الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التمييز ضد المرأة··· حجة بالين الانتخابية

التمييز ضد المرأة··· حجة بالين الانتخابية
8 سبتمبر 2008 01:18
وأنا أتابع الحاكمة ''سارة بالين'' وهي تشق طريقها على الساحة الوطنية -خلال الأسبوع الماضي- استحضرت إحدى الأمسيات الباردة في السنة الماضية أثناء الانتخابات التمهيدية لولاية ''نيوهمبشر''؛ حينها كنت أستمع بقليل من التركيز، إلى المرشحة ''هيلاري كلينتون'' وهي تلقي خطابها عندما قاطعها فجأة صوت شابين يصرخان بصوت مختنق ''لماذا لا تكوي قميصي؟''، وللحظة ذهلت ''هيلاري'' تماماً كما ذهل الحاضرون في القاعة غير مدركين ماذا يجري بالضبط، ثم رأينا اللوحة التي يحملها الشابان وكتبت عليها العبارة التي صرخا بها، وبعدما تداركت نفسها علقت المرشحة الديمقراطية بأن ذلك من ''بقايا التفرقة بين الجنسين التي مازالت حية ومستمرة'' لتستأنف خطابها؛ لكن الأمر أثار انتباهي فتبعت كغيري من الصحفيين الرجلين اللذين أخرجهما الأمن من القاعة في محاولة لمعرفة السبب وراء تصرفهما؛ والحقيقة أنه لم يخطر على بالنا أن الحادثة البسيطة تلك ستكون بمثابة الشرارة التي ستطلق نقاشاً مازال محتدماً حول التمييز بين الجنسين ودور النساء في الحياة العامة، وليتحول فيما بعد إلى أحد الملامح الرئيسية المميزة لانتخابات 2008. ومع أن الرجلين اللذين صرخا بالعبارة في وجه ''هيلاري'' رفضا الإدلاء بأي معلومات إضافية، أو توضيح سبب تصرفهما، إلا أنهما أقحما من غير أن يعيا ذلك السياسة ''الجنسانية'' في عمق الحملة الانتخابية على نحو لم يكن منتظراً· بعد متابعتي لحملة ''هيلاري'' لأكثر من عامين أصبحت أكثر حذراً في مراقبة حملة ''بالين''، لا سيما في ظل شكاوى المحافظين من أنها تعرضت للهجوم فقط لأنها امرأة؛ لكن مع تقدم الحملة الانتخابية وحدوث تطورات جديدة استمر في طرح التساؤلات الافتراضية؛ فماذا لو رجعنا إلى التسعينيات وأعلنت ''هيلاري'' أن ابنتها المراهقة حبلى خارج الزواج؟ فهل كان الجمهوريون سيعتبرونها شأناً عائلياً خاصاً، أم أنهم كانوا سيحولون المسألة إلى فضيحة وطنية للنيل من حظوظها إذا ما قررت الاستمرار في حملتها الانتخابية؟ وماذا لو عوضا عن المرشحة الجمهورية لنائب الرئيس كانت ''هيلاري'' من تتنافس على المنصب دون أن يكون لها تجربة دولية تذكر؟ وماذا لو كانت ''هيلاري'' رفضت كل التساؤلات المنصبة حول سجلها واعتبرتها نابعة من التمييز ضد النساء؟ وماذا لو رفضت ''هيلاري'' أن تسمي قراراً واحداً في مجال الأمن القومي اتخذته في السابق، كما رفض أحد المتحدثين باسم ''ماكين'' الحديث عن قرار واحد اتخذته ''بالين'' بشأن الأمن القومي بذريعة أن ذلك فيه الكثير من الإجحاف؟ وماذا لو ببساطة قلبنا الأدوار وأصبحت ''هيلاري'' في مكان ''بالين''؟