المُلك لله وحدَه

'' لا إله إلا الله '' كلمةٌ سواءٌ بيننا وبين العالمين، ينبهنا الله سبحانه وتعالى إلى مبناها ويأمرنا بمعناها، ويكرر علينا المرة تلو الأخرى ويبين لنا أن هذه الكلمة هي حقيقة وجودنا في العالمين·· يقول تعالى: لِلَّهِ مَا فِى السَّمَوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ وَإِن تُبْدُوا مَا فِى أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ البقرة :الآية 284 هذه الآية تُلَخِّص طريق المسلم في حياته وهو في جميع أوضاعه وأحواله بكلمات يسيرات، لما صدرت عن ربنا سبحانه وتعالى في هذه البلاغة العالية كانت دستورًا للمسلمين أن تعلن في نفسك أن الله سبحانه وتعالى يملك، يخلق، يرزق، يحيي ويميت، يوجد، يفني· والسؤال ما الذي نستفيده من أن السموات والأرض وما فيهما وما بينهما ملك لله وحده ؟ أول ما نستفيد أن لا نخاف غيره، فنخرج السوى من القلب، أي نخرج سوى الله؛ فلا نلتفت إلا إلى الله· والدرس الثاني: أن لا ترجو إلا الله؛ لأنك إذا أخرجت السوى من قلبك واعتقدت كما كرر الله عليك في الكتاب مرة بعد مرة أن الملك لله، فإنك لا تلتجئ إلا إلى صاحب الملك، فإذا خليت قلبك من السوى من بشر، وشهوة، وسلطان، فإنك لا تتوجه إلا لمن تجده في قلبك، وهو الله، فتتوجه إليه وتخلص له العبادة· والله يعلم ما توسوس به نفسك، ويعلم ما يجول في خاطرك، ويعلم ما إذا كنت قد خليت قلبك عن الأكوان وعبدت الرحمن، أو أنك قد ملأت قلبك بالشيطان· الله سبحانه وتعالى يعلم ما في نفسك، ويحاسبك به· ولكنه لا يحاسبك على الخواطر ولا على ما حدثت به نفسك من الآثام والذنوب فهذا أمر هين يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله قد عفا عنا فيه (إن الَّلهَ تَجَاوَزَ عن أُمَّتي ما حدَّثَت به أنفُسَها، ما لم تَعمَل أو تَتكلم) (البخاري) · إنما الذي يحاسبنا به الله هو قرارك الذي وقر في قلبك: هل تعبد الله وحده وتثبت له الملك وتخلي قلبك من الاعتماد على سواه أو أنك قررت أن تلجأ إلى الناس كما تلجأ إلى رب الناس· فإن وجدك من النوع الأول الذي توكل عليه حق توكله وربط قلبه بالله ·· فإنه يغفر لك خطاياك، حيث يدعوك إيمانك وتعلق قلبك بالله بأن ترجع عنها، وأن تعود إليه