الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ماذا لو صوت الديمقراطيون؟

22 يونيو 2017 00:14
لو كان الليبراليون قد صوتوا بنفس نسبة تصويت المحافظين، لكانت هيلاري كلينتون قد أصبحت رئيسة للولايات المتحدة. فحتى مع الجاذبية التي كان يتمتع بها دونالد ترامب لدى الطبقة العاملة، فإنه كان بإمكان هيلاري أن تكتسح ميتشجان وويسكونسين وبنسلفانيا. ولو كان الليبراليون قد صوتوا بنفس نسبة تصويت المحافظين، لتمكن الديمقراطيون من السيطرة على مجلس الشيوخ، ولاستطاعت هيلاري أو باراك أوباما ملء المنصب الشاغر في المحكمة العليا. ولو كان الليبراليون قد صوتوا بنفس نسبة تصويت المحافظين، لكانت أميركا قد أصبحت أكثر قدرة على معالجة المسألتين المميزتين لعصرنا، وهما: التغير المناخي، وجمود مستويات معيشة الطبقة الوسطى. يوم الثلاثاء المقبل، ستعقد الضواحي الشمالية من أطلانطا، انتخابات تعد هي الأهم في البلاد منذ انتخاب ترامب. وهي انتخابات خاصة تعقد في دائرة انتخابية ذات توجهات محافظة، مثّلها سابقاً «نيويت جينجريتش»، وكانت ممثّلة حتى وقت قريبة بـ«توم برايس» مهندس خطة الرعاية الصحية التي ستحرم ملايين الأميركيين من التأمين الصحي. وهذه الانتخابات الخاصة تجتذب اهتماماً وأموالاً أكثر مما يجتذب أي سباق تقليدي لمجلس النواب. ومع ذلك يمكن لهذا النوع من الانتخابات أيضاً أن يقدم درساً جديراً بالاهتمام للديمقراطيين. فمرشحهم «جون أوسوف» لديه فرصة حقيقية للفوز، وهو ما يرجع في جزء منه إلى أنه لا يعاني من الفجوة بين العاطفة والالتزام لدى الناخبين الذين سيصوتون له؛ وهي فجوة تعرقل الديمقراطيين عادة، خصوصاً في السباقات الانتخابية التي تعقد في غير سنة الانتخابات الرئاسية. وسيحقق الديمقراطيون إنجازاً كبيراً، لو استطاعوا سد الفجوة بين العاطفة والالتزام لدى قواعدهم الانتخابية بوتيرة أسرع وأكثر تكراراً من الوتيرة الحالية. تظهر استطلاعات الرأي أن أغلبية الأميركيين يدعمون المواقف التقدمية بشأن القضايا الكبرى؛ فيما يهيمن الجمهوريون على مجلس النواب وعلى الحكومة الاتحادية حالياً. معدل الإقبال على الانتخابات يعد سبباً رئيسياً في هذا الوضع. وفي العام الماضي، صوت الأميركيون ما بين 18 و24 عاماً لصالح كلينتون وضد ترامب بفارق كاسح. لكن نسبة من صوتوا من هذه الفئة العمرية لم يزد على 43%. وبالمقابل أيد الأميركيون فوق 65 عاماً ترامب، وبلغت نسبة المصوتين منهم 71%. وعلى نفس المنوال، كان احتمال تصويت الأميركيين ممن هم في الثلاثينيات من أعمارهم لصالح كلينتون أكبر من احتمال تصويتهم لترامب. هذا النمط التصويتي يوجد أيضاً عبر المجموعات العرقية. فالناخبون الآسيويون والهيسبانيك صوتوا لصالح كلينتون بشكل أكثر اكتساحاً من جيل الألفية، لكن معظم المواطنين الآسيويين والهيسبانيك لم يصوتوا. إذا ما كنت ليبرالياً، وتشعر بالإحباط، جراء هذه الإحصائيات، فهذا ما يجب عليك أن تشعر به، على ألا يدفعك هذا الشعور لأن تكون انهزامياً. لكن ما الذي يتعين عليك عمله؟ أولا، لا ترتكب خطأ نسبة كل شيء إلى «الجمهوريين الأشرار». صحيح أن الجمهوريين لديهم دوائر مقسمة بطريقة تجعل التصويت في صالح مرشحهم، وأنهم كثيراً ما يقومون بقمع المصوتين؛ إلا أن فجوة الإقبال على التصويت، أكبر من أي مخطط جمهوري. ثانياً، عليك أن تضع في اعتبارك أن الإقبال على الانتخابات هو سلوك إنساني في المقام الأول، يشتمل في جزء منه على إقناع الناس بتشجيع العادات الراسخة. وهناك قوة كبيرة قادرة على اقتلاع جذور كل العادات اليوم، ألا وهي «التكنولوجيا الرقمية»، خصوصاً الهواتف الذكية التي تغير الطريقة التي يتفاعل بها الناس مع المعلومات؛ بالإضافة إلى السوشيال ميديا والرسائل الإلكترونية، وكلها أساليب قد تزيد من نسبة الإقبال على الانتخابات. ثالثاً، وأخيراً، عليك أن تتذكر أن اليسار السياسي قد حقق نجاحات في مجال رفع نسبة الإقبال في الآونة الأخيرة، وأن هذه النجاحات تحققت من خلال اتباع أساليب قديمة مثل أسلوب الإثارة السياسية، كما حدث في الانتخابات التي قادت أوباما إلى البيت الأبيض والتي شهدت إقبالاً كبيراً من جانب الفئات الأصغر سناً وفئات غير البيض والتي يصلح معها هذا الأسلوب. وهذا الشهر كانت الانتخابات البريطانية لافتة للأنظار؛ فقد كان أداء حزب العمال فيها أفضل من المتوقع، وساعد على ذلك زيادة أعداد الناخبين الأصغر سناً الذين يشعرون بالغضب تجاه خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي. ولكن الانتخابات البريطانية تقدم في نفس الوقت تحذيراً لأي شخص يعتقد أن نسبة الإقبال الأكبر تعتمد على المرشحين المنتمين لليسار، مثل جيرمي كوربين (زعيم العمال)، الذي لم يفز في الانتخابات. شعوري الغريزي أن حل مشكلات الديمقراطيين، يتطلب إرسال رسالة عاطفية عن الإنصاف- في مجال توفير الوظائف، ورفع الأجور، وحماية الحقوق، ومواجهة تحكم الأقلية الثرية؛ وهي رسالة قد تكون أكثر جسارة من الرسائل التي اعتاد عليها الديمقراطيون على مدار عقود. من الواضح أن الأوقات الحالية هي أوقات صعبة بالنسبة للديمقراطيين. فهم لم يحققوا الكثير من الإنجازات الانتخابية منذ اقتراع 2012، وليس من الواضح ما إذا كان مرشحهم «أوسوف» سيفوز بالانتخابات الحالية أم لا. لكنهم ينبغي أن يتذكروا أنه مازالت لديهم ميزة هائلة، وهي أن الأغلبية الصامتة في البلاد تفضلهم عن غيرهم، وكل ما هنالك هو أن هذه الأغلبية بحاجة إلى من يحركها من ثباتها ويدفعها للتصويت. *كاتب ومحلل سياسي أميركي حاصل على جائزة بوليتزر ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©