الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لا أعرف إن كان المسرح دخيلاً علينا أم نحن دخلاء عليه؟!

لا أعرف إن كان المسرح دخيلاً علينا أم نحن دخلاء عليه؟!
19 نوفمبر 2009 23:56
إن انتكاس المسرح في كثير من البلاد، سببه غياب الحرية، وحرية الرأي والتعبير بشكل خاص، حتى كأننا صرنا لا نحب أن نسمع إلا أصواتنا، وهكذا تضاءل دور المسرح وانزوى جمهوره. هذا ما قالته مريم في حديثها لنا، باعتبارها فنانة رائدة تحمل تاريخ ثلث قرن من هذا الفن الحي الجميل الذي يعتبر "أبو الفنون" ومعلم الكبار والصغار. مصادفة عن بدايات العمل في المسرح وصعوبة الانطلاقة الأولى، قالت: بدايتي كانت مصادفة، وكنت مقيمة بالبحرين، بعدها اشتغلت بالاستعلامات بإمارة الشارقة، واتصل معي عبد الله العباسي من البحرين وقال لي: "أنت من البحرين". قلت له: "أنا إماراتية". سألني: "ما رأيك بأن تأتي إلى المسرح؟". كان حلمي أن أذهب إلى المسرح، وكنت دائماً أحدث البنات اللاتي كن معي بأن حلمي أن أروح للمسرح، بعدها دخلت المسرح وكان أول عمل اشتغلته هو "هارون الرشيد في القرن العشرين" تأليف عبد الله العباسي، ومن بدايتي أعطاني دور الأم. بعد ذلك اشتغلت مع المرحوم صقر الرشود من دولة الكويت، واشتغلت معه "شمس النهار"، وكنت مسؤولة الإنتاج ، وهو من سماني "أم المسرحيين"، وهذا اللقب إلى الآن ما زال يلازمني، واستمررت مع مسرح الشارقة، ورأس الخيمة، ومسرح دبي الشعبي. رعاة البقر ومحفوظ وحول رأيها بالمسرح وكونه دراسة أكاديمية أم موهبة، تنظر مريم بعيداً وتجيب: "أعتقد أن الإنسان الذي عنده هواية أو رغبة فإنه يفعل هذا الشيء، أنا كنت من صغري ألعب مع البنات وأسوي الفريج "الفريق". كنت أشاهد الأفلام المصرية والكويتية، كانت هناك قناة في السعودية اسمها "أرامكو" تبث أفلاماً أجنبية مدبلجة لرعاة البقر، هل تعرفين ماذا كنت أفعل؟ كنت آخذ الجريد من أوراق النخل وأعمل أحصنة وأقلدهم باللغة العربية، وبعد أن كبرت قليلاً كنت أقرأ قصص نجيب محفوظ، لكنني كنت وما زلت أحب المسرح". وتواصل أم المسرحين شريط الذكريات: "بعد ذلك، في عام 1980 عندما كانت وزارة الإعلام تجري دورة للفنانين غير الدارسين، دخلت الدورة لمدة ستة أشهر، وكانت دورة مكثفة، عرفنا فيها الأساسيات من كيفية الوقوف على المسرح، إلى قراءة دور الشخصية وأبعادها. تعلمنا الكثير في هذه الدورة على يد أساتذة من مصر وتونس والسودان. فمحسن حلمي علمنا الأداء والصوت، والدكتور يوسف عيدابي علمنا تاريخ المسرح. وقد جاءنا عدة مخرجين من العراق والبحرين. كانت الوزارة من قبل ترسل أي مخرج مسرحي للتدريب". نحن دخلاء ولأن النهوض بالمسرح دليل على النهوض بالثقافة والعلوم ورعايتهما فإنه يحتاج إلى تدريب، وتدريس المسرح.. هنا تستعرض مريم أحوال المسرح في البلاد العربية وتقول: "الآن لا يوجد تدريس، يوجد بعض الشباب الذين تخرجوا وهم يخضعون لدورات لدخول هذا المجال، لكن الشباب في السبعينات والثمانينات أرسلتهم الوزارة ودرسوا.. أما الآن فلا يوجد هذا