السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الزبون «الوهمي» يثير ضجر البائعين ويضيع وقت العملاء الحقيقيين

الزبون «الوهمي» يثير ضجر البائعين ويضيع وقت العملاء الحقيقيين
16 ابريل 2013 21:07
تختلف سيناريوهات التسوق بين الزبون الحقيقي والآخر الوهمي، إذ إن لكل منهما حاجته ورغبته التي تدفعه للذهاب إلى أحد المتاجر، وإذا كان الزبون الحقيقي واضحاً يعرف ماذا يريد فإن الوهمي يظل في حالة حيرة ويوجه أسئلته إلى البائع بصورة عشوائية، هذا النوع من العملاء يسبب الضجر لأصحاب المحال التجارية والبائعين بصفة خاصة، وكذلك الأشخاص الموجودين إلى جواره، والذين يرغبون في شراء سلعة بعينها، ولديهم استعداد تام لدفع ثمنها ومن ثم حملها والانصراف مباشرة إلى حيث تدبير شؤونهم الأخرى. أشرف جمعة (أبوظبي) - بعض المحال التجارية اضطرت إلى تعليق لافتات في أحد أركانها ترشد الزبون إلى السلعة التي يريد شراءها، إلا أن هؤلاء الذين يقصدون المتاجر بغرض التسلية وتضييع الوقت يصرون على إرهاق العاملين بشكل غير لائق، فضلاً عن رغبتهم الجارفة في فتح كمية كبيرة من أكياس البضائع من دون شراء أي شيء لينصرفوا خاليي الوفاض بعد قضاء وقت طويل داخل المحال. ظاهرة حقيقية هذا الظاهرة لها وجود حقيقي في المجتمعات كافة وفق عميد شؤون الطلبة بجامعة الإمارات أستاذ التمويل والمصارف الدكتور عبدالرحمن النقبي، الذي يقول «مراكز التسوق على اختلاف مساحاتها وشهرتها في الوقت نفسه تعج بألوان شتى من العملاء كل له وجهته التي يسير إليها، وعلى الرغم من أن أغلب الذين يتجولون في هذه المركز تتنوع أهدافهم ما بين اكتشاف المنتوجات الجديدة، وتهيئة أنفسهم للشراء في وقت لاحق، إلا أن هناك فئة ليس لها غرض حقيقي من الذهاب إلى السوق، وتتحرك هنا وهناك بهدف تضييع الوقت وقضاء ساعات خارج نطاق الزمن الحقيقي لأنفسهم، أي إن هذه الفئة تبحث عمن تتجاذب معه أطراف الحديث، وفي الوقت نفسه تدرك أنه ليس بوسع العمال أن يردوهم أو يتجاهلوا وجودهم». ويتابع «في هذه الحالة تبدأ رحلة هؤلاء الأفراد بين الأسواق والمتاجر من دون أية رقابة عليهم إذ إنهم بالأساس لا يرتكبون أخطاء يجرمها القانون، لكن أحيانا تصدر عنهم تصرفات تسبب الضيق للآخرين خصوصاً وأن هذه التصرفات في مجملها تستفز البائعين وتربكهم وتشعرهم بالحيرة، إذ إنهم لا يعرفون بالضبط ما الذي بإمكانهم أن يقدموه لعميل لا يعرف بالضبط ماذا يريد». وعن الأيام التي يرتفع فيها كثافة العملاء المزيفين، يشير النقبي إلى أن أيام العطلات الأسبوعية التي تبدأ من مساء الخميس إلى يومي الجمعة والسبت تشهد أكبر عدد من العملاء المزيفين؛ حيث تنبث خلالها حشود كثيرة من الأفراد داخل المتاجر والمراكز التجارية والمحال الصغيرة والمتوسطة حيث إن هذه الأماكن مستهدفة من الجمهور الذي يذهب بعضه لمتابعة العروض، ومن ثم الشراء بصورة حقيقية بسبب الإغراءات المتمثلة في انخفاض أسعار بعض السلع ومقارنة الأسعار بين متجر وآخر، أي أن قطاعاً من أفراد المجتمع يذهب بحماس من أجل التسوق، لكن العملاء الذين يطلق عليهم اصطلاحاً أنهم مزيفون تختلف تصرفاتهم جملة وتفصيلا، وعلى الرغم من أن البائعين يتلقون تدريبات على كيفية التعامل مع العملاء وجذبهم وترغيبهم في الشراء، إلا أنهم يضيعون أوقاتاً طويلة مع العملاء المزيفين الذين يدورون بشكل عشوائي في المتاجر والمحال ومراكز التسوق، في حين أن هناك عميلاً ينتظر أن ينتهي الموظف من عملية البيع لهؤلاء الأشخاص حتى يأخذ دوره، على الرغم من أن العميل الذي لديه جاهزية للشراء لن يطيل لأنه مستعد