الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء: الذين عقدوا النية لأداء الفريضة وتم منعهم بسبب الانفلونزا ليس عليهم نذر «دم» ولهم ثواب الحج بالنية

العلماء: الذين عقدوا النية لأداء الفريضة وتم منعهم بسبب الانفلونزا ليس عليهم نذر «دم» ولهم ثواب الحج بالنية
19 نوفمبر 2009 23:58
يتوافد الملايين من حجاج بيت الله الحرام على الأماكن المقدسة لأداء فريضة الحج من أكثر من 160 دولة وسط تصاعد تحذيرات منظمة الصحة العالمية من تزايد أعداد المصابين بمرض انفلونزا الخنازير والمخاوف من انتقال الفيروس بشكل يؤدي إلى موجات من تفشي المرض في أنحاء العالم ويسبب ضغطاً على أنظمة الرعاية الصحية. لذا حرصت المجامع الفقهية والعلماء الثقات على الدعوة إلى الآخذ بالتيسير في أعمال الحج. ودعا فضيلة الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي -شيخ الأزهر- إلى التيسير في أعمال الحج وتحقيق المصلحة العامة. وأكد أن الإسلام دين اليسر والسماحة في جميع الشعائر والعبادات وأن من مقاصد الشرع التيسير على الناس في الحج والأخذ بالأيسر وعدم التشدد. وأكد ضرورة التزام حجاج بيت الله الحرام بالإجراءات الوقائية اللازمة لمواجهة انتشار وباء انفلونزا الخنازير، مصداقاً لقول الله تعالى: «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما» النساء الآية 29. وأجاز مبيت كبار السن والنساء أيام التشريق بالحج في مكة بدلا من منى نظرا للظروف الحالية المتعلقة بانتشار انفلونزا الخنازير وللحفاظ على حياتهم وتجنب الزحام الشديد. وأيد شيخ الأزهر جواز توجه الحجيج مباشرة إلى عرفات يوم التاسع من ذي الحجة، تجنبا للزحام. وأوضح أنه يجوز تحديد الأعداد وتقييدها بضوابط شرعية، وأن كبار السن فوق 65 عاما والذين عقدوا النية لأداء فريضة الحج هذا العام وتم منعهم بسبب انفلونزا الخنازير ليس عليهم نذر «دم»، ولهم ثواب الحج بالنية، كما شدد على الحجيج الالتزام بتعاليم الحج الصحية، وارتداء الأقنعة الواقية أثناء الفريضة فهي ليست مخيطة. وحذر الدكتور علي جمعة –مفتى الديار المصرية - من تجاهل النصوص والقرارات الميسرة للحج ودعا للعناية بالمعاني والقيم التي تتضمنها الرحلة الروحية والعبادة الجليلة للحج وما فيها من منافع للمسلمين ولأمتهم. وأكد أن وقوع الحوادث المروعة بموسم الحج في الأعوام السابقة كان سببه في الأصل عدم الالتفات للنصوص والقرارات الميسرة، التي إذا ما التزم بها الحجيج تجنبنا كثيراً من تلك الأزمات. التزاحم والتدافع وقال إنه يجب على الحجاج أن يتقوا الله وأن تكون قلوبهم حاضرة في المناسك حتى تفقه القلوب مقاصد الحج، كما يجب عليهم الابتعاد عن التزاحم والتدافع والافتراش وتلويث الطرقات لأن المسلم لا يؤذي أخاه ولا يكون سببا في ذلك، وهذه السلوكيات تؤدي إلى أضرار كبيرة منها تأخير سيارات الإسعاف والمطافئ وتلويث الطرقات الموصلة إلى الحرم الذي أمرنا الله بتطهيره. وقال إن هذه السلوكيات حرام شرعا لمخالفتها للنصوص، ويقول الرسول-صلى الله عليه وسلم: «من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم»، كما أن أداء العبادة ليس عذرا لإقرار الخطأ المؤذي للناس، ويقول تعالى: «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون» الحشر الآية 9. الرمي متاح طوال اليوم وأكد د. علي جمعة أن الأمة الإسلامية مطالبة بمراعاة عصر الضرورة، وذلك عندما تستمر الحالة الاستثنائية لزيادة السكان وتكاثر الأعداد في مكان محدود محصور وأيضا انتشار الأمراض