“الزلة”.. محاكمة للذات بأدوات فنية متكاملة

قدمت فرقة جمعية كلباء للفنون الشعبية والمسرح على خشبة مسرح ندوة الثقافة والعلوم في دبي مساء أمس عرضاً بعنوان “الزلة” من تأليف جمعة علي وإخراج عبدالرحمن الملا. العرض الذي استمر ما يقارب ثلاثة أرباع الساعة قدمه ممثل هو أحمد ناصر “بدور خالد”، وممثلة نجحت في جمع ثلاثة أدوار في آنٍ واحدٍ: الزوجة والعاشقة والممرضة، وهي ريم الفيصل. وقد نجحــا في تقديم عرض بسيط بحوارات قصيرة وسريعة، رغم ضعف الصوت عند الممثل في بعض المقاطع. في البداية تنفتح الستارة مع موسيقى شجية وضوء خافت يتركز في وسط الخشبة على رجل في سرير، يهذي وينوح ويشكو الوحدة ويتمنى زيارة من أحد، وحين يفيض الكيل يغني باكياً “زوروني كل سنة مرة”، فيبدو كما لو كان في عمل مونودرامي، يخاطب امرأة غائبة وأبناء غائبين. يتذكر طفولته يتيم الأب، ثم يبدأ حديثاً عن الكمبيوتر والخلاعة وارتياد “الديسكوات” والتقاط امرأة من هناك ويخشى أنها نقلت له مرضاً نقله هو بدوره لزوجته فتوفيت، ما أصابه بتأنيب الضمير الدائم. تظهر الممرضة لتعطيه الدواء فيبدأ حواراً معها يسترجع من خلاله الكثير من الذكريات، وعلى أنغام عود حزين تتباين مستويات انفعال الممثل وهو يتحدث عن زوجة حيناً وعن امرأة عابرة عاشرها. يتذكر بشراً وأمكنة مختلفة. الممثلة كانت تختفي من دور لتظهر في دور آخر، ليس بمجرد تغيير الملابس، بل بأداء مقنع لأدوار كل من النساء الثلاث اللاتي مثلتهن، وفي حركتها على الخشبة بسلاسة وسهولة. العناصر الفنية في العمل تمثلت في صورة أساسية في الإضاءة والموسيقى والملابس، فالموسيقى منذ البداية رافقت مشاهد العرض عبر تقطيعها بالإضاءة والتعتيم، وتغيير ألوان الضوء، حسب تصاعد الحالة النفسية للشخصية، ولكن اللون الأصفر قد غلب على الكثير من المشاهد بما يمثله هذا اللون من دلالات على الألم حتى الموت. بل إن المشهد الأخير جاء مجسداً هذه الدلالة عندما رفع كل من الممثلين قطعة قماش صفراء كبيرة والالتفاف بها والرقود في وضع الموتى. إهداء إلى سالم الحتاوي أهدى مؤلف العمل جمعة علي عمله “الزلة” إلى الراحل سالم الحتاوي بكلمات حزينة تعبر عن الوفاء “كنت أستشيرك يا من رحلت عن دنياي، فمن غيرك يصحح أخطائي ويزين حروفي بقلمه وأفكاره.. علمتني أن أنتصر على نفسي وأهدي لك زلتي يا أستاذي الراحل”.