على الفور لدفع نقوده في السلعة التي اختارها، والتي جاء من أجلها، وما يترتب على هذا الموقف هو أن العميل المزيف يصيب البائع والعملاء الآخرين بالقلق. وقد يتسبب في أن يترك البعض السلع التي في أيديهم وينصرفون إلى وجهة أخرى يستطيعون فيها إنهاء عملية الشراء بصورة سريعة. تدريب البائعين عن الحلول المثلى لهذه الظاهرة التي يزداد انتشارها يوماً بعد يوم في المجتمعات الاستهلاكية، يوضح النقبي أن وجود كاميرات تغطي جوانب المراكز التجارية يسهل على المديرين متابعة أحوال عملية البيع والشراء بصورة واضحة، ومن هنا يمكن تقييم الظاهرة والوقوف على سلبياتها ومن ثم أخذ رأي الخبراء والمتخصصين الذين بدورهم يضعون الخطط التي يمكن أن تستفيد منها المركز التجارية الكبيرة، التي هي هدف رئيس لكل أفراد المجتمع، وذلك بعقد دورات تدريبية للبائعين حتى تكتمل لديهم الصورة وتكون لديهم المقدرة في تحويل نمط فكر العميل المزيف بحيث يتم إغراؤه بالشراء عن طريق أسلوب عرض المنتوجات، أو أسلوب البائع نفسه الذي يرغبه في الإقبال على الشراء، مشيرا إلى أن التعامل يجب أن يخضع لما تقرره الأبحاث وجهود المختصين. ومن أصحاب المحال الذين لديهم القدرة على تفرس الزبائن ومعرفة ما إذ كانوا جادين في الشراء أم لا عبدالرحمن العطار، الذي يعمل في مجال العطور، ويذكر أنه يعمل في هذا المجال منذ 9 سنوات وخلال هذه الرحلة الطويلة التي التقى فيها شخصيات من أغلب الجنسيات، أصبح من الوهلة الأولى يعرف هدف العميل من الوقوف أمام السلعة. ويشير إلى أن العميل الذي يستغرب ثمن السلعة ويعتبرها لا تستحق، فضلاً عن إطلاقه مسميات غير صحيحة عليها بحيث يسميها بغير أسمائها، هو غير جاد في الشراء، لافتا إلى أنه يعرف جيداً كيف يتعامل مع مثل هذه النوعية من العملاء حيث تكثر أسئلة البعض منها والغريب أن أحدهم قد يسأل عن اسم عطر غير موجود أصلاً، ويعترف أنه حين يصادف أشخاصاً يميلون إلى الفكاهة رغم أنهم لن يشتروا من متجره أي شيء فإنه يضحك معهم ويبادلهم المرح بمثله حيث اعتاد على أن يتعامل مع كل عميل على حسب شخصيته وثقافته ومستواه الإنساني. ضغوطات نفسية حول وجود بعض الأفراد الذين كبلتهم مشكلاتهم الاجتماعية والنفسية فخرجوا إلى المحال التجارية ومراكز التسوق بهدف التخفيف منها، يرى الأستاذ المشارك بكلية التربية في جامعة الإمارات الدكتور نجيب محفوظ أن هناك فئة من مرتادي المحال التجارية يصنفون على أنهم عملاء عاجزون عن الشراء إذ إنهم ليست لديهم القدرة المادية على شراء سلع عالية الجودة ومرتفعة الثمن، في الوقت نفسه فإن هذه الفئة هي في واقع الأمر تعاني ظروفاً نفسية معقدة إذ تشعر بأنها أقل من باقي أفراد المجتمع أصحاب الدخول المتوسطة والمرتفعة من هنا يجدون في مراكز التسوق ما يأملون به، حيث النظر بقوة إلى بعض المنتوجات وملامستها والتحدث مع الباعة حول جودة هذه المنتوجات وفوائدها، وهم في حقيقية الأمر عملاء وهميون، ودرجة معاناتهم كبيرة ومشكلاتهم النفسية عميقة». ويتابع «هناك فئة أخرى على المستوى نفسه تبحث عن أفراد جزء من مهامهم الإنصات إلى الآخرين هذه الفئة لا ترتبط بمستوى مادي معين بقدر ما ترتبط بحجم المشكلات التي تعانيها في حياتها الزوجية أو العملية إذ ترزح تحت نير ضغوطات الحياة؛ فتلجأ إلى أماكن تجمعات الناس، وتختلط معهم بصورة عشوائية»، موضحا أن الزبون حاد المزاج والمتقلب الذي لديه الاستعداد إلى الانفعال ولو لأسباب لا تدعو إلى ذلك هو في حقيقية الأمر عميل مستتر يوهم الآخرين بأنه يريد الشراء، لكنه يفرغ الطاقة الانفعالية في مراكز التسوق