والأوبئة الفتاكة. ولهذا يجوز للمسلم بسبب زحام الناس الشديد وما يترتب عليه في الغالب من عنت يلم به وضرر عظيم للضعفاء قد يصل إلى الموت، أن يرمي الجمرات في أي ساعة شاء من ليل أو نهار. بمعنى أن الرمي متاح مدة اليوم كله، كما يتاح التوكيل ابتداء للضعيف والمريض والشيخ ولجمهور النساء وغير القادرين. وشدد على أهمية نشر الوعي بين الحجيج بأن من الخير للنساء وغير القادرين أن يوكلوا غيرهم من الرجال والقادرين لرمي الجمرات عنهم حتى لا يتعرضوا للضرر. وأشار إلى أن نيابة أو توكيل شخص آخر في الرمي عن الضعفاء والمرضى والنساء جائزة شرعا، ودليل ذلك أنه تجوز الإنابة في الحج، لذا فالإنابة أو توكيل شخص آخر في الرمي جائز من باب أولى. ويؤكد أن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ودار الإفتاء المصرية أباحا ذلك كما صدرت فتاوى من العلماء منذ أكثر من ثلاثين عاماً وفي الفقه الإسلامي الموروث ذهب إليه اثنان من كبار المجتهدين، وهما طاوس بن كيسان اليماني، ومجاهد وكان من تلامذة حبر الأمة وابن عم النبي-صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما- وكثير من المحدثين منهم العلامة عبد الله آل محمود وألف في ذلك كتابا، والعلامة الشيخ يوسف القرضاوي. وقال إن على العلماء أن يدركوا الواقع الذي نعيشه وأن الناس قد بلغوا في الأرض كلها وفى الحج ما لم تبلغه البشرية منذ خلقها الله تعالى إلى هذا اليوم فلم يحدث أبدا أن يكون في الحج في مثل هذه الأماكن 4 أو 5 ملايين وهذه أرقام لا يمكن تخيلها ونحن لا نذهب إلى الأماكن المقدسة من أجل أن نقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق بل نذهب للعبادة ويتأتى في العبادة أن نقلد واحدا من أئمة المسلمين خاصة إذا كان رفيع الشأن مثل كيسان أو مجاهد وهما يقولان بجواز الرمي اليوم كله ما دام الحج رجع من مزدلفة ولو بعد منتصف الليل وكل اليوم إنما هو موضع للرمي تخفيفا على الناس فالرمي بعد الزوال هو السنة ولو أن سنة من السنن أدت إلى قتل مسلم بسبب الزحام لوجب العدول عنها إلى ما يحقق المقاصد الشرعية الكبرى. قبل متصفو الليل وعن مسألة المبيت بمزدلفة، قال د. علي جمعة إنه يجوز للحاج مغادرة المزدلفة إلى منى بداية من الساعة 11.30 مساء باعتبار ذلك التوقيت مناسبا عالميا، كما يجوز له شرعا الانصراف في حالة الاضطرار ومغادرة المزدلفة قبل ذلك التوقيت، خاصة أن المبيت بمزدلفة يعتبر سنة وليس ركنا من أركان الحج. وأكد أنه يجوز شرعا للضعفاء والمرضى سواء من الرجال أو النساء من حجاج بيت الله الحرام ترك المبيت بمنى. وقال إن الالتزام بالمبيت بمنى وإلزام الحاج به مع أعمال الحج الأخرى يزيد من إجهاده وضعفه ويجعل الجسم في أضعف حالاته، بالإضافة إلى ذلك ما نزل بالناس في هذه الأيام على المستوى العالمي من انتشار للأوبئة والأمراض الفتاكة التي يسهل انتقالها عبر التجمعات البشرية مما يجعل جسم الإنسان أكثر عرضة لالتقاط الأمراض والعدوى بها. ولذا فإنه من الأنسب أن يأخذ هؤلاء حكم من رخص لهم ترك المبيت بمنى خاصة أن المبيت ليس من أركان الحج عند جميع المذاهب المتبعة. وعن موقف الشرع من القرارات الصحية الخاصة بمنع المرضى وكبار السن والأطفال من الحج هذا العام بسبب انفلونزا الخنازير، يقول الدكتور عبد الرحمن عميرة -عميد كلية أصول الدين الأسبق: يحرص الإسلام في تعامله مع شؤون الحياة ومستجداتها على تحقيق مصالح الناس وخيرهم وسعادتهم بوسطية واعتدال، وبعيدا عن الإفراط أو التفريط، ويقول الله