رمضان شهر العمل أم شهر الكسل؟

واظبت عيدة حميد على الصيام منذ كانت في السابعة والآن وقد بلغت التاسعة والثلاثين فإن الصيام بات جزءاً من حياتها الاعتيادية، وهو بحسبها قمة الروحانية والهدوء النفسي · بيد أنها تؤكد عدم رغبتها في العمل وهى موظفة في القطاع الحكومي خلال شهر رمضان المبارك، فضلا عن عدم تحمسها لأن يلج العام الدراسي الجديد متزامنا مع رمضان خصوصاً أن ابنتها الكبرى تستعد هذا العام لخوض غمار الثانوية العامة· يتفق موظفون على صعوبة العمل أثناء الصيام، وشعورهم بالنعاس والحاجة للنوم، وعدم المقدرة على الإنتاج بصورة طبيعية كما هو الحال في أيام الإفطار· في حين يصر آخرون على أن الصيام لا يعيق العمل والعطاء· إلى ذلك، تقول الممرضة لمياء مندوس: ''إن طبيعة عملي تستوجب دوام ورديات صباحية ومسائية ولكن تلك الأولى تشكل لدي صعوبة شديدة خلال الشهر الكريم، وأشعر طوال ساعات الدوام بعدم القدرة على الاستمرار في العمل ليس تقصيراً ولكن بحكم الصيام''· وتقول المعلمة آمنة حمد: ''لا أستطيع أبداً القيام بعملي على أكمل وجه خلال شهر رمضان المبارك حيث أنني اشعر بتعب وإرهاق كبيرين جراء الشرح والقراءة والوقوف لساعات لذا فإنني قدمت على أجازة لأكرس وقتي للعبادة والتفرغ الكامل لشهر رمضان المبارك بدلاً من الذهاب إلى العمل''· وتعترف منى خليفة، الموظفة في أحد البنوك، بأنها ''تعاني من حالة عصبية شديدة خلال العمل في رمضان''، آملة أن ''تحظى بإجازة فيه، أو أن تتغير ساعات الدوام لتصبح في المساء''· وتقول نور فوزي، منسقة فعاليات، إن الكارثة الحقيقة ليست العمل في رمضان رغم أنني اشعر بدوار ونعاس طوال ساعات دوامي، بل هي العودة حيث الازدحام الخانق والعصبية التي تتولد لدى الجميع بحجة الصيام والتعب''، مطالبة بإيجاد حل للازدحام وتغيير ساعات العمل لا توحيدها· ويمقت منير الخيام العمل في رمضان وتحديداً ساعات الصباح حيث يصيبه صداع جراء عدم احتسائه القهوة، والتوقف عن التدخين مما يؤدي إلى عصبيته، منوهاً إلى أنه يتأخر كثيراً عن دوامه خلال شهر رمضان· في المقابل، يدحض عبدالقادر الموسى الاعتقاد بأن رمضان شهر الكسل والنوم، مستشهداً بالتاريخ حيث حارب المسلمون في رمضان وانتصروا في ''غزوة بدر'' التي وقعت في السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة، و''فتح مكة'' الذي صادف العاشر من شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة، بالإضافة إلى ''معركة القادسية'' التي وقعت في شهر رمضان في السنة الخامسة عشرة للهجرة بقيادة سعد بن أبي وقاص· ويؤكد الموسى أن ''رمضان شهر العبادة والقيام وتلاوة القرآن، غير أن هذا لا يمنع العمل بجد وعدم التقاعس والتعامل مع الآخرين بروح جميلة، لأن الصوم الحقيقي يطهر النفوس ويزكيها ويجعلها تسمو عن الهفوات وعن سقط الأمور''، مشدداً أنه ليس من عذر للصائم بأن يتطاول على أحد بحجة الصيام· ويبدأ نواف عويس عمله في المطعم في رمضان بعد الظهر وهي الفترة التي يشتد فيها جوعه وظمأه، غير أنه يؤكد أنه يمارس عمله بكل هدوء، لافتاً إلى أنه يؤخر تناوله للطعام حتى ساعتين بعد أذان المغرب بسبب طبيعة عمله التي تتطلب منه الانتظار حتى يغادر الزبائن المطعم· ويفضل جمال نهرو، الذي يعمل مترجما، العمل في رمضان، عازيا ذلك إلى أن ''ساعات العمل قصيرة، والجميع هادئ ما يساعده على إنجاز عمله بهدوء وسرعة''·