والمحال التجارية». ويلفت محفوظ إلى أن من الضروري تأهيل البائعين نفسياً بحيث لا ينجروا إلى مشاحنات مع بعض العملاء، وأن يراعوا كل فرد وشخصيته وثقافته ولغته وأصداءه الحركية حيث إن الإمارات تجمع جنسيات متعدد من كل دول العالم تقريباً، وكل شعب له عاداته وتقاليده ومستواه الاقتصادي وثقافته الشرائية الخاصة، وانفعال الزبون المزيف وارد جداً وكذلك أسئلته الكثيرة غير المنطقية لذا لا بد أن يكون على الجانب الآخر بائع ذكي يستطيع تدراك مشكلة الفرد الذي أمامه بمهارة عالية. تجربة شخصية في أحيان قليلة يعود محمد المهيري إلى بيته من دون أن يشتري إحدى السلع، ويبين أنه كان في إحدى محال الملابس والتي تصادف وجود بائع واحد بها وحينذاك كان هذا البائع مشغولا مع زبون آخر، وظل ما يقرب من نصف ساعة يتجول في هذا المتجر حتى استقر تماماً على ما يريد شراءه، وفي غضون ذلك لم ينته ذاك الزبون من الشراء حيث ظل يستفسر من البائع عن هذه القطعة وتلك، ويجرب بعضها في غرفة القياس ثم يعود ليجرب غيرها وهكذا حتى فاض به الكيل، واضطر إلى الخروج من المتجر، وهو في غاية الضيق إذ إنه ليس من المعقول أن يستغرق فرد واحد كل هذا الزمن من أجل شراء قطعة ما. ويلفت إلى أنه حين هم بالخروج وجد الزبون الوهمي يتبعه ويخرج هو الآخر من المتجر من دون أن يشتري شيئاً. أسلوب واحد تتعامل فاطمة الزهراء، بائعة في أحد محال الساعات، مع كل الزبائن بأسلوب واحد وتضطر إلى أن تتحمل بعض الثقلاء الذين لا غرض لهم سوى الحديث في أي موضوع لا علاقة لها بالمعروض في المتجر الذي تعمل به. وتوضح أنها منذ خمسة أشهر فقط جاءت إلى الإمارات حيث كانت تعمل في أحد القطاعات الحكومية في المغرب، مؤكدة أن طبيعة عملها تحتم عليها أن تحترم جميع العملاء وتبين لهم ثمن كل قطعة يشيرون إليها وأين صنعت وما تتميز بها لكنها تشعر بالضيق من هؤلاء الذين يتعجبون عندما يعرفون أن إحدى الساعات ثمنها مرتفع للغاية، وهنا تدرك أن هذا الزبون لا يريد الشراء. وتقول فاطمة «نحن في مجتمع يعتمد على الأناقة والساعات من ضمن هذه السلع التي تقبل عليها فئات المجتمع كافة إلا من قلة لا تفضل اقتناءها والمحال التي تبيع ساعات عادية معروفة مثل المحال التي تبيع الماركات أيضاً، لذا فإن كل عميل يعرف وجهته ويدرك تماماً النوعية التي يريد أن يشتريها وقد صادفت الكثير من هؤلاء الذين لا هدف لهم سوى الوقوف أمام الساعات المعروض، ويطلبون رؤيتها من دون ذكر نوع واحد من الساعات المعروفة عالمياً، وفي نهاية الأمر ينصرف الزبون بعد أن يقضي وقتا ليس بقليل في حين أن آخر يقف إلى جواره بانتظار أن يدفع ثمن ساعة معينة». وتضيف «ليس بوسعي سوى أن أؤدي دوري بمنتهى الأمانة وأن أتعامل مع كل من يأتي إلى المتجر الذي أعمل بما تقتضيه مهنتي حتى أذهب في آخر يومي وأنا راضية عن نفسي». رعاية واهتمام من واقع تجربة عمر رفعت في مجال خدمة العملاء لمدة ثلاث سنوات بأحد كبريات محال البقالة في أحد مراكز أبوظبي التجارية. يؤكد أن الزبون غير الحقيقي موجود بالفعل في مجتمعنا ويرغب في قضاء إجازته بين المراكز التجارية الكبيرة التي تسع أعدادا ضخمة من الناس، إذ يشعر بأنه يرفه عن نفسه وينفس عنها في آن. ويضيف «هيئنا موظفينا على التعامل مع مثل هذا النوع من الأفراد بالصبر بحيث يجد رعاية واهتماماً مثله مثل الزبون الحقيقي الذي هدفه الشراء». ويتابع «ننظر إلى الزبون الوهمي على أنه سيتحول إلى زبون حقيقي على المدى البعيد إذ إننا نقدم له كل ما يغريه بالشراء واقتناء بعض السلع».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©