الشيء". وحول أسباب تراجع المسرح توضح: "أول شيء، المسرح ليس لنا نحن ولا أعرف إن كان دخيلا علينا أم نحن دخلاء عليه، نحن نحاول أن نقلد الغير. البعض شاهدوا المسرح على أيام جورج أبيض والقباني، أو أن مصر نشرته بالعالم العربي، ونحن بصراحة تعلمناه من الكويتيين. نحن دخيلون على المسرح نقلد الغير، ونحن بصراحة ليس عندنا مسرح، فالمسرح أبو الفنون يعلم كل الفنون وعلمه ليس له نهاية، لكن أين الذين يتعلمونه؟ المسرح يعلم الناس ويُفرج عن الناس. وليس لدى الجميع القدرة على اعتلاء خشبة المسرح. في البداية كانت هناك صعوبة، لكنني كنت محظوظة، فعندي أخ من أمي كان يعيش بألمانيا ويعرف شعر المسرح، أول ما قاله لي: أنت امرأة متزوجة ومطلقة، حرة الآن.. والمسرح عالم حرية، تستطيعين أن تتحركي فيه خلاف التلفزيون الذي يقيدك، فالمسرح يعطيك الحرية والفضاء، إذ تعيشين الشخصية قبل الدخول إلى المسرح، فأما التلفزيون فيعرض صورة ما تشتغلينه على الشخصية". مهرجان متجول ويقودنا الحديث إلى الكتابة الدرامية بعد هذه التجربة الغنية، فتقول: "لم أجرب أن أكتب للمسرح، ولكن لي أفكار لم أكتبها. أعتز بمسرحية الفريق 79 "مأساة بائع الدبس الفقير" لسعد الله ونوس، "مأساة أبو الفضل" شاركنا فيها في المغرب خلال المهرجان العربي المتجول. وشاركنا في تونس في مسرحيات أنا راضية عنها. والمسرحية الكوميدية اشتغلت فيها "بومحيوص" لأحمد الأنصاري. وقتها كانت مسرحية ناجحة، هي كوميدية، حتى لو عملت مشاكل لكن أنا أفتخر بها كثيراً". وفي حديثها عن التلفزيون توضح: "في التلفزيون لدي عمل اسمه "مرمر زماني" اشتغلته مع محسن عبد الرحمن، وأيضاً "الداية" مع حياة، وكذلك "أبلة نورة". إن الدراما الإماراتية في تطور وذلك لاهتمام ودعم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أطال الله عمره، الذي جعلنا ننافس البلاد العربية في المسابقة التي وضعها كما وضع مكرمة لكل الفنانين الإماراتيين". ثقافة لامبالاة وحل نظرتها للجيل الجديد وطموح الشباب تشير: "للأسف، بعضهم عنده ثقافة لا مبالاة، وبالهم مشغول بالمردود المادي. مثلاً يأتي الواحد منهم ويقول: أنا إذا اشتغلت كل يوم فكم أحصل، فأقول لهم: تعلموا أولاً، فنحن في المسرح صبرنا وتعلمنا من أساتذتنا، أنا حتى الآن لا أعمل هذا الشيء. وأقول للعناصر الشابة: نحن تعبنا، أنا وموزة وزريقة حتى وصلنا". عن العمل الفني المشترك بين الفنانين العرب توضح: من المفيد أن نشارك مع فنانين عرب ونتعلم منهم ويتعلمون منا، ولا بد أن يكون هناك دور للمسارح المدرسية كما كان سابقاً، فالمسرح المدرسي يمكن أن يرفد المسرح بكوادر شابة ومواهب تتابع دراستها وتعليمها في المعاهد المسرحية والجامعات لتصقل مواهبها وتوجهها وفق ضمن المسارات الصحيحة. المسرح عالم الحرية كما قلت. وإذا نظرنا إلى البحرين نرى فيها حرية التعبير عن الرأي، وفيها جمهور يفهم ويعرف ماذا يعني المسرح، وأن المسرح مدرسة يعلم الممثلين والجمهور على حد سواء".
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©