السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسهامات الوقف تشمل مختلف أوجه الحياة

إسهامات الوقف تشمل مختلف أوجه الحياة
8 سبتمبر 2008 00:02
يقوم الوقف بدور كبير في تحقيق الأمن الاجتماعي· والمستقرئ للإسهامات التي قامت بها الأموال الوقفية عبر التاريخ الإسلامي، يجد أنها لم تقتصر على جانب واحد في المجتمع، وإنما شملت أوجه نشاط الحياة المختلفة سواء كانت تعبدية، أو اجتماعية، أو تعليمية، أو اقتصادية، فكان الوقف بذلك سببا من أسباب تقدم المجتمع الإسلامي ورقيه· يقول الشيخ عبدالله مسعود المحيلبي وزير الأوقاف الكويتي السابق: إن مفهوم الأمن الاجتماعي يمثل أحد التجليات العلمية للوقف وارتباطه بالمجتمع· موضحا أن نظام الوقف يثير فكرة ''المجال المشترك'' في نظرية العلاقة بين الدولة والمجتمع، إذ يمارس دور الوسيط، ويسهم في بناء قاعدة من المبادرات والأنشطة التي تضمن المنافع العمومية، وتشمل كل ما يحتاج الناس إليه حاجة عامة، ماديا كان أم معنويا، مع إشراك عناصر من المجتمع والدولة· ويضيف أن الهدف الحياتي الواقعي من الوقف هو تجريد الأموال من كونها محلا للملكية الفردية، إلى أن ترصد على سائر وجوه الخير والبر والغايات والمصالح الإنسانية الاجتماعية، من هنا فقد مارست مؤسسة الوقف على طول تاريخ الحضارة العربية والإسلامية دورا مركزيا في تنظيم المجتمع وتسيير شؤونه عبر عدة مجالات· من أبرز هذه المجالات الوقف على المؤسسات الإنسانية كبناء المستشفيات وإدارتها لعلاج المرضى والمصابين على اختلاف أصنافهم، وبناء مأوى الأيتام والعجزة والمسنين ورعاية المؤسسات الاجتماعية الأخرى المخصصة لاستقبال الزوار والمسافرين وتوفير جميع الإمكانات والمساعدات أثناء إقامتهم· ومن هذه المجالات الوقف على المرافق العامة الأخرى بقصد أداء خدمات اجتماعية جليلة كحفر الآبار وتعهدها بالإصلاح والتنظيم· والوقف على بناء المساجد والمدارس والمعاهد التعليمية وتعهد مبانيها، وتخصيص مرتبات للقائمين عليها، وتوفير كل الإمكانات لضمان أداء وظائفها· وتعددت صور الوقف في المجال الاجتماعي، وشملت العديد من جوانبه، إن لم يكن كلها، إذ تم تخصيص ريع كثير من الأوقاف للصرف على الفقراء والمساكين واليتامى والعجزة، وتوفير العلاج والمسكن والملبس والغذاء اللازم لهم، بل وإعانتهم على أن يكونوا أرباب أعمال من خلال إقراضهم أو هبتهم مبلغا من المال لينجزوا به مشاريع صغيرة قابلة للنمو والعطاء· كما عمل الوقف على تأمين المواصلات البرية بين البلدان الإسلامية وجعلها سالكة وبعيدة عن مخاطر قطاع الطرق، كما مول الوقف إنشاء محطات الاستراحة على طول الطرق البرية· مما أسهم في ربطها ببعضها البعض، وتوثيق صلاتها العلمية والثقافية والاجتماعية· ويوضح أنه ظهرت آثار الوقف العملية من خلال المجالات المتنوعة، والمتعددة، وبرزت أهميته بوجه خاص في توفير الرعاية الاجتماعية للطبقات الضعيفة، والفقيرة، ولكل محتاج إلى العون والرعاية، كابن السبيل، وطالب العلم، والمريض· وتكاثرت الأوقاف، وتنوعت تعبيرا عن إحساس الواقفين بأن هناك ثغرة في المجتمع لابد أن تسد، أو منكرا يجب أن يزول، أو معروفاً مهملاً يجب أن يراعى، ومن نماذج ذلك ما ذكره ابن بطوطة عن أوقاف دمشق حينما دخلها قائلا ''الأوقاف بدمشق لا تحصر أنواعها، ومصارفها لكثرتها، فمنها أوقاف على العاجزين عن الحج يعطى لمن يحج عن الرجل منهم كفايته، ومنها أوقاف على تجهيز البنات إلى أزواجهن، وهن اللواتي لا قدرة لأهلهن على تجهيزهن ومنها أوقاف لفكاك الأسرى، ومنها أوقاف لأبناء السبيل يعطون منها ما يأكلون، ويلبسون ويتزودون لبلادهم· ومنها أوقاف على تعديل الطرق، ورصفها، لأن أزقة دمشق لكل واحد منها رصيفان في جنبيه يمر عليها المترجلون، ويمر الركبان بين ذلك، ومنها أوقاف لسوى ذلك من أفعال الخير''· ويشير إلى أن هذه الآثار الاجتماعية جعلت من الوقف أقوى النظم الشرعية فعالية وتأثيرا في الواقع، سواء فيما يتعلق بحماية تداول الأموال أو ما يتعلق برعاية أحوال الفقراء والمحتاجين· كما إنه ضمن استمرار مؤسسة الوقف ودور العبادة والعلم في تأدية الواجبات المنوطة بها· وشملت الرعاية الاجتماعية للوقف مختلف مكونات المجتمع الإسلامي بدءا بالفرد داخل الأسرة، سواء كان والدا أم ولدا وانتهاء إلى أفراد المجتمع من أقارب ومساكين ويتامى وعابري السبيل، وحققت جهوده دوراً إيجابياً في دعم الاستقرار الاجتماعي·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©