الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ديون البنوك تقلق الحكومات في القارة الأوروبية

ديون البنوك تقلق الحكومات في القارة الأوروبية
16 ابريل 2012
قبل بضعة أشهر فقط كانت البنوك حول العالم تتسابق نحو بيع أكبر كمية من السندات الحكومية الأوروبية، التي فقدت قيمتها إثر تفاقم أزمة الديون السيادية في القارة. وبينما خفت حدة المخاوف منذ ذلك الوقت، عادت مؤشرات التحذير للظهور مرة أخرى في إسبانيا وإيطاليا أكثر دولتين معرضتين لجولة أخرى من الأزمات وسط دلالات تؤكد تراكم الديون السيادية في بنوكهما مرة أخرى. وتشير بيانات جديدة إلى أن البنوك الإيطالية والإسبانية كانت تقوم بشراء مثل هذه الديون بكميات قياسية بعد إقراض البنك المركزي الأوروبي المؤسسات المالية المليارات من الأموال الرخيصة، أملاً في أن تشتري البنوك المزيد من السندات من حكوماتها بهدف تقليل تكاليف الاقتراض التي أرغم ارتفاعها اليونان على قبول برنامج الإنقاذ. وفي الفترة بين نوفمبر وفبراير الماضيين، والتي قدم فيها البنك المركزي الأوروبي قروضاً بأكثر من تريليون دولار لنحو 800 بنك، زادت البنوك الإسبانية من احتفاظها بالأوراق المالية الحكومية بما يعادل 68 مليار يورو والإيطالية بنحو 54 مليار يورو، بالإضافة إلى شرائها ديون حكوماتها. ولفت هذا التصرف نظر المحللين، حيث أعرب مؤخراً عدد من البنوك، بما فيها “سوسيتيه جنرال” و”باركليز بنك” و”كريديت سويس”، عن مخاوفها. وجاء في رسالة وجهها “سوسيتيه جنرال” لعملائه أن “العلاقة بين المخاطر البنكية والمخاطر السيادية، قد زادت”. وتتحرك إسبانيا بسرعة أكثر للخروج من هذه الأزمة. وفي ظل ارتفاع معدل البطالة لما يقارب 23% وبلوغها لنحو 50% بين الشباب، تواجه الحكومة العديد من التحديات بعد فرضها لنسبة خفض كبيرة في الميزانية. كما توشك البلاد على الدخول في جولة ثانية من الركود العميق في غضون ثلاث سنوات. وفي الوقت ذاته، لا تمنح البنوك الكثير من القروض للاقتصاد على نطاقه الواسع. وفي مذكرة أصدرها “كريدي سويس” يقول البنك “تقوم البنوك بتوفير القروض لحكوماتها، لكن ليس للأعمال التجارية”. وتحتفظ البنوك الإسبانية بأعباء ثقيلة من الرهونات العقارية المتعثرة في أعقاب انتهاء الطفرة العقارية في البلاد. ولا تبدو الأحوال بالسوء نفسه الذي كانت عليه في منطقة اليورو قبل شهور قليلة. وعملت الحكومة الإيطالية بتهدئة مخاوف الأسواق من خلال خطة تقشف قوامها 30 مليار يورو، تهدف إلى خفض ديون قوامها 120% من الناتج المحلي الإجمالي. ويتوقع بعض الاقتصاديين في الوقت الحالي دخول منطقة اليورو ككل في ركود متوسط بدلاً من العميق الذي يتخوف منه معظم الناس، خاصة أن الاقتصاد الأميركي بدأ في إظهار بعض بوادر التعافي. واستشهد رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) بن بيرنانكي، ووزير المالية الأميركي تيموثي جايثنر، بالنجاح الكبير الذي حققته الاقتصادات الأوروبية في خضم الأزمة ومقدرة اليونان في الحصول على برنامج إنقاذ آخر، لكنْ المحللون قالوا إنه لا يزال على الحكومات إقناع المستثمرين بأن السياسات التي تم تبنيها لتقوية وحدة اليورو ولتحسين معدل التنافسية والقضاء على مشاكل العجز، سياسات صحيحة ومناسبة. وقاد تجدد مخاوف أزمة الديون الأوروبية في ظل فشل إسبانيا في العثور على مشترين لربع سنداتها فئة 10 سنوات، إلى انخفاض أسعار الأسهم مؤخراً في كل من أوروبا وأميركا. كما ارتفعت عائدات السندات 5,8% في أعقاب مخاوف أن تعيق برامج التقشف مسيرة الاقتصاد. وعانت السندات من انخفاض كبير بلغت نسبته 4,6% في يناير الماضي عندما استغلت البنوك قروض البنك المركزي الرخيصة لشراء السندات الحكومية. لكن ليس من المرجح شراء البنوك المحلية سندات سيادية كثيرة عندما يتوقف برنامج البنك المركزي الأوروبي. كما يحاول أيضاً كل من الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا اللذين غمرا البنوك والأسواق بالسيولة الرخيصة في السنة الماضية بغرض وقف العدوى القادمة من أوروبا، حماية المؤسسات المالية من مثل ذلك النوع من الأموال. وأحجم المستثمرون الأجانب سواء كانوا بنوكاً خارجية أو الحكومة الصينية، عن شراء السندات الإيطالية والإسبانية في الآونة الأخيرة. ويعتقد البعض قيام بنوك من فرنسا وألمانيا بعمليات شراء، لكن بكميات قليلة. وبينما باعت الحكومتان معظم سنداتها التي أصدرتها خلال العام، يكمن السؤال حول من يشتريها عند إصدار المزيد منها. وربما يقود انتعاش مزادات السندات الإسبانية إلى المزيد من المخاوف حول مصير البلاد والى ارتفاع فوائد السندات، لكن ليس بأكثر من 6,7% التي دفعتها إسبانيا عند بلوغ الأزمة ذروتها. وفي حالة حدوث ذلك، تعود المشاكل إلى الانتشار في وسط البنوك الإيطالية والإسبانية، وفي القطاع المصرفي الأوروبي ككل، حتى في وسط تلك البنوك التي خسرت مليارات اليورو مقابل الديون الإيطالية والإسبانية، والتي لا تزال هذه البنوك تحتفظ بشيء منها حتى الآن. وقالت ميشيل برادلي المحللة ضمن الفريق الأوروبي لأسعار الفائدة في “كريدي سويس” في لندن في إشارة إلى تركيز السندات الحكومية بكثافة في خزائن البنوك الإيطالية والإسبانية: “من المؤكد أن ذلك مثيراً للاهتمام، وعلينا النظر إلى النظام المصرفي اليوناني وكيفية معالجته لهذه الأمور”. وتعمل معظم البنوك اليونانية بعقلانية نسبياً، ولم تعان من المشاكل نفسها التي تواجهها بعض الدول مثل أيرلندا التي قضى انهيار القطاع العقاري فيها والإفراط في الإقراض، على النظام المصرفي وعلى الاقتصاد الوطني. وفي اليونان انعكست مشاكل الحكومة على القطاع المصرفي وليس العكس. وكلما قوي الرابط بين الحكومات وقطاعاتها المصرفية، كلما زادت حدة القلق والمخاوف، الشيء الذي أثبتت مدى صحته الأزمات التي مرت بها القارة الأوروبية. نقلاً عن: «إنترناشونال هيرالد تريبيون» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©