الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

خطة مصرية لدمج اقتصاد «الظل» في «الرسمي»

خطة مصرية لدمج اقتصاد «الظل» في «الرسمي»
16 ابريل 2012
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - شهدت الأيام القليلة الماضية سلسلة من التحركات التي يقودها كل من بنكي مصر والأهلي بهدف تنشيط دور البنوك المصرية في خطة دمج الاقتصاد غير الرسمي في اقتصاد «الظل». وتأتي تحركات البنكيين الحكوميين لاقناع بقية وحدات الجهاز المصرفي المصري بتبني الخطة الحكومية الرامية الى رفع الحصيلة الضريبية وتنظيم العديد من القطاعات الاقتصادية التي تسيطر عليها آليات عمل عشوائية وفي أحيان كثيرة غير قانونية. وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد” فإن دور البنوك في هذه الخطة يرتكز على توفير حزم تمويلية بشروط ميسرة للمشروعات الحرفية والمهنية ومشروعات الإنتاج الصغير المندرجة تحت مسمى “مشروعات بير السلم” بهدف رفع كفاءة هذه المشروعات وإتاحة الفرصة أمامها للتعامل مع القطاع المصرفي مما يؤدي الى زيادة أعمال هذه المشروعات وتوسيعها ودمجها في الاقتصاد الكلي. وبادر البنك الأهلي برصد 300 مليون جنيه كدفعة أولى لتمويل هذه المشروعات حتى نهاية العام الجاري على أن يتم تقييم التجربة في نهاية العام واتخاذ قرار بزيادة حجم التمويل إلى مليار جنيه حال نجاح التجربة. ويسعى البنك الأهلي وبنك مصر إلى حشد عدد من البنوك الأخرى وراء المبادرة بهدف توفير حزمة تمويلية في حدود خمسة مليارات جنيه خلال السنة الأولى لضمان نجاح التجربة واتاحة فرص التمويل المتنوع أمام أصحاب المشروعات حيث إن هؤلاء لا يمتلكون ثقافة التعامل مع البنوك، ما يجعلهم يديرون السيولة المحدودة التي تتوفر لهم على نحو غير كفؤ يؤدي الى تعثر هذه المشروعات وإفلاسها أو بقائها ضمن دائرة الاقتصاد غير الرسمي. وأبدى العديد من البنوك الاستثمارية الاستعداد للمساهمة في هذه المبادرة وتضم هذه البنوك كريدي أجريكول والوطني للتنمية والأهلي المتحد والتنمية الصناعية وعودة. حزمة تمويل وتعقد هذه البنوك سلسلة من الاجتماعات الفنية تحت مظلة اتحاد البنوك بهدف وضع القواعد التنظيمية لتوفير حزمة التمويل الأولى وتحديد سعر عائد منخفض على هذا التمويل والتفاوض مع البنك المركزي لاعفاء هذا التمويل من نسبة الاحتياطي المقررة قانونا مما يتيح الفرصة لخفض التكلفة على هذه المشروعات ومساعدتها على جني ثمار الاندماج. وتركز خطط التمويل التي ستبدأ البنوك تنفيذها من الشهر المقبل على المشروعات التي تمثل قيمة مضافة في المستقبل أو لديها فرصة للنمو والتحول السريع نحو القواعد القانونية الحاكمة للنشاط الاقتصادي مع ارتباط التمويل متوفر مهارات فنية وإدارية لدى القائمين على هذه المشروعات حيث سيكون التركيز في المرحلة الأولى على المشروعات الصناعية الصغيرة والورش المتخصصة في إنتاج بعض المواد الداخلة في مجال الصناعات المغذية مثل صناعات السيارات والتعبئة والتغليف والأثاث وغيرها. وتستند الخطة إلى العديد من الدراسات التي تؤكد تضخم حجم الاقتصاد غير الرسمي في مصر أو ما يطلق عليه “الاقتصاد الأسود أو التحتي” نظرا لعدم التزامه بالقواعد القانونية المتعلقة بالضرائب والجمارك والتأمينات الاجتماعية للعاملين. وتشير الدراسات إلى أن حجم هذا الاقتصاد غير الرسمي يدور حول 25% من الاقتصاد الكلي البالغ 1?2 تريليون جنيه الى جانب تشعبه الشديد ودخوله في كافة المجالات الإنتاجية والخدمية. وتؤكد الدراسات تنامي حجم الاقتصاد غير الرسمي خلال العام الماضي على ضوء الانفلات الأمني بالبلاد وهو ما يفسر توفر قدر كبير من السيولة لدى شرائح اجتماعية واسعة رغم الضعف والهشاشة وتراجع