· بالنسبة لمدير التواصل السابق لحملة ''هيلاري''، ''هوارد ولفسون'' يقول: ليس هناك أدنى شك في أن الجمهوريين كانوا سيسعون إلى تدمير ''هيلاري'' لو أنها الآن في مكان ''بالين''، كما حاول الكثير من الجمهوريين خلال التسعينيات، وكانوا سيحاولون مرة أخرى لو تمكنت ''هيلاري'' من الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي خلال هذه السنة· وفي نفس الوقت يضيف ''ولفسون'' أن محاولات الجمهوريين ''الدفاع عن بالين من التمييز ضد النساء فقدت مصداقيتها عندما رفضت ''كارلي فيورينا''، المستشارة الاقتصادية لماكين، الاعتراف بأن حزبها لم يلجأ أبدا للتمييز ضد هيلاري لأنها امرأة''؛ ومع أني اختلف كثيرا مع ''ولفسون'' حول العديد من القضايا، إلا أني وجدت نفسي أتفق معه هذه المرة· وبرغم أنه يبدو من غير المجدي تخيل سيناريوهات خيالية وافتراض أن ''هيلاري'' و''بالين'' غيرا الأماكن، إلا أنه لي من الضروري -كصحفية على الأقل- معرفة ما يشكل الروح الرياضية، أي ما يتقبله المرشحون من انتقادات بسعة صدر، اليوم في السباق الانتخابي ومقارنتها مع ما كان يعتبر غير كذلك في السابق؛ وحتى ما أثاره بغضب شديد مستشار أحد كبار مستشاري ''ماكين'' الأسبوع الماضي حول ''هل يطرح السؤال ذاته لو كان المرشح لنائب الرئيس رجلا؟'' لا يعبر عن الحقيقة، بل وينطوي على مغالطة كبيرة لأنه ببساطة لا نتوفر على نماذج كثيرة من النساء المرشحات للقياس عليها، وفي الحالات المتوفرة مثل ''هيلاري'' و''بالين''، ونانسي بيلوسي''، فإنهن جميعاً لجأن إلى استغلال أدوارهن كأمهات ونساء بطريقة ليست متاحة للرجال؛ ولا يعني ذلك أنه على ''الديمقراطيين'' تمحيص الحياة الخاصة ''لبالين'' وتتبع أدق تفاصيل مسارها والسعي إلى التشهير بها على غرار ما فعل ''الجمهوريون'' مع ''هيـــلاري''، كمــا لا يعني أن هذه الأخيرة لم تنــاور كامرأة للتربح السياسي· كما أن انتقاد ''الجمهوريين'' لوسائل الإعلام في الأسبوع الماضي بسبب هجومها على ''بالين'' قد لن يساعد ''ماكين'' على استمالة أصوات المستقلين؛ ففي استطلاع للرأي أجرته محطة ''إي·بي·سي'' الإخبارية قبل إلقاء ''ماكين'' لخطابه يوم الخميس الماضي أكد 50 بالمائة من المستجوبين أن وسائل الإعلام عاملت ''بالين'' بإنصاف، فيما عبر 40 بالمائة عن العكس، وحتى الذين عابوا على الإعلام تعامله مع ''بالين'' أرجعوا ذلك إلى قضايا سياسية وليس إلى كونها امرأة· ومع ذلك ومنذ اعتلائها الساحة الوطنية في الأسبوع الماضي، لوحت ''بالين'' ومساعدوها بتهمة التمييز ضدها كامرأة أكثر مما فعلت ''هيلاري'' في حياتها العامة خلال العقدين الأخيرين؛ فإذا كانت الرسالة التي كرستها ''هيلاري'' طيلة مشوارها السياسي أنها قادرة على البقاء حية، وبأنها تعرضت لجميع صنوف الاختبارات والتجارب كما وُضعت حياتها الخاصة تحت المجهر لتغدو مشاعاً للجميع، تسعى ''بالين'' من جهتها إلى إيصال رسالة مغايرة مفادها أنها اجتازت كل الاختبارات لمجرد ترشيحها كامرأة لمنصب نائب الرئيس؛ ويبدو أن ''بالين'' تتبنى عقيدة مؤداها أنه لم يعد لزاماً على النساء تخطي الرجال وتجاوز إنجازاتهم ومؤهلاتهم لتحقيق النصر، بل كل ما هن في حاجة إليه هو الاعتراض عندما يثار سؤال حول مدى استعدادهن لتحمل المسؤولية والتمسح وراء السياسية الجنسانية· آن كورنبلات محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©