تعالى: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» الأنبياء 107، وأكد العلماء أن من مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ الضروريات الخمس وهي الدين والنفس والعقل والنسل والمال. القرارات الطبية وأضاف أن الذي يحدد ذلك في قواعد الشريعة أهل المعرفة والاختصاص في كل حقل أو جانب من جوانب الحياة، ووفق القواعد المقررة في الشريعة للاجتهاد في القضايا الحادثة والمشكلات المستجدة، وعلى ذلك يكون الطلب أو النهي الشرعي فيما يتعلق بحياة الإنسان، وما يمكن أن يتعرض له من أمراض وأخطار وكيفيات التعامل معها مقرر في الشريعة على ضوء ما يبينه الأطباء المختصون، وهذا يؤكده بوضوح قوله تعالى: «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» النحل 43. وأكد أن الأمة مطالبة باحترام القرارات الطبية التي اتخذت والخاصة باستبعاد كبار السن والأطفال والمرضى فما حددته من ترتيبات الحج هو لمظنة تعرضهم للخطر أكثر من غيرهم ومن باب الحيطة والحذر والأخذ بالأسباب الظاهرة، فالمنع قائم على الاحتياط والأخذ بغلبة الظن، وهذا منهج إسلامي معتمد في التعامل مع المرض الوبائي. فقد ورد في الحديث بصحيح البخاري وغيره: «إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها». فهو حديث يضع قواعد الحجر الصحي في الإسلام القائمة على الاحتياط والمنع لغلبة الظن. وسبب الموت على القطع كما هو معلوم شرعا هو انتهاء الأجل والأمراض أسباب لذلك، كما يدل على ذلك الاستقراء والواقع. مسببات الوباء وشدد الدكتور عبد المعطى بيومي-عميد كلية أصول الدين الأسبق بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية- على ضرورة التزام الحجاج بالوصايا والتعاليم الإسلامية الداعية إلى الحرص الدائم والمستمر على البعد عن مسببات نقل أو انتشار وباء إنفلونزا الخنازير أثناء أداء المناسك والشعائر، وقال: يجب على الحجيج أن يتجنبوا بقدر وسعهم الزحام خاصة في عرفات فأرض عرفات واسعة، وإذا لاحظوا أحدا تبدو عليه علامات الوباء يجب أن يتخذوا أسباب الوقاية ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا. كما يجب عليهم أن يتوخوا الحذر وبذل الوسع في الالتزام الكامل بنصائح وإرشادات الوقاية الصحية لمنع الإصابة بالوباء والتشديد في تنفيذ الإجراءات الصحية في كل وقت استنادا إلى القاعدة الفقهية «درء المفاسد مقدم على جلب المنافع». وأكد أن الإنسان مأمور شرعا بالحفاظ على صحته وصحة المجتمع الذي يتواجد فيه. مضيفا أنه لا يجوز للمسلم أن يوقع ضررا بنفسه أو بغيره، ووفقا للقواعد الشرعية فإن الأخذ بالحيطة والحذر والتحصين والوقاية بالأدوية التي تقي من الوباء أمر متعين على جميع الحجاج سواء كانوا كبارا أو صغارا لأن هذا من الأسباب المشروعة والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا ضرر ولا ضرار». نشر الوعي ويقول الدكتور بيومي إنه يجب على المسؤولين عن حملات وبعثات الحج العمل على نشر الوعي بين الحجاج وشرح الاحتياطات الصحية الخاصة بالسلوك والعادات، حتى يكونوا ملمين بالأمراض التي يمكن أن تنتقل أثناء موسم الحج، وتوفير العقاقير التي تستخدم في إسعاف الحجيج أو تساعد على تجنب الإصابة وانتقال العدوى، وأن يتم فحص الحجيج بصفة مستمرة واتخاذ التدابير اللازمة من عزل المرضى، مؤكداً إن هذا واجب مشترك ملقى على عاتق الجميع بغية الحفاظ على مقصد الشرع في المحافظة على النفس البشرية من الهلاك. وحذر الدكتور أحمد محمود كريمة -أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر