العقوبات التي عوقبت بها الأمم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©