الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

محمد بن زايد يشهد محاضرة حول المسألة الدينية والسياسية بين المسارين الغربي والإسلامي

محمد بن زايد يشهد محاضرة حول المسألة الدينية والسياسية بين المسارين الغربي والإسلامي
23 يونيو 2010 00:48
حضر الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة مساء امس الأول بمجلسه بقصر البحر محاضرة حول المسألة الدينية والسياسية بين المسارين الغربي والإسلامي ألقاها الدكتور عبد الله السيد ولد أباه أستاذ الفلسفة والدراسات الإسلامية بجامعة نواكشوط. وحضر المحاضرة سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية وسمو الشيخ سعيد بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وسمو الشيخ ذياب بن زايد آل نهيان رئيس هيئة مياه وكهرباء أبوظبي ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي ومعالي الشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان وزير الأشغال العامة. كما حضرها عدد من الشيوخ و الوزراء وكبار المسؤولين ولفيف من السفراء العرب والأجانب المعتمدين لدى الدولة وعدد من رجالات المجتمع المحلي. محددات فاصلة بدأ المحاضر محاضرته بالإشارة الى محددات تفصل بين المسارين العربي الإسلامي والغربي الأوروبي وأجملها في أربعة محددات هي العلاقة التاريخية بين الدين والدولة في المسارين الغربي والإسلامي والبعد العقدي السياسي لمفهوم الدين والبعد الحداثي للدولة او تطورها وانسلاخها عن الدين والوضع الراهن المتعلق بأزمة الدولة. وفي شرحه للمحدد الأول أوضح المحاضر ولد اباه أنه إذا كانت الدولة الامبراطورية احتضنت المسيحية وجعلتها ديناً رسمياً لها وذات طابع مؤسسي منظم ومحتكر لخلاص الفرد إلا أن العكس حصل في الجانب الآخر حيث أنشأ الدين الإسلامي الأمة والجماعة والدولة وشكلها إلا أنه لم يمنحها حق تجسيد الدين او احتواء الأمة الأمر الذي تسبب في مأزق شرعيتها وهشاشتها التاريخية الدائمة. وأوضح في هذا الصدد أن الدولة الإسلامية أصبحت في نظر الفقهاء قهرية سلطوية بمقتضى ضرورات الحفاظ على الدين والأمة وتجنباً للفتنة وذلك بخلاف دولتي النبوة والخلافة اللتين تظلان نموذجاً فاضلاً غير قابل موضوعياً للتحقق على أرض الواقع . أما بالنسبة للمحدد الثاني الخاص بالبعد العقدي فقد بين المحاضر أن قيام المسيحية على فكرة تجسيد اللاهوت أفضى الى استبدال الإلهي بالبشري بينما الأمر في الإسلام يتعلق باستخلاف الإنسان في الأرض مشيراً الى أنه لم تتح لهذه التجربة التاريخية استكمال آفاقها النظرية والعقدية. وأوضح المحاضر أنه في الحالة الأولى «المسيحية/عندما تجسد الرب في شخص المسيح تحولت المسيحية الى ديانة «الخروج من الدين» باتجاه العلمنة بينما لم يصبغ الإسلام «السني على الأقل» الدولة بالقداسة على الإطلاق حيث اعتبر أهل السنة نظام الإمامة فرعاً من فروع الدين لا من أصوله وبالتالي تم النظر الى السلطة باعتبارها حالة تواضعية أساسها القوة والغلبة. وهكذا يصل الدكتور ابن أباه الى نتيجة جوهرية مفادها أن الاستخلاف في الإسلام يختلف عن التجسد في المسيحية من حيث إنه يوكل الى الإنسان «الحاكم» إعمار الأرض وإدارة شؤون الناس وليس القدرة على تجسيد المطلق في اشكال بشرية كالدولة التي تظل