من تقبيل الحجر الأسود خوفا من الإصابة بمرض انفلونزا الخنازير، وقال إن تقبيل الحجر الأسود ليس من أركان الحج ولا من واجباته، ولكنه سنة من سنن الحج لا يجب بتركها شيء، بل من السنة عدم المزاحمة على الحجر والأولى عدم تقبيله حتى لا تنتقل العدوى إلى الحجيج وإن كان ذلك احتمالا، حيث لا ضرر ولا ضرار. وأضاف انه يمكن للحاج تسلم الحجر من بعيد بدلا من التقبيل وهذا ميسر حتى في غير وقت الوباء فتكفي الإشارة إليه وتقبيله من بعد وهذا تيسير على الناس لان اجتماع الحجاج والمزاحمة على تقبيله يمكن أن يساهما في نقل العدوى ويجب على المسلم أن يأخذ بالأحوط والأسلم في هذه الحالة حفاظاً على حياته وحياة غيره من ضيوف الرحمن. الحاج مطالب بالالتزام برأي المؤسسات المعنية والإجراءات الوقائية قال الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح -أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر- إن الوقاية من انفلونزا الخنازير تفرض على الحاج الالتزام بالآداب والسلوكيات والمبادئ الإسلامية وعلى رأسها مبدأ الوقاية خير من العلاج بما يتضمنه من سلوكيات حميدة تحض على النظافة في البدن والمأكل والملبس والشراب، مصداقا لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم: «أن الله جميل يحب الجمال»، والعلماء أجمعوا على أن معنى الحديث أن الله نظيف يحب النظافة في كل شيء، كما أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: «بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده». وأشار إلى أن العلماء والأطباء أكدوا أن مكافحة العدوى تتحقق بمراعاة شروط السلامة الصحية والبيئية التي أقرها الإسلام في كثير من تعاليمه مثل آداب العطاس من حيث وضع اليد على الأنف وتشميت العاطس وغسل اليدين وفى حالة تعذر ذلك يمكن المسح بالمواد الطبية المتوافرة، وأيضاً السلام بالمصافحة لا بالتقبيل وعدم استعمال أدوات الآخرين أو البصق على الأرض، حتى لا يزداد احتمال الإصابة بالأمراض المعدية مع استعمال الكمامات بصفة دائمة عند الوباء واختيار الأماكن ذات التهوية الجيدة. ويضيف أن الحج بما له من خصوصية الزحام والتدافع والسعي والحركة خاصة لكبار السن، يؤدي إلى احتمال انتشار المرض ومن المهم تجنب المشقة الجسمانية والنفسية التي تؤدي إلى الإجهاد للحاج أثناء القيام بالشعائر وكذلك عدم التزاحم بالأماكن المكشوفة أثناء الظهيرة. وقال الدكتور أحمد محمود كريمة -أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر- يجب على الحجيج عدم مخالفة رأي المجامع الفقهية والمؤسسات الدينية الرسمية فيما أقرته من أحكام زمانية أو مكانية للتيسير على الحجاج نظرا للظروف المستجدة من انتشار الأوبئة والأمراض الفتاكة القاتلة. ولا يجوز التذرع بالاعتبارات والاجتهادات الفقهية الأخرى التي تقلل من خطورة المرض أو التهاون في التعامل مع أخطار هذا الوباء، كما لا يجوز أن يكلف الإنسان نفسه ما لا تطيق ويتشدد في أداء مناسك الحج. وأضاف أن أحكام الشرع الإسلامي يقصد بها تحقيق مصالح الإنسان، وأي أمر يؤدي إلى الإضرار بالفرد أو الجماعة تمنعه شريعة الإسلام ولذلك لابد للحاج من الالتزام برأي المؤسسات المعنية والتمسك بالإجراءات الوقائية والصحية والتنظيمية التي تصدرها حتى يؤدي حجاج بيت الله الحرام هذه الفريضة في يسر وسلام وسكينة ولا تحدث أزمات أو كوارث تؤدي إلى انتشار المرض مما يهدد حياة الحجيج.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©