الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البرتغال تستعد لمواجهة مرحلة ما بعد أزمة الديون

البرتغال تستعد لمواجهة مرحلة ما بعد أزمة الديون
16 ابريل 2012
اتسم الاقتصاد البرتغالي بالركود حتى قبل حدوث الأزمة المالية، وهذا ما أكده بول تومسون، من “صندوق النقد الدولي” عند مناقشة تقديم حزمة برنامج الإنقاذ للبرتغال البالغة 78 مليار يورو. ويكاد العالم يتفق على فكرة تشخيص مشاكل البلاد في انخفاض معدل النمو وعدم المقدرة على المنافسة. ونتيجة لذلك، تم تصميم خطة الإنقاذ للمزيد من التأكيد على زيادة الإنتاج ولتقليل تكاليف العمالة بمعدلات أكثر من تلك التي تم الاتفاق عليها مع اليونان وأيرلندا. ويقول تومسون، “البلاد في حاجة للانفتاح على أسواق تتميز بمنافسة أكثر”. وبلغ معدل النمو السنوي في البلاد في العقد الذي انتهى في 2010، 0,7 % مقارنة بمتوسط نمو قدره 1,1% لدول منطقة اليورو ككل. وشهد قطاع العمالة استقراراً ملحوظاً خلال نفس الفترة. وتشير الأرقام إلى مدى تراجع الأداء البرتغالي مقارنة بشركائها الأوروبيين، بيد أنها ليست الوحيدة في ذلك. وتؤكد ذلك كريستينا كاسالينو، كبيرة الاقتصاديين في بنك “بي بي آي” بقولها “يساور الكثيرين قلق ضعف نمو البرتغال، لكن في حقيقة الأمر حققت دول مثل اليابان وألمانيا والدنمرك وإيطاليا، معدلات نمو مشابهة خلال العقد الماضي. لكن وبينما بلغ نمو اقتصاد ألمانيا الذي يعتمد على الصادرات 3% في 2011، دخلت البرتغال في ركود اقتصادي كان الأسوأ لها على مدى أكثر من جيل”. وتراجع الاقتصاد الذي تأثر بمعايير التقشف الصارمة بنسبة قدرها 1,6% في السنة الماضية ومن المتوقع أن تزيد نسبة التراجع إلى 3,4% هذه السنة. كما تراجع البنك المركزي في البرتغال عن توقعاته للعام 2013 للصفر، من واقع 0,3%، ليكون أكثر تشاؤماً من الحكومة التي تتوقع تعاف متوسط خلال العام المقبل. وفي حال صدق توقعات البنك، من المرجح أن يبلغ نمو البرتغال في 4 سنوات من مجموع الخمس سنوات بين 2009 إلى 2013 صفر أو دونه. ونتج عن العجز التجاري السنوي المزمن الذي يتراوح بين 7 إلى 11% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العقد الماضي، تراكم مستمر لديون القطاعين العام والخاص. وناهز حجم الديون الأسرية وديون الشركات غير المالية بحلول 2009، 240% من الناتج المحلي الإجمالي ليكون واحداً من بين أعلى المعدلات في أوروبا. ومع كل ذلك، بدأت بارقة أمل تلوح في الأفق. وسواء تجاوز النمو في العام المقبل الصفر أو دونه بقليل، يأمل الاقتصاديون في أن لا يتعدى الركود العام الحالي. وتضيف كريستينا “إذا نجحنا في تفادي انكماش ربعي بأكثر من 4,5% خلال العام الحالي، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ينبغي أن تكون لدينا المقدرة على تجاوز حلقة التراجع”. ومن المتوقع أن تبلغ نسبة حجم الديون العامة في البرتغال 115% من الناتج المحلي الإجمالي في 2013، وذلك قبل أن تبدأ في التراجع لنحو 80%. ومع ذلك، لا تزال المخاطر عالية. ويشكل عامل الركود في أوروبا التي تقوم بشراء 3 أرباع صادرات البرتغال، خاصة في جارتها إسبانيا التي تشكل الربع من ذلك، أنباء غير سارة. كما أن المزيد من الارتفاع في أسعار النفط، ربما يجعل المستقبل أكثر سوءا. وعلى الصعيد المحلي، تتمثل المخاطر الرئيسية في أن يقوِّض برنامج التقشف الذي يُقصد به القضاء على أزمة الديون، النمو الذي تحتاجه البلاد لزيادة عائداتها الضريبية ولتقليل الإنفاق الاجتماعي. لكن هناك بوادر موجبة أيضاً، حيث بلغت قيمة الصادرات في 2011 نمواً قدره 13,5% إلى 61 مليار يورو محققة أعلى رقم سنوي حتى اليوم لتشكل السلع 42 مليار يورو والخدمات 19 مليار يورو من جملة ذلك المبلغ. وفي ذات الوقت، انخفض معدل الاستيراد السنوي تبعاً لتراجع الطلب المحلي من 10,4% في 2010 إلى 1,8% في السنة الماضية. وتشير التقديرات إلى انخفاض عجز الحساب الجاري من القمة التي كان عليها عند 10% من الناتج المحلي الإجمالي في العقد المنتهي في 2010، إلى أقل من 7% في 2011. ويرى بعض المحللين أنه من الممكن أن تبلغ نسبة العجز التجاري الصفر بنهاية العام الحالي. كما نجحت البرتغال في وقف الفشل في المنافسة الذي استمر لعقد كامل. وتقول كريستينا كاسالينو، “من المؤكد أن هناك تغييرا يحدث، حيث لم تعد الواردات تمثل ذلك العبء الثقيل على النمو. كما أن الصادرات هي المحرك الوحيد الذي نملكه، لا سيما مع وجود بوادر مشجعة تشير إلى طرق المصدرين لأسواق جديدة خارج أوروبا”. وكانت الصين تمثل أكبر سوق للصادرات البرتغالية في 2011 بزيادة قدرها 68% ناتجة عن تصدير مصنع “أوتو يوربا” التابع لشركة “فولكس فاجن” في لشبونة لعدد كبير من السيارات. وتشكل السيارات ثاني أكبر مصدر للصادرات بنسبة قدرها 13,3% من المجموع الكلي بعد الآليات والأدوات بما فيها مكونات السيارات بنسبة 14,5%. وساهمت ألمانيا ثاني أكبر سوق، بالقدر الأكبر في نمو الصادرات في العام الماضي، حيث استفادت الشركات التي تقوم بتوريد المكونات من انتعاش الصادرات هناك ومن مقرات بعض الشركات في البرتغال مثل “سيمينز” و”ليكا” و”فولكس فاجن” و”بوش”، التي زادت من مبيعاتها في الخارج. ويرى بعض الخبراء أن الاستثمارات الأجنبية في البرتغال هي من الوسائل الهامة لزيادة الصادرات، حيث يمكن للمستثمرين استغلال البلاد من جانبين، كبوابة للعبور إلى أوروبا من ناحية وكنافذة تطل على أميركا الجنوبية وأفريقيا من ناحية أخرى. نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©