الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الابتكار وليس السياسة هو من يقود جهود الحد من تداعيات تغير المناخ

الابتكار وليس السياسة هو من يقود جهود الحد من تداعيات تغير المناخ
22 يونيو 2017 15:53
شهدنا مؤخراً علامات واضحة تُدَلِّل على مدى الأخطار التي يخلفها الاحتباس الحراري العالمي. حيث بقي تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي فوق المعدل التاريخي البالغ 400 جزء في المليون خلال عام 2016، وهو أيضاً العام الأكثر احتراراً منذ بدء حفظ السجلات الحديثة، وفقاً لبيانات وكالة الفضاء الأميركية ناسا. وأصبحت هذه العلامات والظواهر واضحة على كوكبنا. ففي عام 2016، كانت التغطية الجليدية في المحيط المتجمد الشمالي خلال فصل الصيف، عندما وصلت إلى الحد الأدنى السنوي، نصف مساحة المنطقة التي كانت موجودة في صيف عام 1980. وإذا واصلنا نفس النهج، لن يكون هناك جليد في القطب الشمالي بحلول صيف عام 2040. ويسبب ارتفاع درجة الحرارة في القطب الشمالي بالفعل الظواهر المناخية الأكثر شدة في جميع أنحاء العالم، والتي تمتد من العواصف الثلجية، وصولاً إلى موجات الحر. وعلى الرغم من كل هذه الأدلة، فإن هناك أصواتاً مشكّكة في خطورة التغير المناخي باتت تظهر من جديد، وقد كنا نظن أنها تضاءلت بفضل زيادة الأدلة العلمية والتوافق الدولي حول ضرورة الحد من تداعيات تلك الظاهرة البشرية المنشأ. المثير في الأمر أن هذه الحالة من التشكيك نراها ونسمعها بين أوساط الاستقطاب السياسي، لاسيما تلك القائمة في الديمقراطيات الغربية. فهم ينكرون الأدلة العلمية والإجراءات التي تُتخذ بناءً على حقائق علمية، ومن ثمّ فهم بهذا التوجّه يعرقلون السبيل الوحيد نحو تحقيق مستقبل أكثر استدامة ورخاءً للبشرية. من ناحية أخرى، فإننا ندرك مدى قوة الحوافز التي يقدمها الاقتصاد منخفض الكربون، حتى مع وجود ردود الفعل السياسية العكسية تلك. إن اقتصاد المناخ الجديد يتقدم مرتكزاً على أساس قوي من الأدلة الاقتصادية على الرغم من الأحداث السياسية المعاكسة. فعلى سبيل المثال، تجد القوى السياسية المتسمة بالاندفاع صعوبة في وقف ارتفاع وتيرة انتشار مشاريع الطاقة المتجددة وإحياء الموارد التقليدية مثل صناعة الفحم. وقد قاد المبتكرون والتقنيون باستمرار جهود الانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون. كما ساهم عملهم وإبداعهم في استمرار انخفاض أسعار الطاقة المتجددة، ولعب كذلك دوراً رئيسياً في التطورات الحديثة بمجال تخزين الطاقة. وفي نفس السياق، قدم رواد الأعمال الاجتماعية مثالاً على كيفية التصدي لتغير المناخ مع الالتزام في الوقت نفسه بالعمل على تحسين المستويات المعيشية للفئات الأكثر انكشافاً على هذه الظاهرة على مستوى العالم. وهناك الكثير من الأمثلة التي توضح كيف لعب القطاع الخاص دور فعال في تسريع التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون، ومن أبرزها ما قامت به شركة «جنرال إلكتريك للطاقة المتجددة» في تركيب أول محطة رياح بحرية في الولايات المتحدة، بالقرب من ساحل رود آيلاند. أما شركة «بي واي دي»، فقد أدخلت تكنولوجيا تخزين الطاقة التي من شأنها أن تمّكِن الصين من الانتقال نحو قطاع نقل أنظف وأكثر استدامة. وفي ذات الإطار، تنتج شركة فيستاس أطول توربينات رياح في العالم، كما أنها تخطت الرقم القياسي لأكبر إنتاج للطاقة على مدى 24 ساعة. وتعد المنظمات غير الربحية أيضاً رائدةً في هذا المجال، وذلك من خلال المساعدة على تحقيق أهداف التنمية الاجتماعية التي تضمن للعالم الحد من تأثيرات تغير المناخ، ومنها على سبيل المثال «ليتـر أوف لايت» و«كوبرنيك» و«براكتيكال أكشن» والتي تجسّد نماذج متميزة للمنظمات غير الربحية التي تطور حلولاً مبتكرة لتحسين إمكانية وصول الفئات الأكثر فقراً وبُعداً عن المناطق العمرانية في الدول النامية لموارد الطاقة. إن الشركات الرائدة في الحد من تداعيات تغير المناخ، سواء «جنرال إلكتريك للطاقة المتجددة» أو «بي واي دي» أو «فيستاس»، أو المنظمات غير الربحية مثل «لتر أوف لايت» و«كوبرنيك» و«براكتيكال أكشن»، يجمعها عامل مشترك، وهو فوزها بجائزة الشيخ زايد لطاقة المستقبل، التي تُمنَح لرواد القطاع الخاص لجهودهم في تأمين مستقبل مستدام للطاقة تقوده المصادر المتجددة والحلول المستدامة. ويفوز بهذه الجائزة الإماراتية العالمية كل عام الشركات والمنظمات، وكذلك الأفراد الذين يثبتون بالفعل أن الاقتصاد منخفض الكربون هو الطريق إلى مستقبل مستدام، ولديهم القدرة على الدفع قدماً من أجل إحداث التغيير الإيجابي واسع النطاق. وقد آن الأوان لتأمين كل الحوافز الرامية إلى تشجيع المبتكرين وأصحاب المشاريع لمواصلة إيجاد الحلول والتقنيات المبتكرة اللازم للانتقال الكامل نحو اقتصاد جديد يواكب التغيرات المناخية. وينبغي لنا أن نشجع رؤيتهم، وأن نسمح لهم بأن يثبتوا للعالم أنه لا بد من تبني اقتصاد منخفض الكربون، بغض النظر عن الظروف والأحداث السياسية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©