النمو في الاقتصاد الرسمي. وتتوقع الدراسات أن يواصل الاقتصاد غير المنظم في مصر نموه السريع خلال العامين القادمين ليمثل نحو نصف الناتج القومي الاجمالي مما يعني حرمان الخزينة العامة من عشرات المليارات من الجنيهات كان من المفترض أن تسددها هذه المشروعات كضرائب وجمارك ورسوم متنوعة الى جانب حرمان البنوك من قواعد ايداعات ضخمة يتم تدويرها خارج الوحدات المصرفية. ويشير الخبراء الى أن البنوك تسعى منذ سنوات إلى التحول نحو المجتمع اللانقدي وجعل الوحدات المصرفية هي الوعاء الأساسي لعمليات الدفع وإدارة السيولة ومن ثم فإن اقتراب البنوك من هذا القطاع غير المنظم يؤدي الى اجتذاب قدر كبير من الأموال الى الجهاز المصرفي وتوفير عملاء جدد للبنوك واتاحة الفرصة أمامها في الوصول الى شرائح اجتماعية لم تكن تتعامل مع البنوك سابقا إما لغياب ثقافة التعامل مع البنوك أو للتكلفة المالية المرتفعة التي يتحملها هؤلاء نتيجة التعامل مع البنوك خاصة وأن هذه المشروعات متناهية الصغر وذات رأسمال محدود. تكافؤ الفرص وأكدت سهى سليمان رئيس قطاع تمويل المشروعات الصغيرة في البنك الأهلي المصري أن مبادرة البنوك بالسعي نحو دمج مشروعات القطاع غير الرسمي في الاقتصاد القومي تأتي لتحقيق أهداف تطوير الاقتصاد المصري ليتواكب مع المرحلة القادمة التي يجب أن تتسم بالشفافية وتكافؤ الفرص والتعامل القانوني مع كافة مؤسسات الدولة. وقالت “إن هذه المشروعات تشكل نسبة مؤثرة في الاقتصاد القومي ودمجها في الاقتصاد الرسمي يؤدي إلى تغيير شكل وحجم الاقتصاد القومي لأننا نتحدث عن مئات الآلاف من المشروعات المنتشرة في القرى والمدن والأحياء الشعبية ونتعامل مع مليارات الجنيهات كمشتريات للمواد الخام ومبيعات سلع الى جانب الاعتماد على خدمات النقل والاتصالات وتشغيل ملايين العمالة”. وأضافت أن الحجم الحقيقي للاقتصاد القومي سوف يظهر وربما تسهم عمليات الدمج المرتقبة حال نجاحها في تسجيل معدلات متسارعة من النمو ربما تفوق 7 بالمئة التي تحققت قبل عدة سنوات. واستطردت أن البنوك سوف تستفيد أيضا في حالة اجتذاب هذه المشروعات للتعامل المصرفي على المدى البعيد ولا مانع أمام البنوك من تحمل جزء من فاتورة الدمج والمتمثلة في اتاحة تمويل منخفض التكلفة عال المخاطر نسبيا، لأن احتمال توقف هذه المشروعات عن السداد الاجمالي قائم وبنسبة كبيرة ولكن البنوك تتبنى هذه المبادرة لأسباب قومية خالصة. وقالت إن البنوك متحمسة لمبادرة البنك الأهلي وتتوقع أن تنجح حزمة التمويل الأولى التي يتيحها البنك والبالغة 300 مليون جنيه خلال النصف الثاني من العام الحالي مما سيؤدي إلى المضي قدما في تنفيذ خطة الدمج المستهدفة. بيئة مواتية ومن جانبها قالت فاطمة لطفي العضو المنتدب لبنك عودة إن الاقتصاد غير الرسمي في مصر هو الأكبر حجما قياسا بدول المنطقة نظرا لعدم وجود بيئة قانونية مواتية في الفترة الماضية لتشجيع دمج هذه المشروعات في البنية القانونية والاقتصادية السائدة. وأضافت أنه بمرور الوقت فإن حجم هذا الاقتصاد يسجل مزيدا من النمو وبالتالي يجب الإسراع في البحث عن آليات لدمج هذه المشروعات تحت المظلة القانونية لأن ذلك يوفر حماية لهذه المشروعات ويتيح لها فرص النمو. ولفتت إلى أن بعض هذه المشروعات يتمتع بملاءة مالية جيدة ويعمل في انتاج سلع مهمة ويلبي احتياجات شرائح اجتماعية واسعة من السلع والخدمات خاصة في الريف والأحياء الشعبية. وقالت إن البنوك ليس لديها مشكلة في توفير تمويل بتكلفة منخفضة لهذه المشروعات في إطار خطة دمجها في الاقتصاد المنظم ولكن على بقية الأطراف القيام بواجباتها لاسيما على الصعيد القانوني والتشريعي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©