الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مؤيدو هيلاري والميل لـ ماكين

مؤيدو هيلاري والميل لـ ماكين
8 سبتمبر 2008 01:20
أفهم جيداً الشعور بخيبة الأمل والمرارة الذي ينتاب مؤيدي ''هيلاري كلينتون''، بل أستطيع أيضا فهم رغبتهم في الانتقام، فعلى كل حال كان يفترض بالانتخابات الحالية أن تكون لحظة التتويج بالنسبة للمرشحة الديمقراطية؛ لكن ما يذهلني حقاً هو احتمال أن يصوت مؤيدوها الديمقراطيون الأكثر حماساً للمرشح الجمهوري ''جون ماكين''، يحركهم في ذلك غضبهم الشديد من هزيمة ''هيلاري'' في حملتها الانتخابية؛ هذا السيناريو، في حال تحققه، سيفارق أبعد ما يكون المنطق والتفكير السليم، إذ كيف يمكن للقاعدة الديمقراطية التي انجذبت إلى ''هيلاري'' لاستماتتها في الدفاع عن الأطفال، ولإقرارها بحق المرأة في الإجهاض ووقوفها إلى جانب الطبقتين العاملة والوسطى في الولايات المتحدة، فضلا عن صمودها أمام هجمات اليمين أن تفكر في تقديم البيت الأبيض هدية للمرشح ''جون ماكين'' وبالتبعية لإدارة الرئيس بوش؟ ومع ذلك يبدو أن ذلك بات قريباً، رغم المساندة الواضحة التي قدمتها كل من ''هيلاري كلينتون''، وزوجها ''بيل'' للمرشح الديمقراطــي خــلال مؤتمــــر الحزب الأخير· ولعلي أفهم الألم الذي يشعر به مؤيدو ''هيلاري'' لأنها كانت السنة التي ستُنتخب فيها امرأة لأول مرة رئيسة لأميركا، كما أن السباق المحتدم بين المرشحين الديمقراطيين واقتراب ''هيلاري'' من الفوز ضاعف من الشعور بالمرارة، وجعل من الصعب القبول بالهزيمة؛ ويضاف إلى ذلك تراجع الدعم الإعلامي الذي أسهب في الحديث عن مميزاتها عندما ظهرت له هشاشتها، وبعدما بدأت حظوظها في الفوز تتراجع، لا سيما إثر فقدانها لموقعها المتقدم في ولاية ''أوهايو'' ثم استمر تراجعها في باقي الولايات؛ وسرعان ما تخلى عنها بعض مساعديها في الحملة الانتخابية وتحول زوجها، الذي ساندها طيلة الحملة الانتخابية، إلى الدعم المعنوي؛ ومع ذلك قامت ''هيلاري'' بأداء جيد، بل اقتربت في وقت من الأوقات من التقدم على ''باراك أوباما'' والفوز بترشيح الحزب الديمقراطي؛ لذا يسود شعور بين مؤيديها أن ''أوباما'' خطف الفوز منها، وبأنها الأجدر والأحق بتمثيل الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية، فضلا عن الاعتقاد بأنها عوملت بشكل سيئ خلال حملتها الانتخابية· وإذا كانت الرغبة في معاقبة ''أوباما'' أمراً مفهوماً، إلا أن التصويت على ''ماكين'' بالإضافة إلى أنه ينطوي على نظرة قصيرة، فهو أيضا يشكل انتحاراً سياسياً؛ فبإلقاء نظرة على السجل السياسي للمرشح الجمهوري لا نجد ما يدل على أي تقارب بينه وبين أجندة ''هيلاري'' سواء في الداخل، أو الخارج؛ وخلافاً ''لهيلاري كلينتون'' لا يرى ''ماكين'' أن الأميركيين يستحقون الزيادة في رواتبهم، حيث عارض رفع الحد الأدنى من الأجور 19 مرة، وفيما كانت ''هيلاري'' تناضل لإدراج الدواء ضمن التغطية الصحية كان ''ماكين'' يعارض الاقتراح وصوت ضده أكثر من 28 مرة، كما أن ''هيلاري'' التي تعتبر أحد أشد المدافعين عن تعميم التغطية الصحية على الأميركيين يعارضها ''ماكين'' الذي اقترح خطــة للرعايــة الصحيـــة ستزيد من النفقات على الأميركيين· والأكثر من ذلك أن ''ماكين'' يتحين الفرصة للانقضاض على حقوق المرأة الإنجابية وتشديد الرقابة الحكومية على المواطنين باسم الأمن القومي، وبالطبع من الصعـــب تصـــور ذلــــك فــــي أجنـــدة ''هيلاري''· وسواء تعلق الأمر بموضوع الحرب في العراق (يعارض ماكين تحديد جدول زمني للانسحاب، فيما يريد أوباما وهيلاري الخروج من العراق)، أو بموضوع التعاون الدولي في القضايا الصحية والبيئية، أو بطريقة التعامل مــــع حلفائنــا يتبنى ''ماكين'' و''هيلاري'' تصورين مختلفين؛ فلماذا يسلم إذن مؤيدو ''هيلاري'' البيت الأبيض إلى مرشح جمهوري يعتبر على النقيض تماماً من أفكارهـــا؟ الواقع أن استياء بعض أنصار ''هيلاري'' من هزيمتها، بالإضافة إلى ما يعتبرونه تجاهـــلا لها بعــــدم اختيارها نائبة للرئيس يلقي بظلاله على تقديرات بعض الديمقراطيين ويؤثر على قراراتهم؛ لكن حتى لو كانت ''هيلاري'' قد فـــازت بترشيح الحزب الديمقراطي لما نجت من الحملة التشهيرية ''لماكين'' والجمهوريين التي لا شك أنها كانــــت ستستهدفهـــــا بالإضافـــة إلى عائلتهـــا بنفــــس الطريقــــة التي تستهدف حالياً ''أوباما'' وزوجته ''ميتشيل''· يبدو أن ''ماكين'' الذي أدرك سبب استياء بعض الديمقراطيين من ''أوباما'' بدأ يغازل ''هيلاري'' وقاعدتها الشعبية بهدف استمالتهم إلى صفه وكسب أصواتهم؛ وما اختياره لحاكمة ''آلاسكا'' المبتدئة، ''سارة بالين''، لصرف الانتباه عن القضايا الأساسية في الانتخابات سوى دليل على الطابع المناور للمرشح الجمهوري؛ أما مؤيدو ''هيلاري'' فعليهم ألا يغتروا بأساليب ''ماكين'' لأن هدفه الرئيسي هو دق إسفين بين ''أوباما'' وجزء كبير من قاعدة الحزب الديمقراطي التي تمثلها النساء؛ فالمؤهلات المحافظة للمرشح الجمهوري لم تتغير قط ليبقى أحد أشد الموالين لإدارة الرئيس ''بوش''، حيث سبق أن صوت على مقترحاتها المثيرة للجدل أكثر من 90 مرة؛ فما الذي يجذب أشد مناصري ''هيلاري'' نحو ''ماكين''؟ وهل كان ولاؤهم لـ''هيـــلاري'' منحصـــراً فقط في لــون البشــرة؟ كولبرت كينج محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©