مؤسسة اجتماعية إنسانية لا حالة دينية. ثم انتقل بعد ذلك الى المحدد الثالث وهو البعد الحداثي مشيراً الى ارتباطه بمسار الانتقال من الدولة الدينية في الغرب الى الدولة العلمانية القائمة على الفصل بين الاعتقاد الفردي والمجال العام وبين المجتمع والدولة. وقال إن الدين في هذه الحالة أصبح هنا جزءاً من مقومات الاعتقاد الفردي ومشمولات الحريات الدينية وبالتالي فهو خارج حقل القيم الاجتماعية ولايدخل ضمنها باعتبارها دائرة للإرادة المشتركة ولمجال المواطنة. وطرح المحاضر سؤالاً حول إمكانية حدوث ذلك في المجال الإسلامي وهل أن مقتضيات التحديث والتحرر قابلة للإنجاز خارج الحيز العلماني الغربي بضمان أساسيات وثوابت الديموقراطية التعددية وقيم الحرية الذاتية التي هي حرية الاعتقاد ومبدأ المواطنة ضمن النسق العقدي والحضاري الإسلامي دون الحاجة الى الفصل بين الدين والسياسة وإنما التمييز بينهما إجرائي ومؤسسي. وتناول ابن اباه البعد الرابع المتعلق بأزمة الدولة العلمانية الغربية نتيجة أزمة الدولة مشيراً الى نموذج الفصل بين العام والخاص والسياسي والمدني وكذلك أزمة «الدولة الإسلامية» التي يطرحها الخطاب الأصولي الذي يعمل على تحويل الإسلام الى ايديولوجيا للدولة الوطنية القائمة التي تمثل أفقاً موضوعياً لامخرج عنه في أي تجربة سياسية راهنة. وأوضح أن مظاهر الأزمة الاولى تتجلى في انحسار قدرة الدولة القومية في الغرب على الاحتفاظ بحيز المواطنة ضمن السيادة كما أنها تشهد حالياً انقلاب العلاقة بين العام والخاص وعودة المكبوت الديني الى الواجهة العامة كمكون من مكونات الحوار العمومي في الغرب مايعني حسب أحد فلاسفة الألمان ظهور «مجتمعات ما بعد العلمانية» تتجاور فيها المعتقدات الدينية والعلمانية بتسامح وتلقائية. كما أشار الى أن حركات الإسلام السياسي التي ترفع شعار الدولة الإسلامية لاترى الفرق الجوهري بين «الدولة الوسطية» كما وصفها الماوردي في أحكامه السلطانية باعتبارها حالة قهرية لاتجسد هوية الكيان الجماعي والدولة الحديثة القائمة على تعويض الدين في وظائفه الاجتماعية والرمزية. وأضاف أن الحركات الأصولية تنسى أن الدولة الحديثة قامت على استبطان واستيعاب الدين ثم التخلي عنه كإطار للتنظيم السياسي وبالتالي فإن كل توظيف سياسي للدين يؤدي الى تحويله الى ايديولوجيا للدولة الحديثة الشاملة دون أن تتغير تركيبتها او يتبدل منطقها العميق. وأشار الى أن الصدام تحول الى صراع وهمي حول الدين والأمة مؤكداً أن الخطأ الذي تقع فيه المنظمات الإسلامية هو تحويل الدعوة الدينية الى أجهزة وأطر مؤسساتية وبين أن الإسلام الذي يتساءل البعض حول كونه ديناً ودولة استطاع التكيف مع أشكال عديدة من الدول كدولة الخلافة ودولة السلاطين مؤكداً في ذلك أن العدل هو الثابت الكلي الأوحد في نظرية الحكم الإسلامي. ورد المحاضر في ختام المحاضرة على بعض الأسئلة موضحاً بعض القضايا المتعلقة بالمحددات الأربعة الفاصلة بين المسارين الغربي والإسلامي، وقال إن هناك رفضاً لشعار الدولة الإسلامية وكذلك رفض للعلمانية لمناهضتها للدين مؤكداً أن «الحالة الطالبانية» تمثل محاولة لرفض المجتمع الحديث والعودة الى دولة لم تعد مقوماتها متاحة اليوم.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©